دعا وزير الدفاع التركي يشار غولر، بشار الأسد لاستغلال العرض التركي بتطبيع العلاقات، معتبرا أنه بمثابة فرصة له، فيما أكد أن الجيش السوري الحر سيكون “نواة الحل” في المستقبل.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد شارك في القمة الإسلامية التي جرت مؤخرا بالمملكة العربية السعودية، والتي حضرها بشار الأسد ممثلا عن “سوريا”، ورغم توقع البعض حدوث لقاء بين الجانبين إلا أن ذلك لم يتم.
وقال غولر في مقابلة تلفزيونية، بشأن إمكانية عقد لقاء بين أردوغان والأسد، إن “أردوغان اليوم زعيم عالمي وعندما يتحدث فإن على الطرف الآخر (بشار) أن يأخذ كلامه على محمل الجد وأن يفكر جيدا في هذا العرض”.
أما بخصوص مصير الجيش السوري الحر، في حال أنجزت تركيا التطبيع مع الأسد، قال الوزير التركي إن “الجيش السوري الحر هو من سيقوم ببناء سوريا الجديدة”.
وفي تعليقه على ذلك وصف المحلل الإستراتيجي والعسكري العقيد إسماعيل أيوب، في إفادته لموقع حلب اليوم، تصريحات وزير الدفاع التركي بالمهمة، لكنه لفت إلى أهمية الموقف الأمريكي في أي اتفاق قد يحصل.
وقال إن أي اتفاق سوف يكون في المنطقة، سيحتاج لموافقة الولايات المتحدة الأمريكية، حتى يمر، فهي من تتحكم في كافة الملفات.
ووصف يشار العرض التركي للأسد بالتطبيع بأنه، “فرصة كبيرة لسوريا المدمّرة”، معتبرا أنه بوابة الحل الذي سيضع حدا للملفات العالقة، والتي أوضحها في تصريحات سابقة، حيث تتمحور حول محاربة “التنظيمات الإرهابية” وإعادة اللاجئين.
وأضاف: “عندما نقول اليوم الجيش السوري الحر فإننا نعني الجيش الذي سيشكل نواة الجيش السوري في المستقبل وهذا أمر إيجابي بالنسبة للأسد”.
لكن أيوب يرى أن هذا الأمر ما تزال دونه عوائق كثيرة، حيث “يحتاج الجيش الحر إلى ضباط أكفاء يحملون شهادات علمية يعلمون كيف تتشكل وتُبنى الجيوش، وهو الأمر المفقود حاليا، فنحن نحتاج إلى خبراء بالعلم العسكري، وليس إلى أناس طيعين جدا بأيدي الدول المجاورة تم تنصيبهم كقادة يحملون الرتب وبعضها عالية من رتبة عميد فما دون، بينما يعمل ضباط أكفاء تحت إمرتهم”، على حد وصفه.
ويرى العقيد السوري أن “الحل – فيما لو حصل – يحتاج إلى غير هذا الترتيب، لكن حالة الفوضى الموجودة بالمنطقة يبدو أنها طويلة، ولا يبدو أن واشنطن ستسمح ببناء اقتصاد أو ديمقراطية في سوريا، لأن وجود الديمقراطية في الشرق الأوسط تعني التقدم والازدهار، أما وجود الديكتاتور فيعني بقاء البلد في حالة الدمار”.
وكانت سلطة الأسد قد اعتبرت أن انسحاب القوات التركية من سوريا، شرط أساسي لانطلاق أي حوار، لكنها تراجعت عن ذلك فيما بعد وطالبت أنقرة بالإقرار بضرورة مناقشة الموضوع.
وتؤكد تركيا أنها ترغب بالانسحاب، لكن الأمر غير قابل للنقاش في الوقت الحالي، وترى ضرورة تجنب الحديث حوله، حتى يتم حل باقي الملفات.
وحول ذلك قال غولر إن “هناك شروطا الآن يجب أن تتحقق أولا؛ أهمها ضمان أمننا القومي”، قبل بحث مسألة الانسحاب، منوها بأن بلاده بنت جداراً عازلاً على طول الحدود مع سوريا، كما أن لديها أنظمة مراقبة متطورة لمنع أي تسلل عبر الحدود.
وأشار أيوب إلى أن التقارب التركي المزعوم مع سلطة الأسد والذي من المفترض أنه بواسطة روسية، “لم يحصل لأن واشنطن يبدو أنها غير راغبة فيه”، مضيفا أن “الولايات المتحدة الأمريكية هي القوة الوازنة، وهي التي تمسك كل أحبال اللعبة في سوريا والعراق وهي التي تتحكم بكافة الأمور”.
