يؤدي تصاعد معدلات الفقر والبطالة في عموم سوريا، ومناطق سيطرة الأسد تحديدا، إلى تزايد العديد من الظواهر الاجتماعية السلبية المرتبطة بذلك، بما فيها العنف الأسري والتفكك.
ويؤكد موقع أثر برس الموالي لسلطة الأسد، أن التعنيف ضد النساء والفتيات، ازداد مؤخراً، سواء من الأهل أو الزوج، حتى إن هناك حالات تصل لحد التسبب بالوفاة، لا سيما خلال السنوات الأخيرة، كما يؤكد أن هذه الزيادة مرتبطة بالعامل الاقتصادي وصعوبة العيش.
وحول ذلك قالت الباحثة الاجتماعية السورية، وضحة العثمان، لموقع حلب اليوم، إن الفقر حقيقةً له دائما انعكاسات سلبية جدا، وخاصة في الظروف التي يكون فيها الإنسان بعيدا عن بيئته الاجتماعية الأولى والحاضنة الأولى التي تضم أناسا من أقاربه، ومن بيئته الاجتماعية من الممكن أن يسندوه.
ويوجد هناك ربط دائما بين الفقر والضغوط الاقتصادية من جهة، وبين العنف الأسري والتفكك من جهة أخرى، وهو ما تراه الباحثة السورية صحيحا، حيث تؤكد أن الظروف القاسية جدا تنعكس بشكل سلبي على الإنسان، وعندما يصبح عاجزا عن تقديم متطلبات عائلته، فقد يتجه اتجاهات سلبية لتغطية هذا العجز والضعف أمام الأسرة، وربما يتحول إلى شخص سلبي وعدواني ما ينعكس على الأسرة بشكل عام، ويسبب العنف.
الحالة تزيد في مجتمعات اللجوء
في ظل اللجوء والنزوح تصبح هذه الظاهرة أكثر حدة، حيث تزيد الصعوبات المعيشية على رب الأسرة، الذي قد يلجأ إلى إظهار قوته أو سلطته وسيطرته على الأشخاص الذين هم أضعف منه، وبما أنه في مجتمعاتنا المرأة والطفل هم الفئة الأضعف فالرجل عندما يحس بالعجز، فإنه قد يلجأ إلى إظهار سيطرته عليهم كنوع من رد الفعل، وفقا للعثمان.
وتشير البيانات الأممية والتقارير الإعلامية إلى تراجع مستمر في الوضع المعيشي للاجئين السوريين، في دول الجوار، مع تراجع الدعم الإغاثي المقدم من الأمم المتحدة.
وتضيف العثمان أن محاولة التخلص من الحالة النفسية التي يعيشها الرجل، والناتجة عن عجزه عن تأمين احتياجات البيت، تخلق بيئة مناسبة لقضية العنف الأسري.
وعندما تكون المرأة عاملة، وتحقق دخلا للبيت، فربما يريد الرجل أن يقول في ردة فعل “أنا ما زلت موجودا” عبر العنف والتعنيف.
هل العنف الأسري موجود فقط لدى العرب؟
فيما يرى البعض أن المرأة في المجتمعات الغربية تحظى بوضع أفضل منها في مجتمعاتنا العربية، فإن العديد من التقارير والدراسات تشير إلى تعرضها للعنف والاغتصاب على نطاق واسع في الدول الغربية.
وحول ما إذا كانت قضية ضرب الأطفال والنساء ظاهرة عربية، قالت العثمان إن الموضوع بالتأكيد غير مرتبط بالمجتمعات العربية فقط، فهي مثل المجتمعات كلهن يكون فيها التعنيف للفئة الأضعف أي المرأة والطفل.
ورغم أن الأسباب الاقتصادية تأتي في المقدمة، فإن هناك الأسباب الاجتماعية والعلاقات العاطفية بين الأشخاص؛ حيث إن كل ذلك يؤدي إلى هذا العنف.
أما عن الحلول، فإنها لا تكون فردية – بحيث الباحثة – فعندما نريد أن نعالج هذه الجزئية، فإننا كمجتمع سوري لا نستطيع ذلك، فهذه المعاناة النفيسة جراء حالة الحرب وحالة اللجوء والنزوح التي يعيشها الناس لها امتداداتها الكبيرة، ومن ضمنها هذه الجزئية.
وحتى نعيش حالة صحية نحتاج لنصلح الحالة السورية كلها بشكل عام، فالناس يحتاجون إلى العيش في بيئة اقتصادية واجتماعية آمنة، وعندما توجد قوانين تحمي الإنسان كشخص، فإن ذلك ينعكس على نفسيته، وفي الغالب لا يمارس هذا السلوك من يمارسه؛ لأنه يريد العنف، لكنه “انعكاس لظروف قاسية”.