حلب اليوم – خاص
ارتفعت رسوم التسجيل في المدارس الخاصة في مدينة دمشق الخاضعة لسيطرة سلطة الأسد، هذا العام بشكل ظاهر، في ظل تدهور جودة التعليم في المدارس العامة.
ووفقًا لمراسلة “حلب اليوم” في دمشق، فقد شهدت رسوم التسجيل في المدارس الخاصة ارتفاعًا ملحوظًا هذا الموسم، حيث تراوحت الرسوم السنوية لتلاميذ المرحلة الابتدائية بين 10 و12 مليون ليرة سورية كحد أدنى، بينما تجاوزت رسوم التعليم الثانوي 14 مليون ليرة، ما يعادل نحو ألف دولار أمريكي.
وكانت الرسوم العام الماضي تتراوح بين 4 إلى 10 ملايين ليرة.
وأشارت مراسلتنا إلى أن هذه الرسوم تفاوتت بناءً على موقع المدرسة ومستوى تجهيزاتها، حيث تقدم العديد من المدارس الخاصة خدمات إضافية مثل النقل والوسائل التعليمية الحديثة.
وفي سياق متصل، شهدت أسعار القرطاسية أيضًا ارتفاعًا، إذ بلغ سعر دفتر من 50 ورقة 4000 ليرة سورية، بينما تراوحت أسعار أقلام الحبر وأقلام الرصاص بين 3000 إلى 5000 ليرة. وتبدأ أسعار المواد الأساسية مثل المحايات والمبراة من 2000 ليرة، وفقًا لمراسلتنا.
أسباب تميز التعليم الخاص
توضح المدرّسة سعاد.م، التي انتقلت إلى العمل في إحدى المدارس الخاصة في حي ركن الدين، أن جودة التعليم في المدارس الخاصة هي السبب الرئيسي للإقبال المتزايد عليها، مؤكدةً أن هناك عدة عوامل تميز التعليم الخاص عن التعليم العام.
وقالت لـ “حلب اليوم” إن المدارس العامة تعاني تدهور حاد في مستوى الخدمات التعليمية بسبب نقص التمويل وهجرة المدرسين المؤهلين إلى الخارج أو إلى مدارس خاصة. زيادة على ذلك، يشكل الاكتظاظ في الصفوف مشكلة كبيرة، حيث قد يتجاوز عدد الطلاب في الصف الواحد الخمسين طالبًا، ما يؤثر إلى حد بعيد على جودة التعليم الفردي.
في المقابل، توفر المدارس الخاصة بيئة تعليمية أكثر تنظيمًا، حيث يكون عدد الطلاب في الصف الواحد محدودًا، مما يسمح بتقديم اهتمام أكبر لكل طالب، وفقًا للمدرسة سعاد.
وفي السياق ذاته، أكد المدرس نوار.ع في إحدى المدارس الخاصة في حي المهاجرين، أن المدارس الخاصة تعتمد على وسائل تعليمية حديثة وأساليب تدريس متطورة تساعد على تحسين مستوى التعليم، مثل استخدام التقانة في العملية التعليمية وتقديم أنشطة إثرائية تسهم في تطوير مهارات الطلاب بشكل شامل.
وأوضح المدرس أن هذه العوامل تجعل المدارس الخاصة خيارًا أفضل للعديد من الأسر التي تبحث عن تعليم متميز لأبنائها، حتى وإن كان ذلك بتكلفة أعلى.
خصخصة التعليم
بدوره، أوردت مراسلة “حلب اليوم” عن مصدر في وزارة التربية بدمشق -رفض الكشف عن اسمه- أن النظام التعليمي في سوريا يتجه نحو خصخصة جزئية، خاصة في المناطق الريفية، بعد أن سمحت وزارة التربية باستصدار تراخيص جديدة للمدارس الخاصة، وهو ما يعكس توجهًا نحو تعزيز دور القطاع الخاص في التعليم.
وأوضح المصدر لمراسلتنا أن هذا التوجه جاء كاستجابة لتدهور الخدمات التعليمية في المدارس العامة، التي تعاني نقص حاد في الموارد البشرية والمادية.
وأكد أن التعليم الخاص في سوريا لا يقدم فقط بديلاً للتعليم العام، بل يسعى أيضًا إلى تقديم تجربة تعليمية متكاملة تشمل تطوير المناهج وتحسين بيئة التعلم. ومن المتوقع أن يساعد هذا الاتجاه نحو الخصخصة في استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب، ويتيح لهم الحصول على تعليم ذي جودة أعلى.
وأضاف: “ومع ذلك، يظل هذا الخيار متاحًا فقط للأسر القادرة ماليًا، مما يثير تساؤلات حول عدالة الوصول إلى تعليم جيد في ظل التفاوت الاقتصادي والاجتماعي المتزايد في البلاد.”
وفي ظل تدهور الأوضاع المعيشية والانهيار اليومي لليرة السورية، يظل التعليم الخاص خيارًا حصريًا للأغنياء، بينما يؤكد العديد من السكان لمراسلتنا أن الضغوطات الاقتصادية الصعبة تبدو في كل مكان، بما في ذلك المتسولون والمشردون الذين يجوبون شوارع الأحياء الراقية.