حمزة فهيد
اشتدت معاناة أهالي مخيم الركبان على المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي، بسبب الحصار الذي تفرضه الميليشيات الإيرانية وقوات الأسد على المخيم منذ 8 سنوات، في حين يواصل أهالي المخيم إطلاق نداءات استغاثة وتنظيم وقفات احتجاجية مطالبين المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته تجاه المدنيين.
بسام عبد الله رئيس المجلس المدني في مخيم الركبان وصف الحالة الإنسانية داخل المخيم بالسيئة جدا والمتهالكة وخاصة الوضع الطبي الذي يزداد سوء يوما بعد يوم، حيث لا يوجد مساعدات إنسانية تدخل المخيم.
وأضاف أن المحلات التجارية فارغة تماما بسبب الحصار المفروض من قبل سلطة الأسد والميليشيات الإيرانية على آلاف الأشخاص ممن يعيشون في المخيم.
وأكد أن أكبر التحديات التي يواجهها سكان المخيم هي انقطاع الطريق بشكل كامل من فترة إلى أخرى وانقطاع المساعدات الإنسانية وحليب الأطفال منذ عام 2019، حيث لم تدخل أي مساعدات من أي منظمة كانت.
وبيّن عبد الله أن مقومات الحياة تكاد تكون معدومة، فمياه الشرب تتوافر في فصل الشتاء لكن في فصل الصيف يعانون من شح كميات المياه التي يتم ضخها عن طريق الأنابيب من الجانب الأردني.
وأوضح رئيس المجلس المدني لحلب اليوم أن وضع السكن في المخيم سيء فالمنازل في المخيم عبارة عن بيوت طينية وبعض الخيام التي لا تقي من حر الصيف ولا برد الشتاء عدا عن أن البيوت تحتاج للترميم كل عام بسبب الأمطار وسوء التربة.
وأما عن الوضع الأمني في المنطقة فوصفه عبد الله بالجيد حيث لا يوجد أي تهديد أمني على حياة المدنيين في المخيم.
وذكر أن المخاطر التي تواجه النساء والأطفال تتمثل بانقطاع حليب الأطفال وعدم استطاعة رب الأسرة على شرائها بسبب غلاء أسعارها في حال توفرها، أما النساء تواجه مخاطر بسبب سوء التغذية وبالأخص النساء الحوامل والمرضعات، مشيرا إلى عدم وجود أي برامج لتأهيل النازحين وتمكينهم اقتصاديا في المخيم.
وعلى الرغم من أن السلطات المحلية تتعامل بشكل جيد مع الأهالي وتستمع دوما لمطالبهم، بحسب عبد الله الذي يؤكد أن ذلك ل لا يكفي فالأهالي بحاجة إلى أن الدعم بالمساعدات بالدرجة الأولى.
وختم رئيس المجلس المدني حديثه مع حلب اليوم بأن الجهود المبذولة من قبل المجلس هي المناشدات الإعلامية التي لا تتوقف لكن لا يوجد أي تجاوب من المنظمات الإنسانية بسبب عدم وجود معبر سواء من الجانب الأردني أو الجانب العراقي أو الداخل السوري.
تدهور القطاع الطبي
يوضح أحد كوادر نقطة شام الطبية (فضّل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية) أن الوضع الصحي في مخيم الركبان سيء جدا، حيث لا يوجد سوى مستوصف واحد يقدم المساعدات الطبية وأبسط المساعدات الطبية.
وأكد في حديثه مع حلب اليوم أنه لا يوجد أية إمدادات طبية أو حليب أطفال تصل إلى المخيم بسبب الحصار الذي تفرضه الميليشيات الإيرانية وقوات الأسد.
وأشار المصدر إلى أن أكبر التحديات التي تواجه القطاع الطبي في المخيم هي عدم وجود كادر طبي مختص، حيث لا يوجد سوى كادر تمريضي مؤهل للعمل.
وبيّن أنه لا يوجد في المخيم سوى مستوصف واحد يقدم الخدمات الطبية المتوفرة بالإضافة لبعض الصيدليات التي تفتقر إلى الدواء بشكل تام في ظل الحصار.
وأضاف أن هناك صعوبات في الوصول إلى الرعاية الطبية التخصصية مشيرا إلى وجود بعض الحالات الطبية الحرجة حاليا، والتي تحتاج إلى تقييم دقيق، وكانت هذه الحالات سابقا تتوجه إلى مناطق سيطرة سلطة الأسد بشكل غير شرعي وبتكلفة باهظة الثمن أما الآن فذلك غير متاح بسبب الحصار المفروض على المخيم.
