يتراجع عدد السوريين في الأردن بشكل مستمر، وفقا لبيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيما تتزايد الصعوبات المعيشية التي يقاسونها.
وقالت المفوضية في تقرير إن عدد اللاجئين السوريين المسجلين لديها في الأردن، نزل إلى أقل من 620 ألف لاجئ، موضحة أن ذلك يعود إلى إعادة توطين نحو 6,250 لاجئًا سوريًا في “بلد ثالث”، وعودة.آخرين إلى سوريا.
وتستقبل الدول الأوروبية الآلاف سنويا من السوريين وغيرهم، وفق برنامج إعادة التوطين الذي يتيح لطالبي اللجوء الحصول عليه بعد تقديم طلباتهم عبر مكاتب الأمم المتحدة.
ويمثل هذا العدد (6,250 حتى نهاية تشرين الأول 2024) انخفاضا بالمقارنة مع 9,760 لاجئًا تم إعادة توطينهم خلال عام 2023 الفائت.
وبحسب ما قالته يمن حلاق الباحثة في الشبكة السورية لحقوق الإنسان، لموقع حلب اليوم، فإن اللاجئين السوريين في الأردن يعانون عدة صعوبات معيشية، وذلك في كل دول الجوار السوري.
وأوضحت أن معظمهم ليست لديهم استطاعة لدفع الأموال، ويواجهون صعوبات للحصول على تصاريح العمل أو الإقامة السنوية، وسط ظروف صعبة وارتفاع لمستويات الفقر في صفوفهم.
أمام هذا الواقع، يلجأ الكثير من السوريين في الأردن أو تركيا أو لبنان إلى تقديم طلبات عبر مكاتب الأمم المتحدة، والانتظار ربما لسنوات، على أمل الانتقال لأية دولة من دول الاتحاد الأوروبي.
أما عن العودة إلى سوريا فهي محفوفة بالمخاطر، مع السيطرة التامة لسلطة الأسد على المعبر الوحيد الذي يربط الأردن بسوريا (معبر جابر – نصيب)، حيث يواجه العائدون خطر الاعتقال والتصفية.
وذكر تقرير المفوضية أن عدد العائدين طوعًا من الأردن إلى سوريا هذا العام بلغ 5,520 لاجئًا ليصل إجمالي العائدين منذ عام 2016 إلى 74,725 لاجئًا سوريًا.
وتحذّر حلاق من الترويج لفكرة العودة لسوريا، مؤكدة أنها ليست آمنة بالمطلق، وأن بعض حالات العودة التي تحدث لا تزال فردية ومحدودة وهي ناتجة عن كثرة الضغوط التي يتعرض لها اللاجئون، والتي تخشى أن تكون مقصودة.
وأعفت الحكومة في الأردن اللاجئين على أراضيها من المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من بعض الإجراءات التي قد تعيق تعليم أبنائهم في المدارس الحكومية، الشهر الماضي، لكن ذلك الإعفاء لم يشمل السوريين، دون توضيح الأسباب.
ووجه وزير التربية والتعليم بإعفاء اللاجئين من غير الجنسية السورية، والمسجلين لدى المفوضية من شرط الحصول على تصريح عمل أو الإقامة السنوية كشرط مسبق للحاق أبنائهم بالمدارس للعام الدراسي 2024/2025.
كما اشترط الوزير تصويب أوضاعهم خلال مدة أقصاها 30/6/2025، “حرصا على استمرارية حصول الأطفال اللاجئين على حقهم في التعليم”.
وحول أسباب استثناء السوريين من القرار، قال أحمد فهيم المحلل السياسي الفلسطيني الأردني، لموقع حلب اليوم، إنه يعتقد أن الموضوع مرتبط بالضغوطات التي يواجهها اقتصاد الأردن، وضعف التمويل الدولي، وذلك “بلا أدنى شك”، مضيفا أن هذا الأمر ليس بالجديد، فعمان تواجه مشكلة حقيقية في هذا الإطار منذ أمد بعيد.
لكن حلّاق رأت في القرار “تمييزا ضد السوريين مئة في المئة”، لافتة إلى أنهم يعانون أصلا من مسألة استخراج تصاريح العمل والإقامة السنوية، لأن هذا النوع من الأوراق يرتبط بحصولهم على أوراق ثبوتية من سوريا وهناك “أزمة أوراق ثبوتية حقيقية بالنسبة للسوريين”.
وأشارت إلى أن هناك كثيرا من السوريين لا يستطيعون استخراج الأوراق الثبوتية بسبب وضعهم الأمني، وسلطة الأسد تستخدم ذلك كسلاح ضدهم، كما أن من يستطيع استخراج تلك الأوراق عليه دفع مبالغ كبيرة تبدأ أحيانا من 50 دولارا، وتصل إلى 300 دولار، وذلك للأوراق العادية مثل إخراج القيد وغيره، أما جواز السفر مثلا “فكلنا يعلم أن تكلفته أعلى بكثير”.
وحول الجهة التي تتحمل المسؤولية، رأى الباحث الأردني أن “الأردن الرسمي يرى المجتمع الدولي تخلى عن اللاجئين السوريين، وأن بعض الجهات المانحة والممولة للاجئين السوريين في الأردن تعتقد بأنه لا توجد أسباب موجبة لبقائهم هناك، فبعض الجهات المانحة تعتقد أن الأوضاع في سوريا استقرت، وبات حاليا على هؤلاء العودة الطوعية إلى ديارهم”.
وأكدت حلاق أن هناك انخفاضا مستمرا في الدعم المخصص للاستجابة الإنسانية، خلال السنوات السابقة، وذلك بسبب وجود أزمات أخرى حول العالم تؤدي إلى تحويل الأنظار عن سوريا من ناحية، ومن ناحية أخرى بسبب انتشار فرضية أن “سوريا آمنة”.
ولفتت إلى أن ملف اللاجئين يُستخدم للضغط على عدة جهات، فأوروبا لم تعد بحاجة إليهم، ولا تريدهم أن يتدفقوا إلى أراضيها ودول الطوق في أوروبا بدأت بممارسات الإعادة القسرية، رغم أن أن “سوريا ليست آمنة، واحصائياتنا تثبت هذا الشيء فالانتهاكات والاعتقالات مستمرة حتى للاجئين المعادين قسريا”.
وأكدت أن “الدول مع الأسف تبحث عن ذريعة للتخلص من حمل اللاجئين”، لكن الأردن هنا، وفقا لفهيم، “معني بلفت أنظار المجتمع الدولي إلى أنه يتكبد خسائر وتبعات اقتصادية لا ترتبط فقط بالتعليم بل بجميع مناحي الحياة.. فضلا عن أن المنطقة الآن تمر بحالة من الغليان الذي قد تنتج عنه موجات جديدة من اللاجئين”.
ولفت إلى ضرورة “التحوط واتخاذ ما يلزم من إجراءات تحسبا للأسوأ لا سمح الله.. لأنه في مثل هذه الحالات يجب أن تكون دولة مثل الأردن في موقع جاذب للاجئين، ويجب أن تكون مهيأة ومستعدة من نواحي اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية لأي ظرف طارئ أو مفاجئ”.
يُذكر أن على السوريين التسجيل في مفوضية شؤون اللاجئين، للحصول على بطاقة الخدمة الخاصة بهم، لكن ذلك غير متاح لشريحة كبيرة منهم وهو ما يحرمهم من بعض الحقوق.