في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشمال السوري، ظهرت الحاجة إلى إيجاد مزيد من الحلول من أجل العمل، وفيما يلجأ الشباب للبحث الدؤوب عن الفرص، كانت قهوة الطرق إحدى أبرزها.
تعد القهوة إحدى أكثر المشروبات شعبيةً على مستوى العالم، ولها مكانة خاصة في الثقافة اليومية للمجتمع السوري، وبدأ إنتاج القهوة عبر ماكينات الضغط المستوردة من إيطاليا يأخذ مزيدا من الاهتمام منذ عقدين، ولكن في السنوات الأخيرة شهدت إقبالا متصاعدا.
ولم تؤثر صعوبة الأوضاع المعيشية، على مستوى الإقبال الشعبي على هذا المشروب، بل زادته بخلاف المتوقع، حيث انتشرت تلك الماكينات بشكل لافت وغير مسبوق.
يقول الشاب “وسيم .ح”، لحلب اليوم، إنه عندما عاش لسنوات خلت في تركيا لم يكن يجد هذا النوع من القهوة إلا بصعوبة، وفي الغالب ما يكون صاحب المحل سوريا، حيث أن الأتراك يفضلون الشاي، أو نوعا من القهوة اعتادوه، لا يتناسب مع ما يرغبه معظم السوريين.
وبعد عودته إلى بلده بسبب تغير الأوضاع والظروف في تركيا، وجد الشاب المنحدر من ريف دمشق واقعا مختلفا في الشمال السوري، حيث يوجد إقبال منقطع النظير على ذلك المشروب.
ومما شجّعه على افتتاح مشروعه للقهوة، انخفاض أسعار الماكينات، حيث باتت تتراوح بين 200 و500 دولار أمريكي، فيما كانت تباع قبل سنوات ما بين 1000 و 1500 دولار.
يقول الشاب إن كثرة استيراد تلك الماكينات، حالها حال ما يُعرف بالبضائع الأوروبية، زاد في كمية المعروض بشكل كبير، مما أدى لانخفاض أسعارها، مع العلم بأن ما يُسْتَوْرَد هو المستعمل فقط.
من جانبه يرى الشاب “حسن .م” وهو عامل “بيتون” أن انتشار البطالة وقلة العمل زاد انتشار هذا الصنف المحبوب من القهوة، حيث يجد الكثير من الشبان أنفسهم خالين لأوقات طويلة، مما يدفعهم لتمضية أوقاتهم في تناول هذا المشروب الذي يجمع الأصدقاء حوله.
كما أن قلة فرص العمل في الشمال السوري دفعت الشبان الراغبين لافتتاح محال أو بسطات أو سيارات مزودة بتلك الماكينات، حيث يفضلون هذا الشغل البسيط المتاح على البطالة.
تكتسب قهوة “البرس” (تعني في الإنكليزية الضغط) طعمها الفريد من استخلاص نكهة البن، عبر ترتيبة خاصة تعتمد على ضغط حبات البن المطحونة بعيار طحن محدد في مصفاة مخصصة؛ ينفذ منها الماء فقط حاملا معه طعم القهوة المركز دون شوائب ورواسب البن.
وهو ما يشكل نوعا من الإدمان لدى عشاق القهوة، يدفعهم لتناولها بشكل يومي، بغض النظر عن الإمكانات والقدرة المالية المتاحة، لكن سعر الفنجان لا يزال مقبولا مقارنة بعموم الأسعار حيث يبلغ 10 ليرات تركية فقط في عموم الشمال السوري.