وأوضح المصدر أن جهود التوعية الصحية متواصلة من قبل كادر المستوصف وتقتصر على التوعية الصحية والدائمة لسكان المخيم في ظل إمكانيات متواضعة.
وكشف عن خطر يحيق بالأطفال والنساء والمنطقة ككل، في ظل عدم تأمين لقاحات للأطفال ما قد يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها، لافتا إلى عدم تجاوب المنظمات الإنسانية لخطورة الوضع الصحي ككل.
الحصار يرفع أسعار الأدوية
وترتفع أسعار الأدوية في مخيم الركبان بسبب الحصار المفروض على المخيم وصعوبة إيصالها إليه حيث يتم دفع مبالغ مالية كبيرة للمهربين لإدخال الأدوية للمخيم.
وقال أحد الصيادلة في حديثه مع حلب اليوم إن أدوية الأطفال الأكثر انتشارا مثل خافض الحرارة والأدوية المضادة للالتهابات تتراوح أسعارها بين 22 ألف و30 ألف ليرة سورية، في حين أن وصل سعر بعض أنواع المضادات الحيوية إلى أكثر من 45 ألف ليرة سورية.
وأضاف أن الطبيعية الصحراوية للمخيم وانتشار الغبار بشكل دائم زاد من الإصابة بالحساسية وأمراض الربو التي يتراوح سعر أدويتها بين 45 ألف و50 ألف ليرة سورية.
مشقة التعليم في مخيم الركبان
يعد قطاع التعليم من أكثر القطاعات تضررا في مخيم الركبان حيث يواجه المدرسون والأطفال تحديات كبيرة في سعيهم للحصول على التعليم، حيث يفتقر المخيم إلى الموارد الأساسية لتوفير بيئة تعليمية مناسبة ويضطر المدرسون إلى العمل في ظروف صعبة ومحدودة، مع نقص في الموارد والدعم، مما يؤثر سلباً على جودة التعليم الذي يمكنهم تقديمه. بينما يواجه الأطفال اللاجئون في المخيم العديد من التحديات الاجتماعية والنفسية، بما في ذلك ضعف البنية التحتية والموارد في المخيمات.
يوجد في مخيم الركبان ما يزيد عن 1400 طالب وطالبة على مقاعد الدراسة يتوزعون على الصفوف الدراسية من الصف الأول وحتى الصف السابع، ويتلقون تعليمهم في ثمانية مدارس منتشرة في المخيم، بحسب أحد المدرسين هناك
قال المدرس أحمد أبو سعيد أن غياب الدعم للكوادر التدريسية والاطفال في المخيم ونقص الموارد والدعم اللوجستي أدى بشكل كبير لتدني جودة التعليم.
وأضاف في حديثه لحلب اليوم أنه يجب دعم الكادر التعليمي المتطوع من خلال توفير أبنية مدرسية جيدة ومقاعد وطاولات للكتابة وتوفير قرطاسية للطلاب وهو أبرز ما يساعد على الاستمرار بالعملية التعليمية.
وبيّن أبو سعيد أنه يمكن تطوير التعليم من المخيم من خلال توفير الأدوات اللازمة للعملية التعليمية والتي تكاد شبه معدومة وخاصة أداوت التعليم الحديثة مثل مختبرات الحاسب الآلي.
وأكد أن توفير التعليم يمنح الأطفال أحد حقوقهم ويمنع توجه الأطفال إلى طرق وأشياء أخرى غير مناسبة.
وشدد على الدور الكبير المناط بالمجتمع المحلي والمنظمات الدولية في دعمها لقطاع التعليم حتى يحقق أهدافه في تعليم الأطفال والقضاء على الجهل والأمية.
وتابع المدرس أن للأسرة دور كبير في العملية التعليمية ويجب عليها أن تقف جنب لجنب مع المعلم والمعلمة في إتمام تعلم أطفالها وحصولهم على التحصيل العلمي.
وعن أبرز ما يواجه المدرسون خلال العلمية التعليمية أوضح المصدر أنها تحديات ثقافية حيث لا يدرك بعض الأهالي الفائدة من التعليم في هذا المخيم والهدف منه، كما ينظرون للتعليم على أنه شيء عادي ولا يهتمون به.
يشار إلى أن مخيم الركبان يؤوي ما يقارب 6500 شخص من أبناء مدن ريف حمص الشرقي ومدينتي البوكمال ودير الزور شمال شرق سوريا ممن أجبرتهم الحرب التي شهدتها مدنهم على مغادرتها، في حين أن معظم اللاجئين ما زالوا متمسكين برفض طلب العودة إلى مناطقهم تحسباً لعمليات الاعتقال العشوائي التي طالت من قرر العودة في وقت سابق