مع مقتل الزعيم السابق لميليشيا حزب الله، حسن نصر الله، وتوسع الضربات الإسرائيلية في انتظار العملية البرية جنوب لبنان، باتت الأنظار تتجه إلى الساحة السورية والتداعيات الممكنة عليها، نظرا لانتشار الميليشيات الإيرانية وعلاقتها بسلطة الأسد.
وتحدثت تقارير سابقة عن رغبة ضمنية للأخير بالتخلص من نفوذ الميليشيات الإيرانية المتزايد على الأرض السورية، وعن وجود تفاهم غير معلن مع إسرائيل حول ذلك، فيما تتحدث تقارير أخرى عن تداعيات سلبية بالنسبة له في المرحلة المقبلة، قد تؤدي إلى استهدافه.
يقول مصطفى النعيمي المحلل السياسي المختص بالشؤون الإيرانية، لموقع حلب اليوم إن “الرغبة الأسدية ستصطدم بحائط الواقع المحلي والإقليمي والدولي بما يخص تموضع إيران في سوريا”.
وبالرغم من أن هنالك “تصريحات من قبل سلطة الأسد مفادها بأنه غير راغب في استمرار نفوذ المحور الإيراني في سوريا”، إلا أنه “غير قادر على منع هذا النفوذ حيث أن الجغرافيا السورية مستباحة بشكل شبه كامل لميليشيا المحور ولم تعد لديه القدرة على السيطرة حتى على نقاطهم العسكرية في حال تموضع الميليشيات الايرانية”.
ونوه النعيمي بأن تلك الميليشيات كانت سببا في الكثير من الضربات التي توجه لمنظومات دفاعه الجوي أثناء تحركها إضافة إلى محاولة إيران زج الكثير من العناصر الذين ينتمون إليها في صفوف قواته، وبشكل خاص في مؤسساته للدفاع الجوي، و”بالتالي فإن استنزاف الدفاع الجوي أثرى عدم قدرة الأسد على الموازنة ما بين التموضع الإيراني الخدمي في المنطقة وما بين المواجهة مع إسرائيل”.
ويرى المحلل السياسي السوري أن المنطقة بشكل عام تتجه صوب حرب واسعة النطاق وربما كان حزب الله “كبش الفداء الأول الذي قدمته إيران على مذبح ملفها النووي، وربما يكون الأسد هو الهدف القادم إسرائيليا في حال عدم قدرته على الوفاء بتعهداته أمام تل أبيب”.
ما هي التداعيات السلبية على الأسد في المرحلة المقبلة؟
تشدد إسرائيل بشكل مستمر على أن سلطة الأسد هي المسؤولة عما يجري ضمن الأراضي السورية، بوصفها تمثل “الحكومة”، وبالتالي تحمّلها مسؤلية أي استهداف أو خطر يأتي من سوريا.
ويرتبط الأمر “بعدم قدرة الأسد على كبح جماح المشروع الإيراني في سوريا بشكل خاص، وكذلك أيضا باقي المحور، فالميليشيات العراقية ما زالت تتدفق باتجاه سوريا، حيث تستمر التحركات اللوجستية من الحدود العراقية – السورية تحديدا عند البوكمال ووصولا إلى النقاط العسكرية المتقدمة في جبهة القنيطرة حيث يوجد أكثر من 40 الفأ في الجبهة الجنوبية عموما وجزء منهم في جبهة القنيطرة”، وفقا للنعيمي.
ولم يحل التوغل البري الإسرائيلي دون تدفق تلك الميليشيات، وبالتالي فإن الجانب الإسرائيلي – يضيف النعيمي – سيتعامل مع ذلك وفق أولوية المخاطر وسيوجه ضربات متعددة المحاور، كما أن رسائل ردعه ستبقى مستمرة.
