تعاني مدينة حلب الخاضعة لسيطرة سلطة الأسد من انتشار الفوضى وانعدام الأمن في العديد من أحيائها، حيث تزايدت مظاهر الانفلات، وبرزت تجارة المخدرات على نحو علني، إلى جانب غياب الرقابة الأمنية والخدمية.
ونقلت مراسلة حلب اليوم في مدينة حلب شكاوى سكان حي الأعظمية، وخصوصاً القاطنين في شارع بلال، حيث يشتكي الأهالي من تحول الشارع إلى بؤرة للفوضى ومرتع للأنشطة غير القانونية.
انتشار المخدرات
وأوضحت مراسلتنا أن الشارع الذي يمتد على طول الحي، يشهد انتشاراً واسعاً لتجارة المخدرات والتحرش العلني بالفتيات، بينما تعاني المنطقة من غياب تام للرقابة الأمنية، ما يضع حياة السكان تحت تهديد مستمر، ويثير استياءهم من تدهور الأوضاع الأمنية والخدمية.
وأفاد سكان الشارع لمراسلة حلب اليوم بأن شارع بلال لم يعد كما كان عليه سابقاً، فقد أصبح مقرًا للأنشطة الخارجة عن القانون، إذ يقول “أبو محمد”، أحد السكان، إن تجارة المخدرات باتت منتشرة على العلن، مشيرا إلى أن حبة الكبتاغون باتت تُباع علناً وكذلك الحشيش، ما يسهل الحصول على المخدرات ويعرض الشباب والمراهقين للإدمان، دون أي رقابة تذكر.
ويضيف “أبو أحمد”، المقيم في المنطقة منذ عشرين عاماً، أن الشارع أصبح مرتعاً للخارجين عن القانون، حيث يبيع بعض الباعة المخدرات ويخفون الأسلحة تحت ملابسهم، في مشهد يثير الخوف ويهدد الأمان.
وأشار إلى أن الوضع الأمني قد دفع العديد من السكان إلى مغادرة المنطقة مؤخراً بحثاً عن أماكن أكثر أماناً.
شهادات حيّة عن التحرش
تروي السيدة “أم أحمد”، المقيمة في حي الأعظمية، تفاصيل معاناة ابنتها اليومية مع التحرش الذي تتعرض له في أثناء خروجها من المنزل، وتقول “لحلب اليوم”: “أصبحنا نخشى على فتياتنا، ولم يعد بإمكانهن الخروج بأمان، فالأجواء في الشارع لم تعد مطمئنة.”
وأضافت أن بعض الشبان في الحي لا يترددون في إطلاق تعليقات مسيئة، وحتى محاولة الاقتراب من الفتيات بشكل غير لائق، دون أن يكون هناك رادع يوقفهم.
وتؤكد “أم أحمد” أن الأهالي تقدموا بعدة شكاوى إلى قسم الشرطة التابع لسلطة الأسد في المنطقة، مطالبين بزيادة غناصر الشرطة ووضع حد لهذه التجاوزات، إلا أن مطالبهم قوبلت بالإهمال المستمر.
وتقول بغضب: “كأن حياتنا وأمان بناتنا ليس لهما أي قيمة”، مشيرةً إلى أن غياب الرقابة يجعل النساء والفتيات في الحي معرضات للمضايقات بشكل يومي، ما يضيف عبئاً نفسياً كبيراً على الأسر”.
أوضاع بيئية متدهورة
إلى جانب المخاطر الأمنية، يعاني الشارع من إهمال كبير في الخدمات البيئية، حيث تتراكم القمامة بشكل لافت على جانبي الطريق، وعلى إثرها يصف “أبو خالد”، أحد سكان الحي المسنّين، الوضع البيئي بقوله: “تحوّل الشارع إلى مكب نفايات، وهذا يجذب الحشرات والقوارض، ويعرض السكان لأمراضٍ خطيرة”.
وأوضح في حديثه لحلب اليوم أن عمال البلدية لم يظهروا في الحي منذ عدة أشهر، مما زاد من تدهور الحالة الصحية للسكان، وأدى إلى انتشار الروائح الكريهة التي لا تترك مكانًا صالحًا للعيش.
ويؤكد “أبو خالد” أن تراكم القمامة ليس مجرد مشكلة بيئية، بل يؤثر في الحياة اليومية للسكان، ويزيد شعورهم بالعزلة والإهمال، مضيفاً: “حتى الأطفال لا يستطيعون اللعب أمام منازلهم بسبب الأوساخ المتراكمة والحشرات”، يقولها أبو خالد بنبرةٍ يملؤها الحزن والغضب على ما آلت إليه أوضاع الحي.
هذا وتشهد مناطق سيطرة سلطة الأسد انتشارا واسعا للمواد المخدرة، حيث أصبحت تجارة المخدرات أمرا عاديا ومتداولا بشكل علني، في ظل حالة الفلتان الأمني الذي يسود معظم المناطق.
ووفقا لمراسلتنا في مدينة حلب، يتم تصريف المخدرات عبر تجار ووسطاء، يستخدمين وسائل النقل العامة والخاصة لتمويه عمليات التوزيع، وتتزايد هذه الظاهرة بشكل خاص في الأحياء الشرقية للمدينة.
وكانت صحيفة “الغارديان” البريطانية قد وصفت سوريا بأنها أصبحت “دولة مخدرات”، حيث يعتبر تصنيع الكبتاغون في مناطق سلطة الأسد مصدراً رئيسياً لجني الأرباح للاقتصاد المنهار.