تعاني مدينة دمشق من أزمة مواصلات خانقة تتفاقم يوماً بعد يوم، بفعل الظروف الاقتصادية التي تمر بها سلطة الأسد، فقد تحول الشعار الشائع “لا يوجد بنزين بما يكفي” إلى واقع ملموس يعيشه سكان العاصمة، مما سبّب لسكانها صعوبات بالغة في التنقل وارتفاعاً ملحوظاً في تكاليف النقل.
تؤكد مراسلة حلب اليوم، إن مدينة دمشق تعاني نقصاً حاداً في الوقود، مشيرةً إلى أنه وفي حال توفره تكون أسعاره مرتفعة، إذ يبلغ سعر ليتر البنزين (أوكتان 95) إذا توفر، 13,500 ليرة سورية، والبنزين (أوكتان 90) يبلغ 12,٠٠٠ ليرة سورية فيما يبلغ سعر ليتر المازوت الحر من 11,500 ليرة سورية.
تأخر وصول رسائل البنزين
تزامنًا مع هذه الأوضاع، تؤكد مراسلتنا إن السائقين يعانون أيضاً من تأخر كبير في وصول رسائل البنزين أوكتان 95، مما يثير استياءهم، فقد اشتكى عدد من السائقين من تأخير يصل إلى 14 يوماً في بعض الأحيان، للحصول على الرسائل، مما يتجاوز الفترة المعتادة.
بدوره، يقول أحد السائقين بدمشق، لمراسلة “حلب اليوم”، إنه أرسل طلبًا لتعبئة البنزين في محطة الأمويين، ولكن ورغم مرور أكثر من 10 أيام، لم يتلق الرسالة المطلوبة، فيما أشار سائق آخر إلى أن طلبه لتعبئة البنزين في محطة طريق المطار قوبل بالتأخير حيث استلم الرسالة بعد 9 أيام من الانتظار.
الاستغلال والضغط على وسائل النقل
أدى نقص الوقود وارتفاع الأسعار إلى استغلال بعض سائقي وسائل النقل لاحتياجات المواطنين، حيث يرفعون الأسعار بشكل مبالغ فيه، ليلى.أ، موظفة في قطاع الصحة بدمشق، تقول لـ “حلب اليوم”: “الوصول إلى عملي أصبح تحدياُ يومياً، اضطر للانتظار لساعات طويلة حتى أتمكن من الحصول على وسيلة نقل، وبمجرد أن أجد واحدة، تكون الأجرة مرتفعة جدًا، ولا تتناسب مع دخلي.”
وفي السياق، عبّر “خالد.ي”، وهو طالب جامعي في جامعة دمشق، عن استيائه العميق من أزمة المواصلات، قائلًا: “الأزمة تؤثر بشكل كبير على حياتنا اليومية، فعدم توفر وسائل النقل المناسبة يسبب لنا الكثير من المتاعب، ففي بعض الأحيان، اضطر لترك محاضراتي أو تأجيل أنشطتي اليومية؛ بسبب عدم قدرتي على العثور على وسيلة نقل”.
وأضاف: “التأخير في وصول الحافلات والميكروباص يجعلنا ننتظر لساعات طويلة، مما يسبب لنا إجهاداً كبيراً، ويؤثر في جودة حياتنا الدراسية والاجتماعية. هذا الوضع يضغط علينا بشكل كبير، ويجعل من الصعب علينا الحفاظ على التوازن بين الدراسة وحياتنا الشخصية.”
بدوره، وصف أبو محمد، سائق حافلة صغيرة (سرفيس)، الوضع الراهن قائلًا: “الوضع صعب علينا جميعًا، فالوقود الذي نحتاجه لتشغيل مركباتنا أصبح شحيحاً جدّاً، وعندما نجده، تكون الأسعار مرتفعة للغاية، إذ تسبب هذا التحدي في ضغوط مالية هائلة، فزيادة الأجرة ليست خيارا، بل ضرورة لضمان استمراريتنا في العمل.
وزاد: “بالإضافة إلى ذلك، نواجه مشكلة كبيرة في تأخر وصول الرسائل الخاصة بالوقود، مما نضطر أحيانا للعمل لساعات أطول من أجل الحصول على كميات قليلة من الوقود بأسعار مرتفعة، وهذا يضيف عبئاً إضافيًا علينا وعلى الركاب، مُحذّراً من استمرار الوضع، فإننا سنواجه صعوبة في تغطية تكاليف التشغيل الأساسية، مما قد يؤدي إلى توقف بعضنا عن العمل.
فشل سلطة الأسد في مواجهة الأزمة
ولم تتمكن سلطة الأسد من إيجاد حلول عملية للأزمة، بل أصبحت في كثير من الأحيان جزءًا من المشكلة، حيث اعتمدت على سياسات مؤقتة ومسكنات اقتصادية مثل رفع الأسعار وتخفيض كمية الدعم على المحروقات، وفقاً لمراسلتنا، ممّا زاد الأعباء على المواطن الذي يعيش بالفعل تحت ضغط اقتصادي خانق.
ورغم الوعود المتكررة من سلطة الأسد بإيجاد حلول جذرية للأزمة، إلا أن الواقع كشف عن الفشل، حيث لا تزال محطات الوقود عاجزة عن تلبية الطلب المحلي، بينما يشهد القطاعان الصناعي والتجاري تدهورًا؛ بسبب انقطاع إمدادات الطاقة.
يشار إلى أن أزمة المحروقات تؤثر أساساً على جميع جوانب الحياة، من النقل إلى التدفئة والكهرباء، إذ باتت العديد من الأسر تعتمد على بدائل غير آمنة أو مكلفة للطبخ والتدفئة شتاءً، في حين تعاني وسائل النقل العامة من تراجع كبير في خدماتها نتيجة نقص الوقود.