ويبرز هنا السؤال: “هل سيفهم بشار الأسد تلك الرسائل ويأخذها على محمل الجد كي لا يكون الهدف القادم إسرائيليا؟”، لكن النعيمي يرى أنه “أعجز من أن يكون قد فهم تلك الرسائل وخاصة أن محوره ينضوي ضمن محور إيران بشكل عام فبالتالي انفكاكه عن المحور الإيراني يعني هلاكه أو هلاك المحور الإيراني وكلا المحورين أمام الحقيقه اليوم، وهم غير قادرين على توجيه أي ضربات حقيقية تؤثر على الجانب الإسرائيلي”.
كما أنهما “غير قادرين على المواجهة في حال نشوب حرب واسعة النطاق، بينما تبحث تل أبيب عن الذرائع التي تتيح لها هذه الأرضية للتوغل البري في حال وجود تحركات على مستوى الصواريخ البالستة من الأراضي السورية باتجاه الجانب الإسرائيلي”، لذا فإنه من المرجح أن يكون الأسد “الهدف القادم”، وذلك “لعدم قدرته على قراءة المشهد سياسيا بما يتناسب مع حجم التحركات الإسرائيلية في المنطقة وعلى أعلى المستويات”.
هل تتوسع دائرة الضربات لتشمل باقي الميليشيات الإيرانية في سوريا؟
مع اندلاع المواجهات، تدفق عشرات آلاف المسلحين من ميليشيات الحوثي اليمنية، وأخرى عراقية نحو سوريا، وتحدثت مصادر عن تركيزهم في الجنوب السوري، ضمن أماكن انتشار وحدة الرضوان التابعة لحزب الله، والتي تقول إسرائيل إنها دمرت قيادتها بشكل كامل.
ويتوقع المحلل السياسي السوري أن الهدف القادم إسرائيليا سيكون الميليشيات الإيرانية كعنوان وبوابه للتحرك في الجبهة السورية، وهذا يعني أن كل النقاط العسكرية المشتركة ستكون هدفا إسرائيليا، أي أن قوات الأسد هي ضمن هذه التحركات، وبالتالي ستكون مستهدفة “أسوة بالميليشيات الولائية المتموضعة في داخل الجغرافيا السورية”.
وستؤدي تلك الضربات – والكلام دائما للنعيمي – إلى ردود أفعال إيرانية ستؤخذ على محمل الجد إسرائيليا، حيث سيحدث التصعيد والتصعيد المضاد، حتى وإن لم يكن هنالك رد إيراني، “فالردود الإسرائيلية ستبقى مستمرة وسيرتفع منسوب ونوع وكم تلك الغارات تجاه تلك المليشيات وخاصة في المنطقة الجنوبية من سوريا كمرحلة أولى”.
وقد تتبع ذلك ضربات أخرى للتحالف الدولي في المنطقه الشرقية من سوريا، نظرا لوجود تحركات ميليشياوية في تلك المنطقة بشكل عام، مما يتيح لإسرائيل أيضا التوغل بريا لمسافات يحددها صانع القرار وفق تحديد حجم المخاطر والتهديدات التي تتشكل من تموضع تلك الميليشيات في المنطقة الجنوبيه من سوريا بمرحلة أولى ومن ثم باتجاه العاصمة السورية دمشق، حيث أنها تتمركز في محيط منطقة السيدة زينب وصولا إلى مطار دمشق الدولي.
وأشار النعيمي إلى ما حصل قبل يومين في منع طائرة ركاب إيرانية تتبع لشركه قسم من الهبوط في مطار بيروت، حيث “سيكون هنالك مثال آخر إسرائيلي في منع الطائرات القادمة من إيران باتجاه الأراضي السورية”، إذ إن “التخوف الرئيسي لإسرائيلي مبني على أنه من الممكن أن تنقل تلك الطائرات مقاتلين وقطعا أساسية لتصنيع المسيرات التي تستخدم في الهجمات، إضافه إلى أجهزه توجيه ‘الجي بي إس’ التي تنصب على الصواريخ البالستية قصيرة المدى، والتي تستخدم من قبل محور إيران عموما”.
يشار إلى أن القوات الإسرائيلية تستعد لتوغل محدود جنوب لبنان، فيما تبقى الجبهة الجنوبية لسوريا في حالة من الهدوء الحذر.