تشهد مناطق سيطرة سلطة الأسد ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات سرقة الهواتف المحمولة، حيث تراوحت أساليب السرقة بين الاعتداء المباشر والاحتيال، مما يعكس واقع الفلتان الأمني في ظل غياب أجهزة سلطة الأسد الأمنية وتردي الأوضاع الاقتصادية.
تقول مراسلة حلب اليوم في مدينة حلب إن حوادث سرقة الهواتف المحمولة تزايدت منذ ثلاثة أشهر، خاصة في الأحياء الرئيسية مثل “السكري، وباب النيرب، وحلب الجديدة، وفي محيط جامعة حلب”.
شهادات
وفي هذا السياق، روت السيدة سارة.م (46 عاماً) لمراسلة حلب اليوم حادثة سرقة هاتفها في أثناء تسوقها في حي حلب الجديدة، حيث قالت: “كنت أبحث عن بعض المواد الغذائية، حين لاحظت شخصين يتربصان بي، وفجأة، انقضوا عليّ وسرقوا هاتفي المحمول. لم أتمكن من تحديد هويتهما بدقة؛ لأنهم كانوا يرتدون ملابس مموهة.”
وأضافت: “توجهت إلى قسم الشرطة ورفعت شكوى، مصطحبةً معي صندوق الهاتف وفاتورة الشراء، لكن دون جدوى حتى الآن، حيث لم يتم القبض على السارقين.”
محمد . ن، وهو أحد الضحايا، تعرض لسرقة هاتفه بالقرب من محطة الباصات في حي السكري، يروي لحلب اليوم: “كنت في انتظار الباص عندما اقترب مني شخص على دراجة نارية غير مرقمة، وسرعان ما خطف هاتفي وابتعد بسرعة.”
يؤكد محمد لحلب اليوم أنه قدم شكوى لقسم الشرطة ولشرطة المرور، مشيراً إلى أنه لم يتمكن بعد من الحصول على أي تقدم في القضية.
الأسباب
في حديثه مع “حلب اليوم”، رأى المحلل الاقتصادي حسن الطيب أن الأسباب الرئيسية وراء تفشي حالات السرقة في مناطق سلطة الأسد تكمن في الانهيار الاقتصادي والفقر ، في ظل فشل سلطة الأسد في تأمين مقومات الحياة الأساسية لسكان مناطقه وعدم قدرتها على معالجة آثاره، مما أدى إلى ظهور ظواهر اجتماعية غير مسبوقة في سوريا.
كما سلط الطيب الضوء على ما يُعرف بـ”النمذجة السلوكية”، التي تعني تقديم نماذج عنف كمثال يحتذى به، مما يؤثر بشكل سلبي على سلوكيات الشباب، ويزيد معدلات العنف لديهم. موضحا أن النمذجة السلوكية تركز على كيفية تأثير المحيط الاجتماعي والتجارب الشخصية على سلوك الأفراد، فالأفراد يتعلمون السلوكيات من خلال ملاحظة وتجربة المحيطين بهم، منوّهاً بأن مدينة حلب باتت منذ عام التهجير سنة 2016 وليمة لمليشيات الأسد التي سرقت منازل المهجرين على العلن، وباتت مهنتهم الرئيسية.
وأشار إلى أن الأشخاص الذين ينشؤون في أحياء تعاني ارتفاع معدلات الجريمة قد يرون السرقة كوسيلة عادية لتحقيق الأهداف، مما يزيد احتمالية تحولهم إلى محترفين في هذا المجال.
وخلال السنوات الماضية شهدت المناطق الواقعة تحت سيطرة سلطة الأسد ارتفاعاً كبيراً في معدلات الجرائم، بسبب الفوضى وتخلي الجهات الأمنية عن مسؤولياتها وتكريس كل الكوادر والمقدرات لقمع الحراك المناهض لسلطة الأسد. يضاف إلى ذلك ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، إضافة إلى تفكك المجتمع والقيم الاجتماعية التقليدية، في ظل انتشار المخدرات والسلاح، وعدم وجود سلطة رادعة أو قانون يحاسب مرتكبي الجرائم، مما شجع على ارتكابها دون خوف، وفقاً لمراسلتنا.