أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أن تل أبيب ترفض بقاء سوريا ساحة ومعبرا لإيران وميليشياتها، حيث تستمر الهجمات المحدودة والمتقطعة من جهة الجولان.
ولا تزال إيران تستعمل الجنوب السوري كوسيلة للضغط والابتزاز ضد الجانبين الإسرائيلي والأمريكي، فيما يتوعد الجانبان باستهداف ميليشياتها منذ سنوات.
ومع الحرب الإسرائيلية الأخيرة تحولت الأنظار إلى جبهة القنيطرة والجولان، حيث تم نشر دبابات الميركافا، واتخذت قوات الاحتلال هناك بعض التحركات المحدودة، مع تخوف بعض السكان من إمكانية حدوث اجتياح، وسط صمت مطبق من قبل سلطة الأسد.
تصريحات غالانت جاءت بعد “اعتراض مسيرة في منطقة البحر الميت كانت قادمة من جهة الشرق”، حيث تم إطلاق صفارات الإنذار في مستوطنة كفار غلعادي إثر تسلل “مسيرة معادية”، وقال غالانت لصحيفة فايننشال تايمز الأمريكية: “لا يمكننا قبول وجود عسكري إيراني في سوريا”.
وحول ما إذا كانت إسرائيل تسعى لشن هجمات واسعة أو اجتياح بري ضد الأهداف الإيرانية في سوريا، قال مصطفى النعيمي المحلل السياسي المختص بالملف الإيراني، لموقع حلب اليوم، إنه يرجح أن تكون الساحة السورية “أحد مسارح العمليات التي ستلحق بالساحة اللبنانية بالدرجة الأولى”.
لكن المحلل الإستراتيجي والعسكري العقيد إسماعيل أيوب، يؤكد في إفادته لموقع حلب اليوم، أنه لا يعتقد أن القوات الإسرائيلية بصدد الحديث عن دخول بري إلى سوريا، وأن الضربات على مواقع قوات الأسد باتت اعتيادية، خاصة في هذه الآونة حيث تشن إسرائيل حربا على ميليشيا حزب الله وعلى أذرع إيران التي تضر بالأمن القومي الإسرائيلي، وهي موجودة بكثرة في سوريا.
ويضيف أن هناك عمليات استطلاع مكثفة، وأن الأمريكيين منخرطون فيها؛ “لأن ما تقوم به إسرائيل واسع جدا يشمل اليمن والعراق وسوريا ولبنان وغزة وأيضا الضفة.. هناك قوى عظمى تساند إسرائيل في هذا الموضوع”.
وكانت وسائل إعلام أمريكية قد نقلت عن مسؤولين أمريكيين، أمس الاثنين، أن الولايات المتحدة نشرت ست قاذفات من طراز B-52 في الشرق الأوسط وسط التصعيد في المنطقة، فيما أعلنت القيادة المركزية الأمريكية أن مجموعة من طائرات بي-52 وصلت إلى الشرق الأوسط، لكنها لم تكشف عن عددها.
وقالت مجلة “تايم” الأمريكية، إن إيران تعمل على نقل آلاف العناصر من ميليشياتها في العراق إلى المناطق الحدودية بين سوريا ولبنان بهدف “تعزيز قوة الردع لديها”، بينما يزداد تركيز الضربات الإسرائيلية على المناطق الحدودية.
وفي تهديد أمريكي غير مباشر لإيران قالت وزارة الخارجية الأمريكية، أمس، إن أنطوني بلينكن أكد لغالانت “التزام الولايات المتحدة الثابت بأمن إسرائيل ضد تهديدات إيران ووكلائها”.
..
فيما نقلت وسائل إعلام عن الاستخبارات الأمريكية، أن “إيران عازمة على الانتقام من مسؤولين أمريكيين سابقين تعتبرهم مسؤولين عن مقتل سليماني”.
بدوره قال غالانت، إن تل أبيب في حاجة إلى وقف نقل الأسلحة من إيران عبر سوريا والعراق إلى لبنان.
وحول ما إذا كانت إسرائيل تفكر في فتح جبهة جنوب سوريا، قال أيوب إن هناك عمليات خاصة حصلت في القنيطرة، أما اليوم فالتركيز ينصبّ على “إنهاء سيطرة حزب الله جنوب الليطاني، ولا نعلم كيف ستتطور الأمور.. فهذا في علم الغيب لكن الواضح أن إسرائيل تركز على جنوب الليطاني لتأمين حدودها الشمالية بين فلسطين المحتلة وبين لبنان”.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي يوم الأحد الفائت، أن قواته نفذت عملية برية في سوريا وألقت القبض على “عميل لإيران جمع معلومات مخابراتية عن القوات الإسرائيلية في المنطقة الحدودية”، دون أن تحدد تاريخ أو مكان العملية.
