جددت الطائرات الحربية الإسرائيلية غاراتها على بلدة القصير ومحيطها في ريف حمص، وسط سوريا، قرب الحدود مع لبنان، حيث تعتبر أبرز مناطق نفوذ ميليشيا حزب الله.
وركّزت الغارات أمس الأربعاء، على الجسور والطرق بالمنطقة، حيث تعتبر القصير نقطة ربط بين مناطق سيطرة الميليشيا في كل من سوريا ولبنان، وتمر عبرها أبرز طرق الإمداد بالأسلحة فضلا عن طرق التهريب.
وشملت الضربات أيضا مواقع الفرقة الرابعة؛ أكثر الفرق في قوات الأسد ارتباطا بإيران وميليشياتها، وسقط نحو 15 جريحا من الطرفين في تلك الضربات، وفقا لمصادر محلية.
وقال مصطفى النعيمي المحلل السياسي المختص بالملف الإيراني، لموقع حلب اليوم، إن هناك الكثير من الميليشيات الإيرانية في سوريا وأبرزها حزب الله، مرجحا أن تكون الساحة السورية “أحد مسارح العمليات التي ستلحق بالساحة اللبنانية بالدرجة الأولى”.
وأكد أن هناك تواصلا مباشرا بين تلك الميليشيات، التي لا يمكن فصلها عن بعضها، كما أن قوة الرضوان التابعة لحزب الله ما زالت موجودة في الجنوب السوري وتشكل عائقا لأي تفاهمات سياسية مستقبلية، لذا فإن إسرائيل ستتخذ إجراءات لإحباط أي تهديد في أي مكان بسوريا.
وكانت جبهة الجولان في الجنوب السوري قد شهدت تحركات عسكرية محدودة وغير مفهومة، وسط مخاوف لدى السكان المحليين من إمكانية حدوث اجتياح بري، وهو ما يراه النعيمي ممكنا، حيث أوضح أن كل تلك التحركات تأتي استعدادا لمعركة محتملة قد تنشب في أي لحظة.
واستدرك قائلا: “ربما تكون تلك المعركة مغايرة للعمليات السابقة؛ نظرا لأن تل أبيب تعتمد في عملياتها العسكرية على عنصر المباغتة في استهداف خصومها لتحقيق أكبر ضرر يلحق بهم في هذا الاشتباك”.
وكان وزير الخارجية الأردني قد زار دمشق مؤخرا، لإيصال “رسالة شفوية” للأسد، وقال مراقبون إنها تضمنت مطالبته بلجم الميليشيات الإيرانية، وتحييد الأرض السورية عن الصراع لتجنب التعرض للضربات.
وأخلت الميليشيات الإيرانية مقراتها في عدة مواقع شرقي البلاد، خاصة في مدينة البوكمال شرقي دير الزور، وتوجه قسم منها إلى منطقة البادية القريبة من الحدود السورية – العراقية، وقسم آخر انتشر عناصرها في مواقع متفرقة تجنبا لتشكيل التجمعات، وفقا لمراسلنا.
وتمثل المنطقة الممتدة من البوكمال إلى ريف حمص، عبر البادية السورية، خط إمداد رئيسي من إيران إلى حزب الله جنوب لبنان، مرورا بالعراق، وذلك بسبب قطع طريق دمشق بغداد عند معبر التنف من قبل الأمريكيين.
وتعرضت مقار وآليات الميليشيات الموالية لإيران هناك لعشرات الضربات الجوية، على مدى السنوات الفائتة، فيما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن ذلك.
وللمرة الأولى تستهدف الغارات أمس جسورا وطرقا بالمنطقة، حيث تركزت الضربات على مدى السنوات السابقة على مخازن الأسلحة ومستودعات الصواريخ، ومراكز الأبحاث وتصنيع المسيرات.
وقال الجيش الإسرائيلي إن ضرباته استهدفت الأربعاء “طرقا تربط الجانب السوري من الحدود بلبنان، وتستخدم لتهريب أسلحة إلى حزب الله”، وبحسب وكالة “سانا” فقد شن الجيش الإسرائيلي غارات “من اتجاه الأراضي اللبنانية مستهدفا جسوراً على نهر العاصي والطرق على الحدود السورية اللبنانية في منطقة القصير بريف حمص”.
وشنت إسرائيل في الأسابيع الماضية غارات واسعة على المناطق الحدودية التي تضم معابر بين لبنان وسوريا، ما أخرج معبري جديدة يابوس-المصنع، وجوسيه-القاع، عن الخدمة، كما استهدفت معابر وطرق التهريب في منطقة القصير، وجسرا في البلدة يصل بين ضفتي نهر العاصي.
وكانت مصادر إعلامية إسرائيلية قد تحدثت عن استعداد روسيا للمشاركة في الجهود المبذولة لوقف إمداد حزب الله بالأسلحة عبر الساحة السورية، من خلال ضمان تنفيذ بشار الأسد لذلك، ضمن خطة تسوية من أجل وقف الحرب الدائرة في المنطقة.
يأتي ذلك عقب توسع الغارات الإسرائيلية في الشمال السوري، حيث ضربت منذ أيام مستودعات أسلحة ومقرات لحزب الله وميليشيات أخرى إيرانية في سراقب بريف إدلب الشرقي، وهي المرة الأولى التي تستهدف فيها تلك المنطقة.
وتشن الطائرات الإسرائيلية غارات شبه يومية على سوريا، فيما تؤكد تل أبيب رفضها القاطع لبقاء البلد ممرا للأسلحة، وكان عدة مسؤولين إسرائيلين قد هددوا صراحة باستهداف الأسد وإسقاطه أو احتلال أراض سورية جديدة، ما لم يتم وضع حد لذلك.