يوافق اليوم الاثنين الذكرى السنوية التاسعة لواقعة التدخل الروسي العسكري في سوريا إلى جانب قوات الأسد والميليشيات الإيرانية، فيما تستمر الانتهاكات لحقوق المدنيين.
وتأتي الذكرى السنوية هذه المرة مع تغيرات مفصلية، تتمثل في العملية العسكرية الإسرائيلية ضد حزب الله، وتعمق الصراع في أوكرانيا مع وجود توجه نحو زيادة الدعم الغربي لها بصواريخ بعيدة المدى قد تطال عمق الأراضي الروسية.
وبحسب تقديرات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن القوات الروسية منذ بدء تدخلها العسكري في سوريا في 30/ أيلول/ 2015، قتلت 6969 مدنياً 44% منهم أطفال ونساء، وارتكبت 1251 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية.
وقال حسام سلامة القيادي السابق بحركة أحرار الشام الإسلامية، لموقع حلب اليوم، إن التدخل الروسي قلب الموازين، وإن الثورة كانت لتنتصر بالرغم من دخول حزب الله وميليشيات إيران على الأرض.
واعتمدت القوات الروسية في سوريا، على عدد محدود من القوات الخاصة البرية، لكن دعمها الأساسي تمثل في أسطول جوي كبير تركز بمطار حميميم في ريف اللاذقية، حيث دكت طائراتها المدن والقرى الثائرة، واعتمدت سياسة الأرض المحروقة.
وقد “أوشكت الثورة السورية على النصر عدة مرات قبيل تدخل حزب الله وإيران وميليشياتها، والذين كانت بداية تدخلهم يوم أحداث القصير”، وكذلك “كادت أن تسقط الأسد قبيل ظهور فرقة الخوارج ‘تنظيم الدولة’ “، فيما “استعادت زمام المبادرة عندما انطلقت معركة الله غالب في دمشق ومعارك جيش الفتح في إدلب التي وصلت حدود الساحل”.
وكان المؤشر واضحا على أن الثورة استعادت زمام المبادرة وكادت، أن تسقط الأسد من جديد وهددت مقتليه؛ رأسه في العاصمة وقلبه في الساحل، وفقا لسلامة.
ومع الضربات الروسية الكبيرة والدمار الواسع، اضطرت الفصائل العسكرية للانسحاب من عدة مناطق، تحت ضغط المجازر بحق المدنيين، الحاصلة بفعل آلاف الأطنان من القنابل التي ألقيت من الجو.
لكن ذلك لم يكن وحده ما حرف مسار الصراع، حيث لم توفر موسكو جهدا في الساحة السياسية والدبلوماسية، عبر محاولة إقناع الدول “الصديقة للشعب السوري” بالامتناع عن دعم المعارضة، وممارسة الضغوط لدعم موقف الأسد بالمحافل العربية والدولية.
وكان مما أسهم في فاعلية التدخل الروسي، اتفاق مناطق خفض التصعيد، الذي شاركت موسكو في إنجازه، وهو ما مكن حلفاء الأسد من تجميد الجبهات، ثم الاستفراد بها واحدة تلو الأخرى، لكن ذلك نجم عنه تهجير قسري واسع نحو الشمال الغربي حيث آخر معاقل “خفض التصعيد”، تحت حماية تركية.
ثمنٌ غالٍ
لم تستطع روسيا إيقاف زحف الثوار ببساطة، حيث احتاجت لسنوات من الضرب المستمر، مع زخم غير مسبوق من مسلحي الميليشيات الإيرانية.
وسبب ذلك كله عشرات المجازر التي يحتاج إحصاؤها لملف كامل، فضلا عن تهجير واسع، بلغ ذروته في عام 2016 عقب التدخل الروسي بآشهر قليلة.
وتم تدمير مرافق مدنية خدمية أساسية كالمشافي والمدارس، كما جرى استهداف المساجد بشكل متعمد، وشن هجمات استخدمت فيها القوات الروسية أسلحة محرمة دولياً كالذخائر العنقودية، والفوسفور والنابالم.
وكان الدخول الروسي “أصعب وقت مرّ على الثورة، لأنه استطاع قلب المعادلة عسكريا، فروسيا هي القوة الثانية على مستوى العالم.. وقد استطاعت أن تسقط معاقل الثورة في درعا وفي حمص وفي أرياف دمشق وفي حلب وحتى في محافظة إدلب التي حررت بالكامل قبيل تدخل الروس”، وفقا لسلامة.
وأشار القيادي العسكري السابق إلى أن قوات الأسد استعادت بدعم من روسيا مناطق شاسعة في إدلب وحلب فكان التدخل الروسي “أهم وأخطر مرحلة”.
ويختم سلامة بالقول: “نحن الآن متفائلون مع الأحداث التي نعيشها اليوم، فكما استعدنا زمام المبادرة بعد كل مرحلة مرت على الثورة – وإن كانت هذه المرحلة هي الأطول – فسنستعيدها إن شاء الله من جديد، ونجدد التحرير بإذن الله عز وجل”.
وتسببت القوات الروسية بمقتل 6969 مدنياً بينهم 2055 طفلاً و983 سيدة (أنثى بالغة)، وما لا يقل عن 362 مجزرة، وأظهر تحليل البيانات أنَّ العام الأول للتدخل الروسي (2015-2016) شهد أعلى معدل للضحايا، حيث بلغ العدد الإجمالي 3564 مدنياً، وهو ما يمثل حوالي 51% من إجمالي الضحايا خلال السنوات التسع، وفقا لتقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وسجلت محافظة حلب الحصيلة الأعلى من الضحايا (قرابة 41%) بين المحافظات السورية، تلتها إدلب (قرابة 38%).
كما وثَّق التقرير قتل القوات الروسية 70 من الكوادر الطبية، بينهم 12 سيدة، جلهم في محافظة إدلب (31 ضحية)، وكانت الحصيلة الأعلى لهؤلاء الضحايا في العام الأول، وسجل مقتل 24 من الكوادر الإعلامية جميعهم قتلوا في محافظتي حلب وإدلب.
وشهد التدخل الروسي منذ بدايته وحتى اليوم، ما لا يقل عن 1251 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنيَّة، بينها 224 مدرسة، و209 منشأة طبية، و61 سوقاً، كما شهد عام 2016 نحو 452 حادثة اعتداء على تلك المراكز وكانت محافظة إدلب صاحبة الحصيلة الأعلى منها 633 حادثة، أي ما نسبته 51% من الحصيلة الإجمالية لحوادث الاعتداء.