وتساءل: “هل سيكون هذا الجيش السوري الحر هو نواة الجيش السوري المستقبلي؟ من المؤكد لا.. قطعا، في حال حصل حل للأوضاع في سوريا، فإن ذلك سيكون بالاستعانة بالضباط المؤهلين القديمين المنشقين أو المنخرطين بالجيش الوطني أو المنشقين في دول اللجوء سواء في الأردن أو في تركيا أو في لبنان أو حتى في أوروبا”.
ومضى العقيد السوري بالقول: “من المؤكد أنه سيتم الدمج بين هؤلاء الضباط وبين من لم تتلوث أيديهم بدماء السوريين مما يسمى الجيش العربي السوري، ولكن كل ما يقال الآن هو عبارة عن تكهنات وتصريحات وعرض عضلات وكلام إعلامي.. للأسف لا شيء يلوح بالأفق يبشر بحل القضية السورية”.
واعتبر أن القصف الروسي الشهر الماضي، كان “رسالة ضغط موجهة إلى الأتراك مفادها المطالبة بالتخلي عن جبل الزاوية بريف إدلب فيما لو أرادت أنقرة طرد قسد من تل رفعت بريف حلب، ولكن مهما أرادت أي من الأطراف القيام بأي تحرك في الشمال السوري أو غيره فهو بحاجة لأن يحصل على موافقة أمريكية”.
وتعاني المنطقة حالة من التعقيد البالغ تشهدها سوريا، فتركيا “خائفة على أمنها القومي من قسد المدعومة أمريكيا وهذه إشكالية أمريكية – تركية”.. تركيا عضو في حلف الناتو وحليفة أمريكا وبنفس الوقت فإن الأخيرة حليفة pkk وقسد.. هذه المشكلة بين أنقرة وواشنطن يحلّها الطرفان أما بخصوص حل الملف السوري فإن الولايات المتحدة لا تسمح لأحد بأن يجد حلا وهي حريصة على استمرار ما تسميها “الفوضى الخلاقة” “.
وقال غولر إن موقف بلاده من حزب العمال الكردستاني pkk، وفرعه في سوريا المتمثل بقوات قسد، “ثابت ولن تتفاوض مع الإرهابيين فهم يهدد أمن البلاد واستقرارها”.
ونقلت صحيفة حرييت التركية المحلية، عن وزير الخارجية هاكان فيدان، في لقاء خاص لها معه، الأسبوع الماضي، تصريحات بدا فيها متشائما حيال إمكانية حل الملف السوري عبر التفاهم مع الأسد.
أتى ذلك بعد أيام فقط من تصريح أردوغان من على متن طائرة عائدة من مدينة قازان الروسية، عقب مشاركته في قمة بريكس؛ قال فيه إنه سيفعل “ما تقتضيه الضرورة” في سوريا، من أجل “القضاء على الإرهاب من منبعه” فيها، مع مواصلة العمل شمال العراق.
كما أكد أنه ناقش مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين مسألة لقاء الأسد، معتبرا أنها ستكون مفيدة في إطار محاربة “التنظيمات الإرهابية” المرتبطة بحزب العمال المحظور.
وحول رؤيته لكيفية العملية الواجب إجراؤها مع السلطة، قال فيدان إن “البنية المجزأة في سوريا، والتي تشكلت من إنشاء المنظمة الإرهابية ومجموعات مختلفة، والزيادة الأخيرة في الهجمات الإسرائيلية على سوريا، تثير سؤالاً ‘كيف يمكن التطبيع بين تركيا وسوريا؟’ “.
وأضاف أن “بيئة الحرب المجمدة نشأت بين السلطة والمعارضة نتيجة اتفاقيات عملية أستانا”، موضحا أن “وجهة نظر أنقرة وأسلوبها كالتالي: يجب على النظام والمعارضة إنشاء إطار سياسي يمكنهما الاتفاق عليه في بيئة خالية من الصراع، فمن المهم أن توفر بيئة آمنة ومستقرة لشعبها، إلى جانب المعارضة”
ودعا إلى أن يكون هناك تواصل مع المعارضة السورية في “حوار حقيقي”، مؤكدا أن “رغبتنا هي أن يتوصل الأسد إلى اتفاق مع معارضيه”، مستدركا بالقول: “لكن، على حد علمنا، هو وشركاؤه غير مستعدين للتوصل إلى اتفاق مع المعارضة وإجراء التطبيع.. حتى الآن لا يبدو أن الأسد وشركاءه مستعدون لحل بعض المشاكل”.