تشهد مدينة إدلب ومساحة واسعة من أريافها، شمال غرب البلاد، أزمة في مياه الشرب، بدأت منذ الأسبوع الماضي، فيما تعد حكومة الإنقاذ بحل المشكلة “قريبا”، دون وضوح الأفق.
وأكد مراسل حلب اليوم، وجود ازدحام على “مصبات” المياه الخاصة المحيطة بالمدينة، حيث تصطف الصهاريج في طوابير، مع ارتفاع نسبي لأسعار التعبئة بنحو 15 في المائة.
المؤسسة العامة لمياه الشرب في مدينة إدلب قالت في بيان نشرته على معرفاتها الرسمية، إن “عودة ضخ المياه ستبدأ فور انتهاء عمليات الصيانة في القريب العاجل”.
ولا يرجع سبب التوقف – وفقا للمؤسسة – إلى وجود أعطال؛ إنما لتوقف دعم منظمة إحسان لمشروع ضخ المياه، حيث قالت المؤسسة إنها استغلت فرصة التوقف تلك، وبدأت عمليات صيانة شاملة لمحطات الضخ لمنع تكرار الأعطال.
يشير أبو محسن من سكان المدينة، لحلب اليوم، إلى أن هناك أزمة حقيقية، بلغت ذروتها خلال الأيام الثلاثة الماضية، حيث نفذت مخزونات معظم الأهالي، بعد نحو أسبوع من توقف الضخ.
وقال إنه بقي يبحث عن صهريج لمدة يومين، حتى استطاع تعبئة خزانه وبسعر أعلى قليلا من المعتاد، أي بسبعين ليرة لكل ألف متر مكعب، وذلك بالنسبة للطوابق دون الثالث.
جاءت تلك الأزمة بعد تعرض محطة مياه “عين الزرقا” لقصف روسي، الأسبوع الفائت، حيث قالت المؤسسة إنها ستضر لوقف الضخ ريثما تنجز أعمال الصيانة، لكنها لم تستأنف عملها، لتعلن بعد ذلك توقف الدعم.
وكانت بعض الآبار الجوفية والينابيع السطحية في الريف الغربي قد تعرضت للجفاف بعد زلزال شباط/ فبراير الذي ضرب المنطقة، ما فاقم أزمة المياه.
خطة بديلة
ليست المرة الأولى التي تشهد فيها إدلب أزمة مياه، حيث كثيرا ما تكررت الأعطال، لكن ذلك لم يوقف الضخ بالكلية، إنما أدى لضعف تدفق المياه في بعض القطاعات، وهو ما يضطر أصحاب الطوابق والمناطق العالية للاستعانة بالصهاريج الخاصة.
لكن بداية العام الحالي شهدت أزمة عامة مشابهة لما يحدث اليوم، عندما أعلنت منظمة غول توقفها عن دعم عملية الضخ، بعد قيامها بذلك لسنوات.
وفي تعليقه على الموضوع قال المهندس جمال ديبان مدير الدراسات في المؤسسة العامة لمياه الشرب بإدلب، في تصريح سابق لقناة حلب اليوم، إن منظمة غول دعمت المشروع سابقا لنحو سبعة أعوام، وكانت إدارة المنظمة تقول كل فترة من الزمن إنها ستوقف الضخ وتعطي إشعاراً بنيتها تسليم الملف إلى حكومة اﻹنقاذ لكنها تعود لتمدّد عملية الضخ.
وفي الشهر الأول من هذا العام تم إشعار الحكومة بنية منظمة غول الخروج، لكن المسؤولين في “اﻹنقاذ” توقعوا أن الموضوع سيتكرر، إلا أنهم اُبلغوا هذه المرة بخروج المنظمة بشكل نهائي وتسليم محطات الضخ إلى مؤسسة المياه، وهو ما حدث بالفعل.
وحول أسباب الانسحاب فقد أكد ديبان أنها تعود لتناقص الدعم، قائلاً إنه ربما من سياسة منظمة غول أن تحافظ على نشاطها في أماكن معينة ضمن إمكاناتها وتمويلها.
وقال ديبان إن مؤسسة المياه قدمت دراسات للمنظمات العاملة بالمنطقة وخاصة العالمية منذ شهر ونصف الشهر، وتلقت “إشارات إيجابية”، قبل أن تتكفل منظمة إحسان بالدعم.
وتفكر “الإنقاذ” بتولي الضخ “بالتعاون مع اﻷهالي لاسترداد جزء من الكلفة”، في حال انقطاع الدعم بشكل كامل، وفقا لما قاله ديبان، مضيفا أن “تكاليف الضخ باهظة ولا بد من التعاون المشترك”، حيث تحتاج مديرية المياه إلى “تحصيل قيمة الكهرباء التي سوف تُستهلك على اﻷقل” وسوف “تتكفل بالباقي لتأمين المياه”.
وحول مسألة تركيب العدادات قال إن اﻷمر لا يزال قيد الدراسة والتجربة، حيث ستقوم المديرية خلال الفترة المقبلة بتركيب عدادات في بعض القرى والبلدات ضمن التجربة قبل تعميمها.
وتتراوح قيمة تلك العدادات بين 50$ و 100$، حيث “تختلف بحسب نوعيتها وجودتها”، لكن المديرية “تريد جلب عدادات جيدة ومناسبة من الناحية الفنية”.
ولدى سؤاله عن السعر الذي يُعتبر مكلفاً لمعظم السكان مع قلة مستويات الدخل، أجاب ذيبان بأن دفع ثمن العداد “سيكون لمرة واحدة”، لكنه “يُمكن من وصول الماء بشكل دائم ويوقف الهدر ويجعل التوزيع عادلاً ويمكن من وصول المياه لكل بيت”، بحسب تعبيره، حيث يلفت إلى أن الضخ كان سابقاً متفاوتاً بحسب موقع البيت، بينما “ستتيح العدادات توزيع الماء بشكل عادل”.
وقال المهندس أسامة أبو زيد المدير العام لمؤسسة المياه في إدلب، في منشور على صفحة المؤسسة بموقع فيس بوك، أمس السبت، إن المشروع المقدم من قبل منظمة إحسان، بما يخص دعم ضخ المياه للمدينة، انتهى في الوقت الحالي، ما أدى لتوقف عمليات الضخ.
وأعرب عن أمله في “عودة تجدد المشروع في حال حصلت المنظمة على الدعم اللازم لذلك”، فيما “تستمر عمليات الصيانة للمحولات والمضخات ولوحات التحكم”.
وأكد أبو زيد أن المؤسسة وضعت خطة لإعادة الضخ في حال إعلامها بتوقف عمل المنظمة بشكل نهائي، دون أن يقدم أية إيضاحات حول تلك الخطة.
وكانت منظمة إحسان قد أبلغت المؤسسة بتوقف دعمها لعملية ضخ المياه، في الثالث عشر من الشهر الجاري، إلا أنها قالت إنها ربما تستأنف ذلك في الفترة المقبلة، أي أن التوقف ليس نهائيا.
وتحولت مدينة إدلب عقب موجة النزوح اﻷخيرة في عام 2020 إلى مركز يؤوي مئات آلاف السكان، وسط حالة من الازدحام الشديد.
وتشير تقديرات فريق “منسقو استجابة سوريا” إلى انخفاض هائل في عملية تخصيص الاستجابة الشتوية للمدنيين لموسم الشتاء، في “أدنى استجابة له منذ عدة سنوات”، بينما “تعاني كافة القطاعات من ضعف كبير مقارنة بالتمويل المطلوب سواء في قطاع الصحة والتعليم وقطاع المياه”.