رغم توافر الأدوية والأطباء والمستشفيات في إدلب شمال غربي سوريا؛ يبقى الإقبال مستمرا على عدد من طرق الطب البديل أبرزها العلاج بالأعشاب والحجامة.
ويشمل هذا النوع من الطب كافة العلاجات التي لا تعتمد على الأدوية الكيميائية أو الجراحة التقليدية، بما في ذلك الطرق المستمدة من الثقافات القديمة، وقد أصبح أكثر شعبية حول العالم في السنوات الأخيرة، مع تزايد الاهتمام بالصحة والعودة إلى المصادر الطبيعية للعلاج.
ويوجد في إدلب العديد من الدكاكين التجارية التي تتنوع بين العطارة الشاملة، وبين المحال المختصة بالأعشاب العلاجية والتي يمتهن أصحابها هذا المجال منذ عقود، ومعظمهم ورث تلك المهنة عن والده.
يقول عبد الرحمن أبو سليم، وهو رجل مسن ترك العمل في هذا المجال منذ نحو عامين بسبب المرض وكبر السن، لحلب اليوم، إن توافر الصيدليات والأدوية الكيميائية لم يؤثر بدرجة كبيرة على طلب العلاج بالأعشاب في الشمال السوري.
وتشمل العلاجات الحالات الشائعة في الغالب، كالحصى والرمل والالتهابات وعلاج الحالات النسائية ومشاكل الحمل، والإمساك والأرق والاكتئاب، والأمراض المزمنة كالسكر ومشاكل القلب.
ويعتمد الطب البديل بشكل أساسي على تعزيز التوازن الداخلي للجسم من خلال العلاجات الطبيعية التي تستهدف الأسباب الجذرية للأمراض بدلًا من تخفيف الأعراض فقط، لذا فإن الحجامة هي من أبرز تلك الطرق الرائجة بالمنطقة.
يستقبل أحد ممارسي الحجامة المرضى في غرفة داخل منزله مجهزة بشكل جيد، في إدلب، ويتلقى أجرا قد يصل إلى 400 ليرة تركية للجلسة الواحدة، حيث يختلف الأجر بحسب الحالة.
يقول المعالج وهو تونسي الجنسية، إنه درس الحجامة في معهد بريطاني، وإن لديه خلفية علمية وعملية للممارسة، حيث يستمع بشكل جيد لشكوى المريض قبل أن يقرر الأماكن التي يفترض أن يجري فيها الحجامة على جسده، وهي تمتد من أعلى الرأس حتى أخمص القدمين.
يعتمد هذا الأسلوب على طرد السموم من الدم، وإعادة التوازن للجسم، عبر سحب كميات بسيطة من مواضع محددة، بما يسمح بتنشيط المناطق المستهدفة في الجسد.
يعاني الشاب “أحمد .ع” القاطن في بلدة الدانا شمال إدلب، التهابات متكررة في المجاري البولية، ترتبط بترسب الرمل والحصى، ويقول إن الأدوية الكيميائية المعروفة والمستخدمة في تلك الحالات لم تؤد لإزالتها.
ويؤكد الطبيب للشاب أن حجم الحصى الموجود لديه في المثانة يحتاج إلى التفتيت، لكن المريض يرفض الخضوع للعمليات، مما دفعه لتجربة الأعشاب على أمل الوصول إلى حل، لكن كثرة الوصفات جعلته في حيرة من أمره، وهو ما يرفضه طبيبه مؤكدا عدم نجاعتها.
ويوجد العديد من الطرق الأخرى في الطب البديل، مثل العلاج بالتدليك، واليوغا والتأمل والعلاج بالروائح وبالمكملات الغذائية التي تحتوي على فيتامينات ومعادن وأحماض دهنية، إلا أن الأعشاب والحجامة هي أبرز ما يستخدم في الشمال السوري.
يعاني طبيب الأسنان “حسام .غ” من ريف إدلب الشرقي، مرض باركنسون، منذ سنوات، حيث ترتجف يداه بشكل مستمر ما منعه من استخدامهما بشكل شبه كامل، حتى بات عاجزا عن تناول طعامه بنفسه.
ومنذ سنين عديدة لجأ الطبيب إلى أطباء يختصون بالأمراض العصبية، لكن العلاج في هذا المجال محدود، ومع اقترابه من سن الستين باتت حالته صعبة جدا.
وعند سماعه بوجود معالج بالإبر الصينية – هو الوحيد في المنطقة – لجأ الرجل إليه لانعدام الوسائل الأخرى، ويؤكد أن هناك تحسنا ملحوظا.
يقول محمد ابن المريض إن والده بات قادرا إلى حد ما على إمساك الملعقة وتناول الطعام بنفسه، بعد نحو شهر من بدء العلاج، وإن لديه أملا في الشفاء التام، وهو ما يدفعه لتحمل أعباء الذهاب بشكل دوري من مدينة إدلب إلى بلدة النيرب شرقها، حيث يقطن المعالج، وهو مقاتل سابق تعرض لإصابة جسيمة في إحدى المعارك.
لجأ المقاتل الصيني التركستاني لاستخدام ما يعرفه حول العلاج بالإبر كوسيلة للعيش، مع عدم قدرته على العمل، حيث لاقى إقبالا جيدا، فيما تتفاوت الآراء بين المرضى حول فعالية العلاج.
ويعتبر الوخز بالإبر من أقدم أساليب الطب الصيني التقليدي، حيث تستخدم إبر رفيعة جدًا يتم إدخالها في نقاط محددة بالجسم لتحفيز تدفق الطاقة وتحسين الصحة العامة.
وتعاني المنطقة ارتفاعا في أسعار الأدوية وأجور معاينة الأطباء، مع عدم فرض حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام، رقابة مناسبة على الأسعار، مما يُثقل كاهل الأهالي بتكاليف باهظة.
ويعتبر اللجوء إلى الأعشاب نوعا من البحث عن الوسائل الأرخص، لانخفاض أسعارها – في الغالب – مقارنة بالأدوية الكيميائية.