خاص | حلب اليوم
يواجه خريجون من جامعات الشمال السوري تحديات كبيرة في العثور على فرص عمل. والعديد منهم يعانون البطالة أو العمل في مجالات لا تتناسب مع تخصصاتهم الأكاديمية. فأعداد الخريجين الجامعيين في الشمال السوري المحرر تزداد عاماً بعد عام، بينما لا تغير يذكر على نسبة الوظائف الشاغرة، بل قد تكون في انخفاض ملحوظ في الفترة الأخيرة.
يقول أحد الخريجين من كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة شام في ريف حلب الشمالي “طلب عدم ذكر اسمه، في حديثه لحلب اليوم أن سبب هذه الظاهرة يعود إلى زيادة أعداد الخريجين الجامعيين في شمال سوريا، بالإضافة إلى قلة فرص العمل وتخفيض كثير من المنظمات للمشاريع الإغاثية والخدمية ووجود الوساطة للحصول على عمل، وهذا ما ينعكس سلبًا على الخريجين.
وأوضح الخريج الجامعي أنه ومنذ تخرجه من كلية الإدارة والاقتصاد منذ سنة تقريبا، تقدم للعديد من الشواغر منها في ذات تخصصه الأكاديمي، ومنها بغير تخصصه، إلا أن محاولاته باءت بالفشل، علما أنه يمتلك بعض الخبرات، وخضع للعديد من الدورات التدريبية.
في السياق نفسه، أوضح الأستاذ محمد رعدون مدير مكتب العلاقات العامة في نقابة الاقتصاديين في ريف حلب الشمالي أن الاقتصاد في الشمال السوري يعاني ظروفاً اقتصادية قاسية نتج عنها بطء دوران عجلة الاقتصاد؛ مما أدى إلى انخفاض الطلب على القوى العاملة، والتي يشكل خريجو الجامعات شريحة لا بأس منها.
وبيّن رعدون أن الوضع السياسي غير المستقر يصعب إمكانية توطين رؤوس الأموال المحلية وكذلك جذب الاستثمارات والمستثمرين الأجانب، مما يحد من القدرة على التوسع في الأعمال الاقتصادية الصناعية والتجارية؛ وبالتالي قلة الطلب والحاجة إلى القوى العاملة وقلة فرص عمل جديدة لخريجي الجامعات.
وأكد رعدون على أهمية دور الحكومة والمؤسسات الاجتماعية المتمثل بتوفير الأمن والاستقرار؛ مما يساهم في تنشيط الاقتصاد في المناطق المحررة، ويخلق بيئة استثمارية مواتية بالإضافة لتشجيع رواد الأعمال وتقديم التحفيزات لهم والإعفاءات الضريبية والتسهيلات ودعم المشاريع الصغيرة التي من الممكن أن تكون قاعدة أساسية لتوظيف عدد كبير من خريجي الجامعات، لافتا إلى أهمية إنشاء مراكز تدريب وتنمية مهارات تقنية ومهنية تتماشى مع احتياجات السوق.
وفي ظل الثورة التقانية الحديثة وضرورة تطوير مهارات الخريجين أكد رعدون على أهمية اتباع استراتيجية تعتمد على تطوير مهارات الخريج والتعلم المستمر، والتركيز على المهارات العملية والبحث عن الفرص البديلة مثل العمل الحر، مشيرا إلى أن البدء بمشروعات صغيرة في مجال ريادة الأعمال لا تحتاج إلى الكثير من المقدرات المالية.
بدوره، أرجع الأستاذ أحمد إسماعيل مدير قسم المنح الطلابية في مؤسسة تعليم بلا حدود مداد سبب قلة فرص العمل إلى البيئة المحاصرة المتواجدين ضمنها خاصة وأنه من الصعب الوصول للعالم بغالب المنتجات.
وأضاف إسماعيل خلال حديثه مع موقع حلب اليوم، أن تقلص أعمال المنظمات والمؤسسات العاملة بالشمال، أثر سلبيا على فرص العمل.
ولفت إلى دور التكنولوجيا في سوق التوظيف، حيث ألغت العديد من الأعمال، واستُعيض عن الموظف بالتكنولوجيا، لكن وبالمقابل خلقت فرص عمل كثيرة، وهي فرصة كبيرة للجيل الجديد بأن يطور مهاراته، ويحل مكان الجيل الأقدم الذي لم يطور نفسه في العمل.
وعن أبرز مشاريع مؤسسة مداد في هذا الصدد قال إسماعيل إنهم أطلقوا مشروع الـ1000 مبرمج، في وقت سابق، والذي ساهم في تخريج قرابة 100 مبرمج، معظمهم باشر عمله مع شركات ومؤسسات خارج سوريا وبدخل يتراوح من 150 – 500$ من بداية تخرجه، منوها إلى أن هناك أكثر من 50 مهنة للعمل عن بعد، يمكن أن يتعلمها الخريجون، ويتدربوا عليها منذ السنة الأولى لدراستهم ومع تخرجهم يكون دخلهم عالياً جدًا.
وأوضح إسماعيل أن هناك فجوة واسعة بين التعليم وسوق العمل في العالم المتقدم، ومن باب أولى اتساع الفجوة في سوريا، مشيرًا إلى أن التخصصات اليوم لا تفي بـ 35% من احتياجات سوق العمل لعام 2030 وهي حقيقة حسب دراسة قرأها في وقت سابق.
وشدد في ختام حديثه مع حلب اليوم على أهمية تطوير المناهج التعليمية وتعديلها كل عام بما يتناسب مع احتياجات السوق والتطور العلمي المتسارع، بما يضمن تنمية القدرات للتأهيل لسوق العمل، مبيّنا أن التعديل ليس بالضرورة أن يكون جوهريا، إنما إدخال مواضيع وبرامج وتدريبات تناسب سوق العمل، فسوق العمل متغير بشكل دوري، تنشأ فيه وظائف جديدة وتختفي أخرى.