تشتكي سلطة الأسد من “عرقلة” الأردن لدخول البضائع، خاصة البرادات المحمّلة بالخضروات والفواكه، حيث تقول وسائل إعلام السلطة إن الآليات تصطف بالمئات في معبر نصيب – جابر، بسبب الإجراءات الأردنية.
وفيما يرى بعض المتابعين أنها إجراءات احترازية لمواجهة مشكلة تهريب المخدرات، يربط البعض الآخر بين ذلك وبين تعثر ملف التطبيع العربي مع سلطة الأسد، فضلا عن الرفض الأمريكي المعلن لاستعادة العلاقات الاقتصادية معه.
وقال عضو لجنة تصدير الخضر والفواكه في سوق الهال المركزي بدمشق، محمد العقاد، إن هناك “مشكلة تعترض طريق البرادات السورية المحملة بالفاكهة والخضر بالمرور عبر الأراضي الأردنية، ما يؤدي إلى تأخر تمرير بضائعهم”.
وفي رده على ذلك قال أدهم قضيماتي، الخبير الاقتصادي السوري، لموقع حلب اليوم، إن علاقة سلطة الأسد بالأردن هي علاقة “يمكن أن تتطور”، لذا فإنه من الممكن أن يخفف الأردن إجراءات دخول الشاحنات من سوريا بشرط ضبط السلطة لتصنيع وتهريب المخدرات بحيل مختلفة.
وبحسب العقاد فإن البرادات السورية تقف على الحدود الأردنية لمدة تصل إلى من 8 إلى 10 أيام قبل السماح لها بالدخول، الأمر الذي يتسبب بتعرض هذه البضائع للتلف وللضرر، و”في حال أراد المصدّر الإسراع بدخول بضائعه فعليه أن يدفع مبالغ إضافية، حيث وصلت تكلفة دخول البراد «مستعجلاً» إلى 25 مليون ليرة سورية إضافية”.
التطبيع لم يحقق أيا من أهدافه
اعتمدت الأردن ودول الخليج العربي على استعادة، علاقاتها مع سلطة الأسد، وراهنت على خيار التطبيع، في محاولة منها لاجتذابه نحو إصلاح علاقاتها معها، عبر حلحلة عدة ملفات، في مقدمتها الكبتاغون.
ولفت قيضماتي إلى أن الحد من تهريب المخدرات، كان جزءا من اتفاق الدول العربية مع سلطة الأسد لعودتها إى الجامعة العربية، مضيفا أن “إعلان السلطة ضط كميات كبيرة من المخدرات قبل تصديرها”، حيث “كانت المعدة للتصدير عن طريق دول الجوار”، هو “خير دليل على ذلك”.
ورآى الخبير السوري أن المسألة ليست تشديدا على التجارة بين الطرفين وإنما ضغط على سلطة الأسد لعدم التزامها بما تم الاتفاق عليه.
ويؤكد العقاد، لصحيفة “الوطن” الموالية، أن السلطة كانت تصدر 150 براداً محملاً بالخضر والفاكهة ولكن بعد “إجراءات العرقلة” انخفض عدد البرادات إلى 25، مشيراً إلى أن أغلب البرادات تتجه إلى السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين، وقد تركزت خلال الفترة الماضية على الفواكه والبندورة فقط من الخضراوات.
أين أصبح الموقف الأمريكي؟
منذ بداية التوجه نحو التطبيع، قالت واشنطن إنها ترفض ذلك، ملوحة بفرض العقوبات على أية دولة تستعيد علاقاتها مع سلطة الأسد بما في ذلك اقتصاديا.
وتحدثت تقارير عدة عن موقف أمريكي ضاغط على الأردن، لمنعه من التبادل التجاري مع الأسد، لكن ذلك الموقف لا يبدو أنه يحظى بالتنفيذ الفعلي على الأرض، رغم التلويح بتطبيق قانون قيصر على كل من يتعامل تجاريا مع الأسد.
وحول الحديث عن الضغوط الأمريكية، قال قضيماتي، إن جميعنا يعلم بأن إعادة العلاقات مع السلطة جاءت بموافقة أمريكية غير مباشرة، فالكثير من الدول العربية فيها قواعد أمريكية على أراضيها.
كما أن التغيرات التي تعمل عليها السلطة من خلال تصفية أشخاص كانوا بجانبها خلال السنوات الماضية، ووضع أشخاص جدد عوضا عنهم، دليل استجابة سلطة الأسد ولو شكليا لاتفاق تخفيف الضغط عليها وعودة العلاقات معها.
ماذا عن معبر أبو الزندين؟
يأتي ذلك بالتزامن مع افتتاح معبر أبو الزندين، شمال حلب، والذي سيكون جزءا من طريق العبور بين تركيا والأردن، وحلقة وصل بين جزأين من الأراضي السورية، الخاضع منها لسيطرة السلطة والخارجة عن تلم السيطرة.
ويلقي ذلك الضوء حول مدى إمكانية الاستفادة من الطريق الذي تطمح تركيا لاستعادة عمله، فيما لا يزال المرور عبر معبر نصيب – جابر نحو الأردن، أقل من المفترض.
ورآى قضيماتي أن إعادة افتتاح معبر أبو الزندين هي تطبيق لاتفاق آخر تم منذ سنوات بين تركيا وروسيا، يقضي بفتح الطرق الدولية والمعابر المتصلة بها، وهو بالنهاية يصب في مصلحة سلطة الأسد والأردن لأن ذلك سيسهل التجارة بين الدول المجاورة لسوريا.
يذكر أن سلطة الأسد طالبت باجتماع مع الجانب الأردني “لإيجاد حل لدخول البرادات ولتنظيم حركة التصدير”، بسبب الخسائر.