ياسر العلاوي
في التاسع عشر من أيار الفائت أعلنت إيران سقوط طائرة الرئيس إبراهيم رئيسي، ومعه وزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان وشخصيات أخرى أثناء عودتهم من محافظة أذربيجان الشرقية.
بعد ساعات أعلنت طهران مصرع رئيسي والوفد المرافق له، ليعيّن “مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي” محمد مخبر -النائب الأول لرئيسي- رئيساً مؤقتاً للبلاد تطبيقاً لبنود الدستور الإيراني.
على عجل حددت طهران يوم 28/6/2024 موعداً لإجراء انتخابات رئاسية، لملئ الفراغ الذي خلّفه مصرع رئيسي.
وفي الموعد تنافس 5 مرشحين للظفر بمنصب رئاسة الجمهورية الإيرانية، انتهى بصعود مرشح إصلاحي هو مسعود بيزشكيان وسعيد جليلي الذي ينتمي لتيار المحافظين، لخوض جولة ثانية بتاريخ 6/7/2024 ليحقق بزشكيان الفوز بكرسي الرئاسة في إيران.
بعد ما حصل في إيران في الفترة الماضية، يتساءل السوريون عن التغييرات المحتملة في سياسة إيران تجاه سوريا، مع وصول مرشح من التيار الإصلاحي لسدة الحكم، التيار المعروف باهتمامه بالداخل الإيراني أكثر من الخارج، خاصة مع المشكلات الداخلية التي تعصف بإيران، والعقوبات الاقتصادية والسياسية التي تطال شخصيات وكيانات إيرانية تزيد من حالة عدم الاستقرار التي تعيشها البلاد.
تقول الصحفية ليندزي شوتيل في مقالها المنشور على موقع (شبكة الجيوستراتيجي للدراسات) المهتم بالشأن السياسي والاستراتيجي “يمثل فوز السيد مسعود بيزشكيان عودة للأجندة الإصلاحية المعتدلة نسبياً في إيران بعد سنوات من التهميش، بينما كان يسعى إلى إقناع الإيرانيين بالتصويت لصالحه، كان على السيد بيزشكيان، الذي خدم لمدة 16 عامًا في البرلمان وأربع سنوات كوزير للصحة، أن يتعامل مع خيبة أمل الناخبين الذين لم يشهدوا سوى القليل من التغيير في عهد رئيسين سابقين وعدوا ببعض التغيير، لقد حقق محمد خاتمي، الإصلاحي، وحسن روحاني، الوسطي المعتدل، انتصارات ساحقة في انتخاباتهما، لكن في الحكومة، كانا مقيدين بالسلطة المطلقة للسيد خامنئي”.
المعارض الإيراني مسعود محمد قال لحلب اليوم “إن هيكلية النظام الإيراني لا تخول الرئيس القيام بتغييرات كبرى، هناك يد المرشد أعلى من الجميع، هذا النظام لا تضاهيه أي ديكتاتورية في العالم، القرار لعلي خامنئي ويحميه الحرس الثوري كأداة عسكرية”.
مصطفى النعيمي الباحث في الشأن الإيراني قال لموقع حلب اليوم “لا أرى تغيّراً في السياسة الخارجية الإيرانية بما يخص ملف الأزمات في المنطقة العربية بشكل عام، ما حصل في إيران، لم يغيّر طبيعة العمليات العسكرية للحرس الثوري أو الميليشيات التابعة له وأماكن التموضع والانتشار”.
وأضاف النعيمي “المسؤول بشكل مباشر عن إدارة الملفات الإيرانية داخل وخارج إيران هو مرشد الثورة علي خامنئي، لهذا لم نلحظ أي تغيّر في سياسة إيران تجاه المنطقة، خاصة الوجود العسكري في دول عربية كثيرة”.
وحول سياسة الرئيس الإيراني الجديد وما يخص الميليشيات التي تديرها وتدعمها إيران في سوريا والمنطقة ككل قال مسعود محمد “بزشكيان يؤكد على دعمه لحزب الله اللبناني، حيث وجه رسالة إلى حسن نصر الله بقوله (لقد دعمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية دائماً مقاومة شعوب المنطقة ضد النظام الصهيوني غير الشرعي إن دعم المقاومة متجذر في السياسات الأساسية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومثل الإمام الراحل رضي الله عنه وتوجيهات المرشد الأعلى دام ظله العالي مستمرة بقوة)”.
وفي ذات السياق تحدث النعيمي عن تركيز طهران على الاستمرار في دعم الميليشيات العسكرية المنتشرة في المنطقة عامة وسوريا خاصة ونوه إلى أن “طبيعة العمليات العسكرية للمليشيات الولائية متعددة الجنسيات ستبقى على ماهيتها، من حيث التموضع والانتشار وما تنفذه من أوامر الاستهداف والتهديد المتبادل مع الولايات المتحدة أو حتى مع الجانب الإسرائيلي، لاحظنا ذلك من خلال ميليشيا عصائب أهل الحق، النجباء، فاطميون، زينبيون وحزب الله وكل هذه الفصائل ما زالت مستمرة في نهجها ويستمر دعمها من قبل طهران بشكل مباشر وهذا الدعم لا يتأثر بالتغييرات على مستوى القيادة الإيرانية، وبالتالي فإن السياسة الإيرانية الخارجية في المنطقة لن تتغير بتغيّر الرئيس الذي يعد أداة منفّذة لمجموعة من مؤسسات المرشد”.
وأورد النعيمي مثالاً على ما سبق، وقال إن “ما تسمى (المقاومة الإسلامية في العراق) التابعة لإيران أصدرت بياناً حول استهدافها محطة أوروت رابين لتوليد الطاقة في فلسطين المحتلة بوساطة الطيران المسيّر بعد انتخاب بزشكيان، وهذا دليل على أن ما يحصل في المنطقة من قبل الميليشيات الإيرانية والحرس الثوري لا يتحكم به الرئيس أو الحكومة”.
ويبدو أن مسعود بزشكيان لن يغيّر موقف إيران من سوريا، كما لن يغيّر من دعم طهران للأسد، ولن يخرج عن عباءة مرشد الثورة الإيرانية، كما أنه لن يكون حاجزاً بين إيران وسلطة الأسد، فالنظرة العامة لتاريخ القيادة الإيرانية تبيّن أن الرئيس لا يتعدى “مسؤول المشتريات” وفق تعبير المعارض الإيراني مسعود محمد، فال أمر لن يصبح أجمل وإيران ستبقى تدعم ميليشياتها ووجودها العسكري في سوريا حتى وإن تغيّر النظام الإيراني بالكامل وبقي المرشد في منصبه.