أعلنت وزارة الصحة في لبنان عن انفجار آلاف أجهزة الاتصال في مناطق مختلفة من لبنان معظمها في بيروت، الأجهزة المخصصة لعمليات التواصل المشفر بين عناصر حزب الله من ماركة “بيجر”، انفجرت في ظروف غير معروفة إلا أن الحزب وجهات لبنانية أخرى اتهمت جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “موساد” بالوقوف وراء العملية.
وكالة رويترز نقلت عن وزارة الصحة نشرت في اليوم الأول 17/09/2024 خبراً يؤكد وقوع 11 قتيلاً وقرابة 4000 مصاب نتيجة انفجار بطاريات أجهزة الاتصال اللاسلكية، لكنها عادت وأصدرت بياناً نشرته على موقعها الرسمي في اليوم التالي 18/09/2024 قالت فيه إن 12 قتيلا و2800 جريح سقطوا في عملية تفجير الأجهزة، بينما قالت مصادر في مناطق سيطرة الأسد إن عدداً من عناصر حزب الله الموجودين في أحياء دمشق نقلوا إلى المشافي بعد انفجار أجهزة اللاسلكي الخاصة بهم.
مصادر خاصة من لبنان قالت لحلب اليوم “إن ما حدث في لبنان، هو انفجار جماعي لأجهزة اللاسلكي الخاصة بعناصر حزب الله المعروفة بـ “البيجر”، الانفجارات توزعت في الضاحية الجنوبية من بيروت ومدن جنوبي لبنان والبقاع، حيث إن عدد الجرحى هو أكثر من المعلن، إذ وصلت طاقة استيعاب المشافي إلى الحدود القصوى، واعتذرت الكثير من المشافي عن استقبال المزيد من المصابين جراء ذلك، ما اضطر القطاع الصحي إلى نقل عدد كبير من المصابين لمشافي خارج بيروت”.
الخبير العسكري والاستراتيجي عبد الله الأسعد قال لموقع حلب اليوم “ربما استطاعت أجهزة الرصد والتنصت الإسرائيلية من خلال الراشدات، تحديد موجات تردد الأجهزة اللاسلكية الخاصة بحزب الله، وتعاملت معها بما يسمى التشويش أو التفجير عن بعد بطريقة الأشعة، ما أدى لانفجار آلاف أجهزة الاتصال”.
وأضاف “يمكن أن تكون طريقة التفجير لا تعتمد على الموجات، وإنما من مصدر الأجهزة، من الممكن أن تزوّد هذه الأجهزة بمكثفات أو شرائح لتفخيخها وتفجيرها، وأيضاً ربما كانت لتتبع الأشخاص الذين يحملونها”.
من جهته قال الباحث في الشأن العسكري وجماعات ما دون الدولة عمار فرهود قال لموقع حلب اليوم “العلاقات الدولية لإسرائيل وتفوقها في سوق شركات التكنولوجيا، يجعل قدرتها على الوصول لقوائم الزبائن لدى تلك الشركات ممكنا، وكذلك التدخل للتعديل في طلبيات الزبائن ممكناً، ومن ناحية أخرى حزب الله اللبناني تنظيم تم اختراقه منذ مدة من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية فيما أطلق عليها (عملية كاسندرا) والتي استهدفت اختراق صفوف الحزب وتفكيك شبكاته المالية وسلاسل التوريد الخاصة به، ومن الممكن أن تكون هذه العملية مرتبطة بذاك الاختراق”.
الاختراق الأمني الذي أصاب حزب الله أودى بحياة قادة رفيعي المستوى، على رأسهم القائد العسكري للحزب وأحد مؤسسيه فؤاد شكر قبل شهر تقريباً، كما أنه تسبب بموجة من الاغتيالات طالت قيادات من الصف الأول والعناصر، وضباط ارتباط إيرانيين في سوريا ولبنان وانتهت بانفجار آلاف أجهزة الاتصال الخاصة بحزب الله.
عن هذا الاختراق علق الباحث عمار فرهود “لا يمكن قياس الاختراق الأمني بالأرقام، فالاختراق إما أن يكون اختراقاً طفيفاً يؤثر على المستوى التكتيكي، أو اختراقاً كبيراً يؤثر على المستوى الاستراتيجي، والظاهر من هذه العملية، وقبلها استهداف فؤاد شكر بأن الاختراق هو على المستوى الاستراتيجي، الذي تستطيع إسرائيل الاستفادة منه للتأثير على القادة الاستراتيجيين لحزب الله أو للتأثير على استراتيجية حزب الله بشكل كامل”.
وعن رد حزب الله الذي تحدث عنه مسؤولو الحزب في أكثر من مرة بعد تنفيذ إسرائيل عملية أمنية ضد قياداته وعناصره، قال العميد عبد الله الأسد “سيجري الحزب تحقيقاً في الموضوع، سيتجه أولاً إلى الشركة المصنعة والموردة، فأغلب الظن هو تفخيخ هذه الأجهزة بشكل مباشر ولم تنفجر بفعل هجوم سيبراني، لذلك سيعمل الحزب على تحديد مكان الخرق أولاً، ثم يفكر بتنفيذ الرد، رغم أن هذا الرد لم يعد منطقي في ظل الوضع الراهن للحزب وما فيه من اختراق أمني واستخباراتي كبير”.
اللافت بالأمر أن سفير إيران في لبنان كان من بين المصابين، حيث تحدثت وسائل إعلام إيرانية أن سفير البلاد في بيروت مجتبى أماني فقد إحدى عينيه وحالته غير مستقرة، ما استدعى نقله إلى طهران، في حين نقلت صحيفة فايننشال تايمز عن مسؤول إيراني تأكيده أن حالة السفير جيدة، وأن أي عضو بفريقه الدبلوماسي لم يصب في الانفجار.، فهل هذا يؤكد انخراطه في العمليات العسكرية المباشرة لحزب الله؟
الباحث في الشأن العسكري وجماعات ما دون الدولة عمار فرهود قال لموقع حلب اليوم “حسب المعلومات الواردة فإن جهاز البيجر الذي أصيب بانفجاره السفير كان بحوزة مرافقه وليس بحوزته، ولا علاقة لوجود هذا الجهاز مع المرافق أو السفير بالعمل العسكري لحزب الله، فهو جهاز مناداة يحمله الإيرانيون وحلفاؤهم للمناداة أو الحالات الأمنية الطارئة”.
ويبدو أن إسرائيل تحاول إلى جانب عمليات اغتيال القادة البارزين والميدانيين لحزب الله، تحاول استهداف البنى التحتية ووسائل التخديم العسكري له، حيث تعتبر الاتصالات المسفرة جزءاً مهماً من أي أعمال عسكرية في وقتنا الحالي، وإن مجرّد اكتشاف التقنيات المستخدمة يشكل خطراً وجودياً على الجماعات مثل حزب الله والميليشيات التابعة لإيران.