وقال بيان الجيش: “خلال عملية استخبارية خاصة على الأراضي السورية جرت في الأشهر الأخيرة، اعتقل الجنود عضوا في شبكة إرهابية إيرانية في سوريا”، يدعى علي سليمان العاصي، وهو مواطن سوري من منطقة درعا جنوب البلاد.
وبحسب الجيش الإسرائيلي فقد “أحبط اعتقال العاصي عملية إرهابية مستقبلية وكشف أسلوب عمل الجهات الإيرانية في جبهة الجولان”، فقد كان “تحت مراقبة مشددة لعدة أشهر حتى تم اعتقاله ونقله إلى إسرائيل للتحقيق معه”.
وأوضح النعيمي أن هناك الكثير من الميليشيات الإيرانية التي وصلت إلى المنطقه لجانب حزب الله، وبات هناك تواصل مباشر بينهم، كما أن قوة الرضوان ما زالت موجوده في الجنوب السوري وتشكل عائقا لأي تفاهمات سياسيه مستقبليه، كما أنها تطلق حتى الآن صواريخ الكاتيوشا من خلف النقاط العسكرية، وهي الصواريخ التي تستخدمها ميليشيا حزب الله في ضرباتها على منطقة الجولان المحتل.
ورجّح أن الجولان سيكون أحد أهم الوسائل التي سيستخدمها الجانب الإسرائيلي في ضغطه على المنظومة الدولية، حيث سيقول الإسرائيليون إنهم ما زالوا مهددين من تلك الجبهة، وبالتالي سيتخذون اجراءات لحمايتها من خلال التوغل البري.
وتبدو جبهة الجولان كما كانت منذ عقود هادئة تماما، إلا أن الدبابات الإسرائيلية تقدمت فيها لمئات الأمتار دون أي اعتراض ولو كان لفظيا من قبل سلطة الأسد.
ويعيش سكان القنيطرة حالة من القلق، منذ أشهر، جراء مشاهدة أبناء المنطقة لحشود القوات الإسرائيلية على الجانب الآخر من الحدود، وتحركها بشكل غير مفهوم.
وبحسب الخبير في الشأن الإيراني فإن الهدف الإسرائيلي هو “قطع الطريق الرابط ما بين طهران ودمشق وإضعاف المحور برمته؛ سواء العراقي الذي يعتبر شريان الاقتصاد الرئيس لكل هذه الميليشيات أو اللبناني الذي أصبح في أضعف حالاته”، مؤكدا أن “الضربات التي استهدفت حزب الله، أضعفته بشكل كبير، وأدت إلى تحييد الكثير من المؤسسات الاقتصادية، وبعض المؤسسات الإعلامية”.
وأشار إلى أن تلك الاستهدافات بدأت في لبنان وستنتقل إلى سوريا ثم إلى العراق وصولا إلى إيران، وأن “هذا ما يعلنه الكثير من المسؤولين الإسرائيليين السياسيين والعسكريين، حيث يقولون إنهم مضطرون للانتقال لمرحلة استهداف رأس الأخطبوط وليس الذيول”.
وكانت القوات الإسرائيلية قد عززت قدراتها القتالية والهجومية من خلال دبابات مركافا وعربات نقل الجنود من نوع النمر إضافة إلى حفرها للخنادق ورفعها للسواتر الترابية وتموضع المدفعية الثقيلة طويلة المدى.
وقد هدد رئيس حزب “يمين الدولة” الإسرائيلي، جدعون ساعر، منذ نحو أسبوع، بإسقاط بشار الأسد في حال استمرت إيران باستخدام الأراضي السورية كممر لميليشياتها وطريق إمداد لحزب الله في لبنان.
وقبل ذلك بأسبوعين قال رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان، إن على السلطة في سوريا أن تحذر من السيطرة على مناطق سورية في حال استمرارها وبقائها كقاعدة لإيران وميليشياتها في المنطقة.
وسبق تلك التصريحات تحذير من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من “احتلال دمشق”، حيث اعتبر أن ذلك “يعني وصول الجنود الإسرائيليين إلى حدود تركيا، مما سيؤدي إلى تمزيق خريطة سوريا بالكامل”.