لا تزال قوات قسد متوجسة من إمكانية الانسحاب الأمريكي من شمال شرق سوريا، حيث يراه بعض المراقبين حتميا، فيما يستبعد آخرون ذلك على المدى المنظور، لتبقى المجموعات العسكرية المدعومة من قبل التحالف الحلقة الأضعف في المنطقة.
ومع الحديث عن اتفاق أمريكي مع بغداد على الانسحاب من العراق، خلال عام، تبرز الأسئلة عن مصير شمال شرق سوريا والمجموعات المحمية من قبل واشنطن هناك.
ويقول المحلل الإستراتيجي والعسكري العقيد إسماعيل أيوب، لموقع حلب اليوم، إن واشنطن تدعي رغبتها في الانسحاب من سوريا والعراق منذ سنوات، لكن ذلك لا يبدو أنه سيحدث على المدى المنظور، مستبعدا أن يغادر الأمريكيون قبل تحقيق أهدافهم في المنطقة.
ويشمل الاتفاق شبه المُبرم، والذي بات وشيكا، سحب القوات مع الإبقاء على “قوة صغيرة فقط”، في العراق، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال.
وتبدأ عملية السحب في 2025، وتنتهي مع نهاية عام 2026، لكن الاتفاق لم يُنجز على نحو كامل بين الطرفين، فيما ألمح مسؤولون أمريكيون لذلك منذ عدة أيام.
لكن العقيد أيوب يرى أنه ما يزال هنالك الكثير أمام واشنطن لتفعله في المنطقة، حيث عليها تنفيذ “مشروع الشرق الأوسط الجديدة والكبير”، وهو ما يعني “منطقة مدمرة مقسمة إلى دويلات صغيرة”، أما إعلان الانسحاب بين الفينة والأخرى فهو “ذر للرماد في العيون”.
ونوه بما صرح به دونالد ترامب في فترة رئاسته السابقة للبيت الأبيض، حيث “كان يقول سوف ننسحب وما إلى ذلك لكنه في النهاية أمضى أربع سنوات في الحكم وما تزال القوات الأمريكية في سوريا وما زالت أمريكا ترسل المزيد بل تؤسس المزيد من القواعد العسكرية في الشرق الأوسط”.
ورغم ما تقدم لا تزال قسد قلقة بشأن مصيرها مع وجودها في بيئة غير آمنة بالنسبة لها، حيث تحتمي بالعلم الأمريكي من الدبابة التركية، ولطالما أخرت ضغوط واشنطن اندفاع الجيش التركي نحو شن عمليات جديدة في الشمال السوري، لأن مجرد وجود قسد يعتبر خطرا على الأمن القومي لأنقرة.
ومع انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، أعلنت قسد صراحة خشيتها من مصير مشابه لأولئك الذين تعلقوا بالطائرات الأمريكية، حيث أرسلت قيادييها لواشنطن أكثر من مرة للحصول على التطمينات.
ووفق المُعلن، فإن الأمريكيين أبقوا الباب مواربا أمام فكرة الانسحاب، في نقاشهم مع مندوبي قسد، مما ترك الأخيرة في حالة مستمرة من القلق.
وتقول الخطة التي تحدثت عنها الصحيفة الأمريكية، إن مئات الجنود سيغادرون بغداد ومناطق أخرى في العراق بحلول أيلول 2025، ثم ستنسحب القوات الموجودة في مدينة أربيل نهاية عام 2026.
ورغم أن “الخطوط العريضة” أُنجزت، إلا أن بعض التفاصيل النهائية بحاجة إلى “تسوية مع أعضاء آخرين في التحالف”، بحسب “مسؤول عسكري أمريكي” رجح أن تبقى قوة أمريكية صغيرة “بصفة استشارية”، مهمتها تقديم “دعم لوجستي للقوات الأمريكية المتمركزة في سوريا”.
ويرى العقيد أيوب أن “مشروع الأمريكيين بعيد المدى في المنطقة ويهدف لتقسيمها، وجعل الهيمنة الأمريكية الحالية بمستوى الهيمنة الإسرائيلية، وترك المنطقة متناحرة مقسمة إلى إثنيات وطوائف لنهب خيراتها”.
ولا يرى العقيد السوري أن الأمريكيين سوف ينسحبون من سوريا أو العراق، رغم أنهم يتحدثون عن ذلك، فلربما يقصدون تقليل القوات فالسفارة الأمريكية في العراق هي أكبر سفارة في الشرق الأوسط تضم 5000 موظف، مما يجعل من الصعب أن ينسحبو عسكريا من العراق.
وعقب عملية إعادة التموضع التي أمر بها ترامب في وقت سابق، بقي 900 جندي في سوريا من أصل 2500 كانوا منتشرين شمال شرق البلاد، فيما يوجد اليوم 2500 جندي أمريكي في العراق، بحسب الأرقام الرسمية.
وكان موقع المونيتور الأمريكي، قد كشف مطلع العام الحالي أن الولايات المتحدة طرحت على قسد الدخول في شراكة مع سلطة الأسد تمهيدا للانسحاب، لكن واشنطن لم تعقب على ذلك رسميا، فيما طمأن مظلوم عبدي، قائد «قوات سوريا الديمقراطية» أتباعه بأن واشنطن قدّمت ضمانات لهم بعدم قيام تركيا باستخدام طائرات “إف 16” التي وافقت على بيعها لأنقرة، ضد قواته، مع وعدها بعدم الانسحاب.