تؤكد منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية المعنية “بمراقبة حقوق الإنسان”، استمرار سياسة خطف الأطفال وتجنيد القاصرين الممارسة من قبل “الشبيبة الثورية” التابعة لحزب العمال الكردستاني، وذلك تحت حماية قوات قسد في شمال شرقي البلاد.
وأشارت المنظمة في عدة تقارير سابقة إلى مسؤولية الولايات المتحدة على نحو مباشر عن انتهاكات قسد في شمال شرق سوريا، بما في ذلك المسؤولة عن السماح بتجنيد وخطف الأطفال.
وحول ذلك يقول فرهاد أوسو مدير شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، لموقع حلب اليوم، إن “التقرير الذي أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش ليس اتهامًا، بل هو توثيق لواقع ما يحدث في مناطق شمال شرق سوريا وريف حلب، الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي (ب. ي. د)”، مؤكدا وجود مسؤولية أمريكية وروسية عما يجري.
بل أكد أن تقرير هيومن رايتس “جاء متأخرًا”، حيث إن “عمليات اختطاف الأطفال من قبل مجموعة ‘الشبيبة الثورية’ تحدث منذ سنوات، وتحديدًا منذ سيطرة قوات قسد الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي (ب. ي. د) على تلك المناطق”.
وتتبع تلك المجموعة مباشرة إلى حزب العمال الكردستاني وقيادته في جبال قنديل شمال العراق، بالرغم من عملها في شمال شرق سوريا، وقد خطفت عددا كبيرا من القاصرين، منذ سيطرة قسد على المنطقة، وفقا لمصادر متقاطعة.
ورغم تظاهر العديد من الأهالي من ذوي المختطفين أمام مبنى للأمم المتحدة، في القامشلي، منذ سنوات، إلا أن أي تحرك دولي أو أممي جدي لم يحدث للحد من تلك الانتهاكات التي تطال الأكراد السوريين.
ولا يقتصر الخطف على الشبان، بل يطال البنات والفتيات الصغيرات، رغم ما يحمله ذلك من حساسيات كبيرة لدى المجتمع السوري المحافظ، وهو ما يثير سخط الأهالي.
ولكن – يضيف أوسو – “للأسف الشديد، لم تتطرق لا هيومن رايتس ووتش ولا غيرها من المنظمات الحقوقية إلى هذه الانتهاكات إلا بعد تفاقمها مؤخرا، بالرغم من إصدار شبكة رصد سوريا عشرات البيانات التي دعت من خلالها جميع المنظمات الدولية والأطراف المعنية إلى وضع حد لهذه الانتهاكات”.
ورغم أن “قسد” تنفي هذه الاتهامات، إلا أن الشهادات والأدلة المتوفرة لدى شبكة رصد تشير إلى وجود عدة معسكرات تابعة لها، في مناطق سيطرتها، حيث يتم تدريب الأطفال، لا سيما في أطراف الحسكة ورميلان، ويؤكد أوسو أن لديهم أدلة دامغة على مواقع هذه المعسكرات.
وفيما يتعلق بالولايات المتحدة الأمريكية، “فهي بلا شك تتحمل مسؤولية كبيرة. أولًا، لأنها الداعم الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والمسيطرة فعليًا على تلك المناطق، كما تتحمل روسيا جزءًا من المسؤولية، نظرًا لأنها الجهة المسيطرة على مناطق ريف حلب والشهباء، حيث تحدث أيضًا عمليات اختطاف الأطفال وتجنيدهم”.
ويؤكد مدير شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، أنهم أبلغوا الولايات المتحدة الأمريكية عن حالات اختطاف الأطفال في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وذلك عبر منظمات حقوقية دولية، ومن خلال مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون.. “لكن للأسف، كان ردهم: ‘نحن على علم بذلك’، دون اتخاذ أي إجراءات فعلية للحد من هذه الانتهاكات”.
وقال تقرير هيومن رايتس إن على واشنطن “بصفتها حليفا أساسيا لقسد، أن تستخدم نفوذها لضمان تنفيذ التدابير المطلوبة، وأن تنظر في فرض عقوبات على حركة الشبيبة الثورية لدورها في تجنيد الأطفال”.
وأشار تقرير المنظمة إلى أن “قانون منع الجنود الأطفال” الأمريكي يحظر على الولايات المتحدة تقديم المساعدة العسكرية إلى الحكومات التي تجند الأطفال وتستخدمهم، وقالت هيومن رايتس ووتش إن على الولايات المتحدة أن تطبق المبادئ نفسها على المجموعات المسلحة غير التابعة للدولة التي تدعمها.
وحول أسباب ضلوع ‘الشبيبة الثورية’ بشكل رئيسي في حالات اختطاف الأطفال، بين أوسو أنها “جهة خارجة عن القانون، ولا توجد أي جهة قادرة على محاسبتها، وتتبع على نحو مباشر لحزب العمال الكردستاني (ب. ك. ك)، وتنفذ أوامرها منه”.
وبالنظر إلى تلك الأسباب السابقة “لا توجد قوة قادرة على الوقوف في وجه ‘الشبيبة’ في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، وفقا لمدير الشبكة.
وبحسب “رايتس ووتش” فإن تجنيد الأطفال يحرمهم من طفولتهم، ويُعرضهم للعنف الشديد وقد يؤدي إلى صدمات جسدية ونفسية طويلة الأمد، حيث “جندت الشبيبة فتيات وفتيانًا في سن الـ 12 مقتلعة إياهم من مدارسهم وعائلاتهم، ومنعت ذويهم من الاتصال بهم وصدّت جميع محاولات عائلاتهم الحثيثة لإيجادهم”.
وفضلا عن الخطف، يتم إخفاء مكان وجود القاصرين، حيث يُحرم ذووهم من التواصل معهم أو معرفة أماكنهم، أو رؤيتهم، وهو ما يشكل ضغطا نفسيا كبيرا على الأطفال وأسرهم،
وتقوم “الشبيبة الثورية” بعملية التلقين الأيديولوجي للأطفال، “نيابة عن المجموعات المسلحة، علنا ودون أي عقاب”، وفقا لهيومن رايتس.
وكانت ’قوات سوريا الديمقراطية‘ (قسد) قد ادعت التزامها بإنهاء جميع أشكال تجنيد الأطفال، لكنها لم تتخذ أي إجراءات لمنع ذلك، حيث إن القانون الدولي الإنساني يحظر تجنيد الأطفال دون سن الـ 15 واستخدامهم في النزاعات.