تستمر الحكومة في المطالبة بدعمها في مواجهة “أزمة” وجود النازحين السوريين – كما تسميهم – مدعية أنهم يتحملون الجزء الأكبر من أسباب فشلها اقتصاديا وسياسيا، وتراجع الوضع العام في البلاد، حيث بات اللاجؤون السوريون قضية لبنان المركزية، وفقا لما تصوّره أجهزة الإعلام المحلية.
ويتهم البعض الحكومة بمحاولة التهرب من استحقاقاتها عبر تحميل السوريين مسؤولية الفشل الذريع الناتج عن الفساد وعن الاستقطاب السياسي، وقد أكد عشرات الكتاب والصحفيين اللبنانيين في بيان مشترك العام الماضي، أن الحكومة تحاول صرف أنظار اللبنانيين عن سبب أزمتهم الحقيقي، عبر اتهام السوريين.
وقال المحامي اللبناني محمد صبلوح، لموقع حلب اليوم، إن ادعاءات الحكومة حول ذلك، غير صحيحة أبدا، مؤكدا أن العكس هو الصحيح، وأن وجود السوريين ساهم في الحفاظ على لبنان وتجاوز أصعب أوقاته.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن الحكومة بصدد الإعلان عن خطة جديدة لترحيل اللاجئين السوريين، مبنية على خمسة بنود، وهو ما اعتبره مراقبون محليون تكرارا لعشرات النسخ من الخطط الماضية، رغم أنه سيشكل خطر جديدا على السوريين الذين يتم ترحيلهم وتسليمهم لسلطة الأسد.
وأكد صبلوح وهو مدافع عن حقوق الإنسان وعن حقوق اللاجئين، ومدير برنامج الدعم القانوني في مركز سيدار للدراسات القانونية، أن تحركات الحكومة اللبنانية تأتي في إطار استدرار الدعم الدولي فحسب، وأنها لا تعمل على برنامج حقيقي.
وأضاف أن وجود اللاجئين على الأراضي اللبنانية، لم يكن سببا في أزمات البلد، بل ساهم في تجاوز أصعب أزمة مر بها لبنان، حيث إن المساعدات التي تم ضخها من قبل المجتمع الدولي جعلت الحكومة تقف على قدميها مرة أخرى.
وأكد صبلوح أن “هناك تكبرا من الدولة اللبنانية حول هذا الموضوع ومحاولة للتهرب من تحمل المسؤولية”.
وكان عدد من اللبنانيين قد طالبوا في مقاطع مصورة بوقف ترحيل السوريين وملاحقتهم، مؤكدين أن العمالة السورية المتميزة والرخيصة تساهم في دعم مختلف القطاعات في البلد، حيث إن هذا الوضع ليس جديدا، بل يعود إلى عدة عقود مضت.
وقد أكد السوريون نجاحهم في كافة البلدان التي لجأوا إليها، حيث باتوا جزءا رئيسيا من مختلف قطاعات العمل، وفي البلدان الأوروبية – حيث أُتيحت لهم الفرص – استطاعوا تقديم نماذج باهرة.
وبمزل عن ذلك، فقد قدمت الدول المانحة الأوروبية والخليجية، مبالغ كبيرة لدول الجوار السوري، بما فيها لبنان، من أجل ضمان توقف موجات تفق الهجرة غير الشرعية عند تلك الدول، وحصلت بيروت على حصة كبيرة من تلك المساعدات.
وقال صبلوح في حديثه لحلب اليوم: إن “الحكومة اللبنانية تحاول تحميل السوريين سبب الأزمة الاقتصادية الموجودة.. و أنا كمحامٍ لبناني أؤكد أن وجود السوريين والمساعدات اللي قدمت بسببهم أنقذت لبنان من الانهيار الكامل”.
وأضاف: “ما يزال لبنان يعتاش على نفقة اللاجئين السوريين والتي تقدم لهم من المجتمع الدولي.. للأسف الحكومة اللبنانية تحاول تحميل الفشل للاجئين لتتهرب من مسؤولياتها أمام الرأي العام وأمام المجتمع اللبناني.. وهذا كلام مغالط”.
كما أكد أن “الحكومة تتحجج بموضوع إحصاء عدد اللاجئين وفي كل مرة تذكر أرقاما مخيفة”، موضحا أن معلوماته تشير إلى أن 800 ألف شخص فقط مسجلون بمفوضية الأمم المتحدة في لبنان رسميا، لكن الحكومة “تتحدث عن مليونين و800 ألف لاجئ سوري وهذا الرقم مبالغ فيه”.
وتناقش الحكومة اللبنانية في جلستها اليوم السبت، خطة أعدها فريق رئيس الوزراء “نجيب ميقاتي” تتكون من 5 بنود للتعامل مع ملف اللاجئين السوريين وإعادتهم إلى سوريا، حيث تشمل خطة الحكومة السابقة “جمع بيانات السوريين وتصنيفهم بين اقتصاديين أو طالبي لجوء إلى بلد ثاني”، و “ضمان إعادة نحو 2.8 مليون لاجئ سوري” و”تشديد الرقابة على الحدود ومكافحة التهريب” و “تقديم المساعدات لدعم جميع الفئات الضعيفة بمن فيها النازحون” و”تحديد الإطار القانوني لفرص العمل”.
ويرى صبلوح أن الحكومة لم وطرح ورقة جدية فهي “فقط ورقة للابتزاز ليس أكثر… مرة تضغط على مفوضية اللاجئين ومرة تبتز المجتمع الدولي.. ملف اللاجئين يعالج بطريقة مختلفة عبر الدعوة لمؤتمر دولي يحمل المجتمع الدولي مسؤولياته”.
واعتبر أن “كل ما تعده الحكومة اللبنانية ورئيسها ميقاتي يبقى تحت خانة الابتزاز لتحصين أموال ليس أكثر”.
يذكر أن رئيس حزب “القوات اللبنانية”، سمير جعجع، قال أمس إن لبنان ليس بلد لجوء وفقًا للقانون الدولي، داعيا إلى استخدام مصطلح “الوجود السوري غير الشرعي“، وعدم ذكر مصطلح “اللجوء السوري” أو “اللاجؤون السوريون” أو “النزوح السوري”.