يعتبر المطبخ السوري غنيا بأصناف كثيرة من الحلويات والتي كانت تلقى رواجا كبيرا وإقبالا منقطع النظير من قبل السوريين قبل أكثر من عقد من الزمن، حيث كانت محال الحلويات تنتشر بكثرة وتحقق أرباحا جيدة.
ومع الانهيار الاقتصادي الذي أصاب كافة أنحاء البلاد، وارتفاع أسعار المواد الأولية وتراجع القدرة المعيشية لدى السوريين، في كل مناطق البلاد، تراجع الإقبال على هذا الصنف من الأطعمة، مما أدى إلى تراجع أرباح صانعي الحلويات وركود كبير أصاب هذا المجال حالُه حال الكثير من المجالات.
وفي محافظة إدلب شمال غرب البلاد تبرز المعاناة بشكل خاص مع ارتفاع التكاليف وغلاء أسعار المحروقات وارتفاع أجور النقل، وما يرتبط به ذلك من زيادة في تكاليف صناعة الحلويات بما في ذلك زيادة أسعار السكر.
تسجل أسعار السكر وهو المادة الأساسية في هذا المجال زيادة عن مثيلاته في مناطق ريف حلب الشمالي، حيث تسيطر على هذا القطاع شخصيات مرتبطة بهيئة تحرير الشام وحكومة الإنقاذ، كما تؤدي الرسوم التي تفرض على الحواجز وعلى المعبر الأساسي وهو معبر باب الهوى الحدودي إلى زيادة أسعار السكر، أيضا يضاف إلى ذلك زيادة أسعار السمن والطحين.
يقول أبو محمود وهو صانع حلوى قديم في مدينة إدلب لقناة حلب اليوم، إن البقلاوة التي يصنعها بأشكالها لم تعد تلقى رواجا كما هو الحال في السابق، وذلك بسبب ارتفاع أسعارها، كما يلفت إلى معاناته في عدم قدرته على صنع حلوى ذات جودة عالية كما كان يفعل سابقا، إذ إن ضعف القدرة الشرائية لدى السكان يضطره إلى البحث عن بدائل أقل تكلفة ولو كان ذلك على حساب النوعية والجودة.
يؤكد أبو محمود أن نسبة مبيعاته اليوم لا تصل إلى نصف ما كان يبيعه سابقا، حيث بات السكان يبحثون عن الخيارات الأرخص، مع تناقص مستويات الدخل.
لكنه يؤكد أنه ما يزال باستطاعته الاستمرار وتحقيق أرباح ولو كانت بسيطة باعتبار أنه يملك محله الذي بعمل فيه، وبالتالي فهو غير مضطر لدفع الايجارات المرتفعة.
من جانبه أكد الشاب أحمد الذي يعمل في صناعة الحلويات في مدينة الدانا شمال إدلب، أن ارتفاع بدل إيجار المحل يضيف عبئا كبيرا على عمله، فضلا عن ارتفاع أسعار المواد الأولية وتراجع الطلب.
وأوضح أن عليه أن يدفع مبلغا شهريا كبيرا، طالما أنه يرغب في استئجار محل معقول من حيث الموقع والمساحة والتجهيز.
يشير أحمد إلى أن الأصناف التي ما تزال تحتفظ بنوع من الإقبال عليها من قبل الأهالي، هي من الأنواع الرخيصة وذات الجودة المنخفضة، وذلك بسبب ضعف القدرة الشرائية، ما يعني تراجع إنتاج الأصناف الجيدة من الحلويات الفاخرة والتي عرفها السوريون لوقت طويل.
وتوجد شريحة من السوريين لا تزال قادرة على شراء الأنواع الجيدة من الحلويات لكن هذه الشريحة قليلة جدا، وهي أقلية مع حالة من التفاوت الطبقي غير المسبوقة في شمال غربي البلاد حيث يقبل البعض على شراء انواع فاخرة في قلة قليلة من المحال المنتشرة بالمنطقة.
وتبقى هناك حالة من الإقبال الجيد على الحلويات وسطية السعر والشعبية، أبرزها الشعيبيات والهريسة.
يذكر أن سعر كيلو الكنافة الواحد – على سبيل المثال – ذات الجودة فوق المتوسطة، يعادل “يومية” العامل كاملة، أو يزيد عليها.