هدد رئيس حزب “يمين الدولة” الإسرائيلي، جدعون ساعر، بإسقاط بشار الأسد في حال استمرت إيران باستخدام الأراضي السورية كممر لميليشياتها وطريق إمداد لحزب الله في لبنان، وسط حالة من الهدوء الحذر على جبهة الجولان.
ويعتبر هذا التهديد الثاني من نوعه خلال أيام، حيث قال رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان، منذ نحو أسبوعين، إن على السلطة في سوريا أن تحذر من السيطرة على مناطق سورية في حال استمرارها وبقائها كقاعدة لإيران وميليشياتها في المنطقة.
يأتي ذلك فيما تتحدث تقارير ومصادر محلية عن إجراءات محدودة جدا لتحجيم تحركات حزب الله والميليشيات الإيرانية، كما بدأت سلطة الأسد إجراءات محدودة خلال اليومين الماضيين لتحجيم حركة عوائل الميليشيات العراقية.
ويرى المحلل السياسي الروسي ديمتري بريجع، في إفادته لحلب اليوم، أن الشرق الأوسط مقبل على تغييرات كبيرة تشمل سوريا والعراق ولبنان واليمن والمنطقة بشكل رئيسي، مضيفا أن إسرائيل وحكومة بنيامين نتنياهو مهتمة بهذا التغيير الكبير الذي سوف يطرح خلال الفترة القادمة.
وكان ساعر قد انضمّ إلى حكومة بنيامين نتنياهو مؤخرا، وهو الوزير المرشح لتولي وزارة الحرب، وفي حال حدوث ذلك فسيكون له تأثير كبير على الميدان، وفقا لمراقبين.
من جانبه اعتبر الكاتب الصحفي السوري، أيمن الشوفي، أن هناك تغيرات واسعة ربما تنتظر الساحة السورية، وأن من يرسم الخارطة اليوم هو تأثير الدول الفاعلة والقرارات الدولية، حيث من المرجح إنشاء إسرائيل لمنطقة عازلة في الجنوب، وطرد الميليشيات الإيرانية نحو الشمال الشرقي.
أما بخصوص التهديد الإسرائيلي لمكانة الأسد في السلطة، فلم يستبعد أن يكون الأخير قد قرأ الموقف جيدا، وأن يتصرف بما يمكنه من تفادي عواقب التهديد الإسرائيلي، مضيفا أن الملفات الرئيسية المتعلقة بالشأن السوري باتت مرتبطة بالقرار الإسرائيلي – الأمريكي؛ بما في ذلك مسألة بقاء الأسد أو رحيله.. “هل أنهى مهامه؟ هل أنهى الدور الوظيفي له في تدمير سوريا وتفتيتها باستقدام احتلالات خارجية؟”.
وجاءت تهديدات ساعر، خلال مشاركته في مؤتمر “الشرق الأوسط الحقيقي”، حيث تتحدث تل أبيب عن “ترتيب جديد” للمنطقة، ويقول مراقبون إنه امتداد للمشروع الأمريكي “الشرق الأوسط الكبير”.
وقال إن استمرار سلطة الأسد في كونها نقطة عبور للأسلحة الإيرانية يمثل “تهديدًا مباشرًا للأمن الإسرائيلي”، موضحا أن تل أبيب “بحاجة إلى توضيح موقفها للأسد”.
كما حذّر من أن “سلطة الأسد في خطر إذا استمرت في السماح بالعدوان ضد إسرائيل”، معتبرا أن السنوات الماضية، كانت “فرصة ضائعة لإسرائيل لإسقاطه، لكن تلك الفرصة استغلها كل من إيران وحزب الله لتعزيز نفوذهما في المنطقة”.
وأكد أنه “يجب على الأسد أن يدرك أنه إذا اختار التصعيد ضدنا، فإنه يعرّض نظامه للخطر بشكل كبير”.
ويتوقع بريجع أن تكون هناك تغييرات في لبنان بعد إضعاف حزب الله والقدرات العسكرية له، وإضعاف سلطة الأسد وقدراتها العسكرية، كما أنه لا يستبعد أن تحدث تغيرات جوهرية وداخلية في بنية النظام السياسي بسوريا، بالإضافة إلى العراق بعد إضعاف ما يسمى بالمقاومة العراقية، والتي هي جزء من مشروع ما يسمى بمحور المقاومة والممانعة الإيراني في منطقة الشرق الأوسط.
وأكد موقع “اقتصاد” السوري المحلي أن سلطة الأسد رفعت الدعم عن عائلات مقاتلي الميليشيات الشيعية من الأجانب، خلال الأيام الماضية، حيث صدر قرار من وزارة التجارة الداخلية برفع الدعم عن الخبز والمحروقات لمن وصفهم بالأجانب من حاملي البطاقة الإلكترونية.
وادعت الوزارة في توضيح لاحق أنها تقصد البعثات الأجنبية أو القنصليات أو الشركات الأجنبية، لكن الموقع المتابع للملف، نقل عن مصدر خاص من دمشق أن المقصود بالقرار هم عائلات المقاتلين الشيعة من الأجانب، وخصوصاً من أفغانستان وباكستان، وأن القرار في إطار الضغط عليهم لحملهم على مغادرة سوريا استجابة للتحذيرات والضغوط.
وأكد المصدر أن “هناك ارتباكا واضحا في قرار وزارة التجارة الداخلية؛ ومن ثم توضيحها للقرار”، لافتاً إلى أنه “بحدود علمه فإن البعثات الأجنبية والدبلوماسية غير مدرجة ضمن البطاقات الإلكترونية، ولا تحصل على مخصصات من المحروقات والخبز شأنها شأن المواطن السوري أو العربي المقيم في سوريا، أما من يملك مثل هذه البطاقات هم عائلات المقاتلين من الميليشيات الشيعية من الأجانب، والذين يتجاوز عددهم عشرات الآلاف، ما يجعل القرار، ذا جدوى اقتصادية من جهة، ومن جهة ثانية، يمكن اعتباره كوسيلة للتضييق على هذه العائلات، أو القول لمن يطلبون من السلطة دفع هذه المليشيات لمغادرة سوريا، بأنه يقوم بخطوات عملية في هذا المجال”.
جاء ذلك بعد يوم واحد من قرار وزارة التجارة الداخلية برفع سعر ربطة الخبز “للأجانب” ممن يحملون البطاقة الإلكترونية إلى 9 آلاف ليرة، بالإضافة إلى حجب الدعم الخاص بمازوت التدفئة والغاز للمستفيدين الأجانب حاملي البطاقات العائلية الإلكترونية.
وكانت بعض الصفحات الموالية لسلطة الأسد، قد تداولت أنباء عن صدور قرار جديد بمنع دخول أي عراقي إلا بكفيل سوري، وبموجب مدة إقامـة تبلغ 15 يوما فقط، قابلة للتجديد بشروط.
وادعت تلك الصفحات أن القرار يأتي “ردا على تضييق الحكومة العراقية على السوريين”، وأنه اتخذ بموجب مبدأ “المعاملة بالمثل”، لكن متابعين يربطونه – في حال صحته – بالتضييق على عوائل الميليشيات، فيما لم تعلق سلطة الأسد على تلك الأنباء حتى اليوم.