يشهد السلك التعليمي في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) استقالات جماعية للمعلمين منذ بداية العام الدراسي الحالي، نتيجة تدني الأجور الشهرية وسوء معاملة المعلمين، إضافة إلى الأوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة التي تعاني منها المنطقة.
وبحسب مراسل حلب اليوم في دير الزور، فإن العديد من العاملين في السلك التعليمي قدموا استقالاتهم بشكل كامل مؤخراً، في حادثة تُعد الأكبر من نوعها منذ سنوات.
ما الأسباب؟
وأشار إلى أن السبب الرئيسي لهذه الاستقالات يعود إلى تدني الأجور التي لا تغطي سوى 5% من احتياجات الأسرة الشهرية، مما يجعل استمرار العمل في قطاع التعليم أمراً مستحيلاً بالنسبة للكثيرين.
روى أحد المدرسين المستقيلين، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية، أن أحد الأسباب التي دفعته للاستقالة برفقة زملائه تعود إلى تسلط الكوادر الإدارية واتخاذ قرارات عشوائية، مثل الفصل والنقل دون استشارة الإدارات المعنية، إلى جانب تدني الرواتب الشهرية بشكل غير مقبول.
من جانبه، أفاد مدرس آخر أن الوعود التي قدمتها لجنة التربية والتعليم في ريف دير الزور لمعالجة الأزمة لم تأتِ بأي نتائج ملموسة. وأشار إلى أن المطالب التي تدعو لتحسين رواتبهم، والتي يطالب بها المعلمون بشكل دوري لمديرية التربية، لم تلقَ أي استجابة، مما دفع الكثير من المعلمين والمعلمات إلى تقديم استقالاتهم.
إقبال متزايد على المعاهد الخاصة
وفي ظل هذه الظروف، شهدت المعاهد الخاصة إقبالاً متزايداً من المعلمين، الذين يسعون إلى تحقيق استقرار وظيفي أكبر والحصول على رواتب أفضل، وفقاً لمراسلنا، الذي أكّد أن المعلمين باتوا يعتبرون القطاع الخاص وجهة مفضلة لهم، نظراً للانضباط والالتزام الذي تتمتع به هذه المؤسسات مقارنة بالتعليم العام.
وفي حديث خاص لـ حلب اليوم، أوضح المعلم “فيصل.ت”، الذي انتقل مؤخراً إلى العمل في معهد خاص، أن “التعليم في المدارس الحكومية أصبح مرهقاً بسبب عدم انتظام الرواتب وتأخرها، بالإضافة إلى ضغط العمل الكبير”. وأضاف أن “المعاهد الخاصة توفر بيئة تعليمية أكثر استقراراً، فضلاً عن أنها تقدم أجوراً تنافسية وتتيح للمعلم إمكانية تحسين مستواه المعيشي”.
وأشار إلى أن الانتقال إلى التعليم الخاص لا يقتصر فقط على الجانب المادي، بل يشمل أيضاً توفير بيئة تدريسية أكثر تنظيماً، مع إمكانية تطوير المهارات التعليمية بشكل مستمر، وهو ما يسهم في رفع كفاءة المعلمين وتحقيق مخرجات تعليمية أفضل للطلاب.
بدائل لتأمين لقمة العيش
وفي السياق، يقول مراسلنا إن عدداً من المعلمين أيضاً تركوا مهنة التعليم بالكامل، وتوجهوا للبحث عن وظائف بديلة لتأمين لقمة العيش، حيث لجأ عدد منهم إلى مهن مثل قيادة سيارات الأجرة أو العمل في محلات تجارية.
يقول المعلم “نوار.غ”، الذي يعمل سائقاً لسيارة أجرة في مدينة دير الزور، لـ حلب اليوم: “التدريس لم يعد كما كان في السابق، لا هيبة للمعلم ولا قيمة، وذلك كله بعلم وإشراف لجنة التربية”.
ومنذ سنوات، تسيطر ظواهر الفساد والإهمال على مفاصل العملية التعليمية في شمال شرقي سوريا، حيث تفشت ظواهر مثل الغش في الامتحانات وتزوير الشهادات، مما أدى إلى تدهور مستوى التعليم وزيادة معاناة المعلمين والطلاب على حد سواء.