شارك رائد الصالح، مدير الدفاع المدني السوري المعروف بـ”الخوذ البيضاء”، في جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول سوريا، في خطوة اعتبرها مراقبون ذات أهمية رمزية، بينما يبدو الموقف الدولي أكثر إيجابية من ذي قبل.
وانتقد الصالح تجاهل الإحاطة الدولية للهجمات بالطائرات المسيّرة التي نفذتها قوات الأسد وحلفاؤها ضد المدنيين في شمال غربي سوريا، حيث أسفرت عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين، بينهم أطفال.
ووجه نقدا لاذعا لسلطة الأسد مؤكدا على إجرامها، واستهدافها لمنشآت البنية التحتية الحيوية مثل المدارس والمزارع، كما شدد على أهمية التركيز على معاناة الضحايا وعدم السماح للمجرمين بالإفلات من العقاب.
وقال حسام نجار الكاتب والصحفي السوري، والمحلل السياسي الدولي، لموقع حلب اليوم إن حضور رائد الصالح “نقطة هامة، وتحول جيد ومتطور، كما كانت كلمته جيدة”.
وقد أشار الصالح إلى دور الدفاع المدني في توثيق الانتهاكات، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية، واعتبر أن هذه الجهود أغضبت روسيا التي تسعى لتشويه صورة المنظمة، داعيا إلى إيجاد آلية واضحة للمحاسبة لتحقيق العدالة ومنع تكرار الجرائم ضد المدنيين في سوريا.
وأضاف نجار: “لو ابتعد في كلمته عن ذكر غزة وفلسطين في هذا المجال وركز على دور روسيا في محاولة تدمير سوريا، والإخلال بتوريدات الطاقة، لكانت كلمته أكثر تأثيراً ولأحدثت ضجة كبيرة، لكن مجرد حضور يعتبر رمزاً للإنسانية”.
تغير في المزاج الدولي
بدت الدول العربية والإقليمية والغربية أكثر تفهما لموقف المعارضة السورية خلال الأحداث الجارية، حيث خفّ الحديث عن وجود فصائل “إرهابية” ومرتبطة بالقاعدة، بل أكدت العديد من هذه الدول حق السكان في الدفاع عن أنفسهم والعودة إلى أراضيهم.
ورغم تأكيد تركيا عدم وجود دور لها في المعركة الجارية، فقد أشارت إلى أن الخطأ يقع على سلطة الأسد لرفضها كافة الحلول، وعدم الاستماع للمعارضة.
وبدت إيران غاضبة من الموقف التركي، وتوعدت بالقضاء على الهجوم، فيما لا يزال الإسناد الروسي للأسد ضعيفا جدا.
ودعم أيضا الموقف الأمريكي والغربي حضور الصالح في مجلس الأمن، مما أضعف موقف مندوب سلطة الأسد الذي روّج لنفس الاتهامات للفصائل بالإرهاب واستهداف المدنيين.
وقبل أن يبدأ الصالح كلمته غادر الوفد الروسي قاعة الاجتماع، حيث كان الروس قد اعترضوا بشدة على مشاركته، حيث تتهم موسكو الخوذ البيضاء بدعم “الأنشطة الإرهابية”.
وحول ما إذا كان هناك تغير فعلي في المزاج الدولي حول سوريا؛ قال نجار إنه بالتأكيد مختلف بعد التطورات والأحداث الدامية التي حصلت لحزب الله وإيران في المنطقة، وكذلك التقدم السريع لإدارة العمليات العسكرية التي أحدثت جزءً من هذا التغيير.
يضاف لذلك الموقف الأوروبي بعد وصول معلومات استخباراتية عن اعتقال العائدين من دولهم لسوريا وتصفيتهم، حيث هناك أسماء موثقة، كذلك تصريحات بعض أعضاء مجلس النواب الأوروبي بأنهم مستعدون للإعتراف بهذا التقدم لو استمر ابتعادهم عن العنف والانتقام والاهتمام بالحالة الانسانية، وفقا لنجار.
ودعا المحلل السياسي السوري لاستمرار تقدم إدارة العمليات العسكرية، “لأن من يملك الأرض يستطيع التحكم بالقرار وهذا ما كان يعمل عليه النظام سابقاً، حيث يفرض رأيه من خلال تلك الورقة، وكل متر تستطيع تلك العمليات امتلاكه يعتبر مكسبا من عدة جهات”.
واعتبر أن “ما يعد لسوريا محكوم بهذا المسافات من الأرض”، مضيفا: “من هذا المنطلق أتوقع أن يتم تطبيق القرار 2254، وكذلك إنجاز الدستور واعتماد نظام الإدارة المحلية الموسعة القريبة من نظام الفدرلة و تقليص صلاحيات الرئيس ومنح رئيس الوزراء صلاحيات أكبر”.
وتدور المعارك الحالية على مشارف مدينة حماة وسط البلاد، ويعتبر الريف هناك بمثابة الخزان البشري لما يعرف بالشبيحة، حيث توجد معاقل الميليشيات الموالية، لكن إدارة العمليات أكدت أنها ستعطي الأمان لمن يلقي سلاحه، داعية الأهالي لعدم النزوح.
ويسبب هذا التقدم نحو الجنوب خوفا حقيقيا لدى سلطة الأسد من سقوط حمص في يد الفصائل، ومن ثمّ دمشق، ما يهدد بقطع الطرق بين الساحل والجنوب، حيث تحدثت مصادر محلية عن مغادرة عناصر الميليشيات والضباط وعوائلهم نحو الساحل خوفا من التعرض للحصار قرب العاصمة.
وتعمل الإدارة العسكرية على طمأنة السكان، ونشر رسائل إيجابية حول الثورة وأحقية الشعب بالدفاع عن نفسه، كما تعمل على عودة الخدمات في أسرع وقت ممكن.