تشهد المناطق المحررة شمالي حلب تغييرات في قطاع التعليم تنذر بكارثة تعليمية تهدد مستقبل الأطفال والطلاب من خلال الازدياد الملحوظ للمدارس الخاصة وما يقابلها من أقساط شهرية مرتفعة.
قاسم عبد الرحمن أحد النازحين المقيمين ضمن مدينة اعزاز شمالي حلب لديه طفل واحد في المرحلة الأولى من التعليم الأساسي سجله في إحدى المدارس الخاصة ضمن المدينة يقول إنه يدفع مبلغا سنويا للمدرسة الخاصة يعادل قسط طالب جامعي، لكنه في الواقع كان مجبرًا على ذلك لأنه يعلم أن المدارس الخاصة ذات كفاءة أكثر من المدارس العامة ويوجد فيها كوادر تدريسية مميزة.
وأشار عبد الرحمن إلى أنه لا يستطيع أن يغامر بمستقبل طفله بوضعه في مدرسة عامة وخصوصًا هو الآن في المرحلة الأولى من تعليمه الأساسي ويجب أن يتلقى تعليمه بشكل حقيقي ومنظم.
وأوضح عبد الرحمن أن أقساط المدارس الخاصة تتراوح بين الـ 100 والـ 150 دولار أمريكي في الفصل الواحد أي بين الـ200 والـ 300 دولار أمريكي في العام الدراسي الواحد يشمل على ذلك أجور المواصلات.
بدوره قال أ.ل (رفض ذكر اسمه) مدير إحدى المدارس العامة في مدينة اعزاز إن انتشار المدارس الخاصة يعود إلى التزايد الكبير في أعداد الطلاب وعدم قدرة المدارس العامة على استيعاب كل الطلاب، وعدم الثقة بالتعليم العام بسبب قلة الإمكانات وقلة كفاءة المعلمين وعدم توفر خريجي الكليات التعليمية المناسبة.
وأشار أ.ل إلى أن هناك عوامل حدّت من تطور التعليم العام منها قلة الاهتمام بالتعليم والمعلمين من قبل المجالس المحلية، وضعف المنحة المالية التى يتقاضاها المعلم مقارنة مع رواتب المعلمين في التعليم الخاص حيث يصل راتب المعلم في المدرسة الخاصة إلى الضعف أو أكثر مقارنة براتب المعلم في المدرسة العامة، وقلة الإمكانيات والوسائل التعليمية في المدارس الأمر الذي ينعكس سلبًا على جودة التعليم في المدارس العامة، وهجرة المعلمين ذوي الخبرات والكفاءات والشهادات التعليمية من التعليم العام إلى التعليم الخاص.
وأضاف أ.ل أن انتشار التعليم الخاص على حساب التعليم العام له سلبيات هي اقتصار التعليم ذو الجودة الجيدة على العوائل الميسورة ماديًا وبقاء التعليم العام لأبناء الطبقة الفقيرة الذين لا يستطيعون تحمل أعباء الأقساط المدرسية الكبيرة.
وفي سياق متصل قال محمد صباح حميدي نقيب المعلمين الأحرار خلال حديثه لموقع حلب اليوم أن هناك أسباب كثيرة ومتنوعة لتراجع التعليم العام وانتشار التعليم الخاص في مناطق ريف حلب الشمالي منها عدم كفاءة الكوادر التعليمية في المدارس العامة بسبب النقص في الكوادر المختصة وعدم وجود الخبرة الكافية بسبب أن أغلب تلك الكوادر من غير الخريجين الجامعيين الأمر الذي أدى لانعدام الثقة في المدارس العامة من قبل ذوي الطلاب حسب حميدي.
وأوضح حميدي أن هناك أسباب أخرى هي غياب الدعم الكافي عن المدارس العامة وإهمال السلطات للتعليم وسوء الإدارة التعليمية وغياب المركزية والمرجعية، وسبب اقتصادي هو أن التعليم بيئة محفزة للاستثمار.
وأشار حميدي إلى دراسة أجرتها نقابة المعلمين مؤخرًا، تظهر بأن 55٪ من الأطفال الذين هم ضمن سن6-14 ليسوا ضمن المدارس ولا يتلقون أي نوع من التعليم وهذا ما ينذر بكارثة حقيقية في مناطق ريف حلب الشمالي.
وأكد حميدي في ختام حديثه لحلب اليوم أن تحسين التعليم يحتاج إلى نية حقيقية من السلطات بالعمل وهذا يحتاج إلى اجتماع العناصر المؤثرة في التعليم والمرتبطة به، والخروج بمخرجات تطبق فعليا.
الجدير بالذكر أن مناطق إدلب وأريافها ليست أفضل بكثير من مناطق ريف حلب الشمالي فالقاسم المشترك بينهما هو انتشار المدارس الخاصة وارتفاع المستوى العلمي فيها على حساب المدارس العامة بالتالي ارتفاع الأقساط بشكل كبير ليكون التعليم ذو الجودة العالية حكرًا على العوائل الميسورة ماديًا.