ارتفعت وتيرة الهجرة من مناطق سيطرة سلطة الأسد بشكل ملحوظ، خلال الفترة الأخيرة، وسط زيادة كبيرة في عدد العقارات المعروضة للبيع على منصات التواصل الاجتماعي، والتي يعود الكثير منها لضباط من سلطة الأسد.
وبحسب موقع “اقتصاد” المحلي، فإن عمليات البيع تتركز في المناطق الجديدة بمدن مثل دمشق وحلب واللاذقية، كما أن “المثير للاهتمام هو أن العديد من هذه العقارات تُباع بأسعار منخفضة مقارنة بقيمتها الحقيقية مما يشير إلى أن أصحابها لا يسعون لتحقيق مكاسب مالية بقدر ما يخططون لمغادرة البلاد بشكل دائم”.
وحول ذلك قال الخبير الاقتصادي السوري أدهم قضيماتي، لموقع حلب اليوم، إن العديد من الشخصيات المرتبطة بسلطة الأسد، تبحث عن الأموال بالعملة الصعبة، والتي يمكن أخذها لخارج البلاد، في حال حدث أمر ما، بدلا من العقارات التي قد يصعب بيعها في تلك الحالة.
وأوضح أن الوضع الاقتصادي السيء جدا في سوريا يُنذر بانهيار جديد لليرة خلال الفترة المقبلة.
ولا يزال سعر الصرف ثابتا منذ نهاية عام 2023؛ وإن كان عند قيمة منحفضة، لكن ذلك ساهم في خلق حالة توحي بالاستقرار، مع بقاء خطر الانهيار قائما.
ومع حالة “الثبات” الوهمية تلك، يؤكد الكثير من المراقبين أن استقرار سعر التصريف يتم فرضه أمنيا، عبر إملاء شروط معينة على الشركات والتجار وتدخل الأمن بشكل مباشر في الملف، لكن ذلك لم يحل دون ارتفاع الأسعار بشكل مضطرد، ما يعني أن الليرة تفقد المزيد من قيمتها الشرائية.
لكن قضيماتي يلفت هنا إلى أن بيع العقارات مرتبط بأمر آخر، فهو “في الوقت الحالي من الممكن أن يشكل مكسبا ماديا لهؤلاء الأشخاص (الضباط المرتبطين بالأسد) خاصة لمن يملك الكثير من العقارات، حيث يستطيع أحدهم أن يحول أمواله لعملة صعبة”.
وبذلك – يضيف الخبير الاقتصادي – “يكون الضابط أو المسؤول جاهزا في أي وقت للخروج من البلد في حال حدثت تصفية أو تغيير في المسار الذي مشت عليه سلطة الأسد خلال الفترة الماضية”.
وما يلفت الانتباه أكثر هو أن هذه العقارات موجودة في مناطق يعيش فيها تاريخيًا موالون للأسد، وضباط كبار في المخابرات والجيش، وفقا للمصدر الذي رآى في الأمر وكأنه “حركة هروب من البلد لهذه الفئة بالتحديد”.
ويقول قضيماتي: “شاهدنا خلال الفترة الماضية تصفية لعدد من الأشخاص المحسوبين على سلطة الأسد ممن لعبوا دورا كبيرا في محاولات قمع الثورة السورية وتصفية المعارضين”.
ومع “التغير الإقليمي وتوجه الدول للمصالحة مع السلطة أو إعادة العلاقات مع الأسد بشروط منها تغيير المؤسسة الأمنية أو تغيير الوجوه في تلك المؤسسة، فمن الممكن أن يلعب ذلك دورا كبيرا في إثارة الخوف لدى هؤلاء الناس”.
ومنذ العام الماضي بدأت سلطة الأسد تروّج للحديث عن “تغيرات إيجابية” مثل تشكيل لجنة اتصال لوضع حد لعمليات تهريب المخدرات، والادعاء بسحب الحواجز العسكرية من داخل المدن، وإنهاء الاحتفاظ، وسن قوانين تحدّ من تسلّط الشرطة وقوى الأمن الداخلي على السوريين، إلا أن كل تلك الادعاءات لم يقابلها أي إجراء على أرض الواقع.
وتشير عدة تقارير متقاطعة، إلى خيبة أمل الدول التي بادرت للتطبيع مع سلطة الأسد، على أمل “تغيير سلوكها”، حيث لا تزال تعمل بذات العقلية.
لكن رغبة الدول الإقليمية والغربية في الوصول لحل، وتسارع خطوات التطبيع بالمنطقة، مع الحديث عن “تغيرات” مطلوبة، دفع أولئك الضباط لأخذ الاحتياطات، والاحتفاظ بحالة “الاستعداد لترك البلد في حال حصل أي طارئ أو شعروا بأي خطر عليهم” بحسب قضيماتي.
ويضيف أننا “رأينا كيف تمت تصفية العديد من الأشخاص المعروفين، فضلا عن العديد من الأسماء غير المشهورة بشكل كبير”، وهو ما يوحي بأنه “من الممكن أن تكون هناك تصفية للأشخاص الذين ارتكبوا مجازر حرب، وهم أداة إدانة لسلطة الأسد خلال الفترة المقبلة”.
ويقول الموقع المذكور آنفا إن “من يتابع صفحات التواصل الاجتماعي، الخاصة ببيع العقارات والممتلكات والأراضي في مناطق سيطرة الأسد، سوف يصل إلى نتيجة مفادها أن جميع السوريين يريدون الهجرة من البلد، وذلك نظراً للكم الكبير من العقارات المعروضة للبيع في شتى المحافظات، وخصوصاً في المناطق الراقية في المدن الكبرى، كدمشق وحلب واللاذقية”.
ويضيف أن هؤلاء “لا يبيعون ممتلكاتهم لحاجة مالية، وإنما لأنهم يخططون لمغادرة البلد بشكل شبه نهائي”، وسط تراجع في النشاط التجاري لأصحاب رؤوس الأموال.
ولفت إلى أن العديد من المواقع الإعلامية الموالية، تحدثت مؤخرا عن ظاهرة غريبة في انتخابات غرفة تجارة دمشق المزمع إجراؤها نهاية الشهر الحالي، حيث تبين أنه من أصل نحو 5 آلاف تاجر مسجلين في وزارة التجارة الداخلية، لم يتقدم سوى 10 بالمئة منهم للحصول على براءة ذمة للمشاركة في الانتخابات.
وقالت تلك المواقع إن “أغلب تجار دمشق غادروا سوريا، ويبدو الأمر أكثر وضوحاً، من خلال البيانات التي نشرتها الإمارات العربية المتحدة قبل عدة أيام، والتي كشفت فيها بأن السوريين أسسوا أكثر من 1300 شركة منذ مطلع العام الجاري”.
كما كشفت بيانات حديثة للمكتب المركزي للإحصاء التابع لسلطة الأسد، أن هناك 221 ألف شخص كانوا على لائحة المشتغلين في العام 2021، واختفوا في العام 2022، و”هو ما يفسره أحد الأمرين: إما أنهم سافروا إلى خارج البلاد للعمل والهجرة أو أن تقديرات المكتب المركزي للإحصاء ليست دقيقة”، وذلك بحسب الصحفي الموالي زياد غصن.