على الرغم من مرور قرابة 8 سنوات على سيطرة سلطة الأسد وحلفائها الروس والإيرانيين على أحياء حلب الشرقية، إلا أن الدمار الذي خلفته تلك المعارك ما زال يهيمن على المشهد اليومي للسكان، وسط غياب أي حلول حقيقية لإعادة الإعمار أو تحسين الظروف المعيشية.
وبحسب مراسلة حلب اليوم في مدينة حلب، فإن سكان الأحياء الشرقية لا يزالون يعيشون بين الركام المتناثر في تلك الأحياء، حيث لا تصل الكهرباء إلا لبضع ساعات في اليوم، كما تزداد الطرقات سوءاً وسط تدهور خدمات النظافة والخوف من انهيار المنازل المتضررة جراء القصف السابق والزلزال الذي ضرب البلاد مؤخراً.
محمد.ع، أحد سكان حي الصالحين، يقول لـ”حلب اليوم”: “نحن نعيش وسط الدمار الذي خلفه النظام وحلفاؤه خلال فترة حصاره للأحياء الشرقية، مؤكداً أن كل هذه الأنقاض والمباني المهدمة هي نتيجة قصف متواصل لسلطة الأسد وروسيا عندما كانت فصائل المعارضة هنا”، مشيراً إلى أنه، وبعد كل هذا الدمار لم تعمل سلطة الأسد على إصلاح ما دمرته، ولذلك فالسكان محاصرون بين الأنقاض والخوف من انهيار المباني المتبقية.
إلى جانب الدمار، يعيش سكان أحياء حلب الشرقية تحت وطأة انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، إذ يُشير المسن أبو حسن، 55 عاماً، من حي الكلاسة، في أثناء حديثه لحلب اليوم إلى أن الكهرباء لا تصل إلا 4 ساعات في اليوم، حيث لا يمكنهم استخدام الأجهزة الأساسية أو حتى التدفئة في الشتاء القادم.
يضيف أبو حسن أن الطرقات التي تربط الأحياء الشرقية بباقي أجزاء المدينة مدمرة تماماً، مؤكداً أن الطرق أساساً غير صالحة للاستخدام، وأن السيارات تتعطل باستمرار بسبب الحفر والتشققات الكبيرة، وتحديداً في حي طريق الباب وحي الكلاسة، إذ لا يمكن لأحد قيادة السيارة دون مواجهة مشاكل بسبب سوء الطرق.
تراكم النفايات والخوف من انهيار المنازل
إضافة إلى الدمار الذي خلفته صواريخ سلطة الأسد وروسيا، تواجه أحياء حلب الشرقية أزمة متفاقمة تتعلق بتراكم النفايات في الشوارع، مما يزيد معاناة السكان الذين يعيشون بالفعل في ظل ظروف صعبة، إذ تغيب خدمات النظافة الأساسية بشكل شبه كامل، وهو ما يجعل هذه المناطق بيئة خصبة لانتشار الأمراض والأوبئة.
مراسلة حلب اليوم أوضحت أن أحياء حلب الشرقية تعاني أزمة تراكم النفايات إلى جانب الدمار الذي خلفته صواريخ الأسد وروسيا، وأن حي الفردوس يعتبر أحد أكثر الأحياء تضرراً، حيث تتراكم النفايات في شوارعه بشكل كبير دون أي تدخل لتنظيفها.
وفي السياق ذاته، بيّنت مراسلتنا أن حي الهلك وتحديداً شارع الكهرباء في منطقة أقبنض، يعاني أيضاً من تدهور البنية التحتية وتراكم النفايات، حيث تحولت الحدائق إلى مكبات قمامة.
وبالانتقال إلى حي أرض الحمراء، وخاصة شارع رقم 4، تُشير مراسلتنا إلى أن الحي تحول إلى مكب عشوائي للقمامة، الأمر الذي يُهدد صحة الأطفال بسبب الروائح الكريهة والتلوث.
وعلى صعيد متصل، يعاني حي المشهد أيضاً من تراكم النفايات لفترات طويلة، وفي نفس الإطار، تُشير مراسلتنا إلى أن معظم سكان حي كرم خصيم يضطرون إلى دفع 50 ألف ليرة سورية شهرياً وجمعها، لترحيل النفايات، بسبب غياب خدمات النظافة التابعة لسلطة الأسد.
فيما لا يزال سكان حي عين التل، وتحديداً بجانب مدرسة عبد الكريم الصالح، يعيشون في ظروف صعبة مع عدم حصولهم على تعويضات عن الأضرار التي لحقت بمنازلهم جراء الزلزال، وفقاً لمراسلتنا.
وبالإضافة إلى تراكم النفايات، تؤكد مراسلتنا أن سكان الأحياء الشرقية لا يزالون يتخوفون من انهيار المنازل المتضررة التي تعرضت للقصف سابقاً من قبل سلطة الأسد وحلفائها.
يروي خالد.إ، أحد سكان حي السكري، لـ”حلب اليوم” بأن المباني في الحي تضررت بشدة جراء القصف خلال فترة الحصار، ثم جاء الزلزال الأخير، وزاد الوضع سوءاً، ولذلك يخافون من أن تنهار هذه المباني في أي لحظة، مشيراً إلى أن معظم السكان يعيشون في هذه الأحياء داخل منازل مهددة بالانهيار، لأنهم لا يملكون مكاناً آخر يذهبون إليه.
إهمال متعمد
بالرغم من الدمار الكبير الذي تعانيه الأحياء الشرقية، أوضح المسن أبو أحمد، 57 عاماً، لـ”حلب اليوم” أن سلطة الأسد تتجاهل عمداً إعادة الإعمار في الأحياء الشرقية، وتركز على المناطق الغربية من المدينة.
وأوضح أبو أحمد أن الأولوية لدى سلطة الأسد هي تحسين الأحياء الغربية التي لم تتضرر بالقدر نفسه.
بدوره، أكّد حسن. ع المهندس المدني، لحلب اليوم، أن سلطة الأسد هي من تُعيق عمليات إعادة الإعمار في الأحياء الشرقية بشكل متعمد، كما أن سلطة الأسد لا تسمح بترحيل الأنقاض أو بناء منازل جديدة بحجة أن هذه المناطق تقع خارج المخططات التنظيمية.
وأضاف: سلطة الأسد تنفق الأموال على تعبيد الطرق في الأحياء الغربية مثل الميريديان والفرقان، بينما تترك الأحياء الشرقية غارقة في الدمار، فـسكان حي بستان القصر والمشهد لا يرون أي تقدم في إعادة الإعمار، ولا أحد يهتم بمشاكلهم.
يُشار إلى أن مدينة حلب تعرضت لأكبر قدر من الدمار خلال الثورة السورية، وفقاً لأطلس أصدره معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث (UNITAR) في مارس/آذار 2019.