بمناسبة اقتراب حلول اليوم الدولي للتوعية بالألغام 4 نيسان، أصدر الدفاع المدني السوري تقريرا بعنوان ” مخلفات الحرب والألغام … وجه آخر للحرب على السوريين”، أكد من خلاله التزام فرقه برفع مستوى الوعي بالمخاطر المرتبطة بالألغام والذخائر غير المنفجرة.
وأوضح التقرير أن خطر العمليات وقصف سلطة الأسد وحليفه الروسي والمليشيات الإيرانية في سوريا لا ينحصر على الأثر المباشر و اللحظي الذي ينجم عنها وما يرافقه من قتل وجرح للمدنيين وتدمير للبنية التحتية، بل إن خطرها يمتد ويبقى لأمد طويل، فأي قذيفة أو صاروخ لم ينفجر، أو لغم، سيكون بمثابة قنبلة موقوتة قد تنفجر بأية لحظة وتسبب كارثة إن لم يتم التعامل معها قبل فوات الأوان.
وأكد الدفاع المدني السوري في تقريره أن أعدادا كبيرة من الذخائر غير المنفجرة والألغام ما زالت موجودة بين منازل المدنيين، وفي الأراضي الزراعية وفي أماكن لعب الأطفال، ناجمة عن قصف ممنهج طوال السنوات الـ 13 الماضية، وستبقى قابلة للانفجار لسنوات أو حتى لعقود قادمة، ومع وجود تلك الذخائر وانتشارها في جميع أنحاء سوريا، ستستمر الخسائر لفترة طويلة حتى في حال انتهاء الحرب.
وسجلت سوريا للعام الثالث على التوالي، أكبر عدد من الضحايا الجدد للألغام المضادة للأفراد أو مخلفات الحرب القابلة للانفجار، حيث وثق التقرير الصادر عن مرصد الألغام الأرضي، (Mine Action Review) 834 ضحية في عموم سوريا خلال عام 2022 والنصف الأول من العام 2023، ويعد التقرير بمثابة الأساس للعمل المنتظم للدول الـ 164 الموقعة على اتفاقية أوتاوا لحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد (APMBC) واتفاقية الذخائر العنقودية (CCM).
وفند التقرير أنواع الألغام إذ أن بعض أنواع مخلفات الحرب تكون على سطح الأرض، بينما توجد أنواعٌ أخرى منها كقنابل الطائرات مدفونة تحت سطح الأرض بعدة أمتار مما يجعل إزالتها أمرًا صعبًا، وأشار إلى أن الذخائر غير المنفجرة مختلفةٌ في آليتها عن الألغام، إذ إنّ الألغام زرعت بغرض التسبب بإصاباتٍ، بينما تكون الذخائر غير المنفجرة عبارةً عن أدواتٍ فشلت في أداء عملها، فقد لا تنفجر أبدًا أو قد تنفجر بأي لحظة ولا يمكن تحديد مدى تأثيرها وخطرها على ما حولها، وطوال السنوات الماضية وثقت فرق الذخائر في الدفاع المدني السوري استخدام سلطة الأسد وروسيا أكثر من 60 نوعاً من الذخائر المتنوعة في قتل المدنيين منها 11 نوعاً من القنابل العنقودية المحرمة دولياً.
أما أبرز عواقب مخلفات الحرب على الأفراد والمجتمعات:
تؤدي الألغام ومخلفات الحرب غير المنفجرة حرمان مجموعات سكانية بأكملها من المياه والأراضي الزراعية والرعاية الصحية والتعليم، كما تعيق أعمال الإغاثة وقد تحرم السكان من المساعدات الإنسانية بسبب المخاطر:
- الأثر الجسدي: يمكن أن تنفجر مخلفات الحرب بشكل غير متوقع وتتسبب بأذى جسدي وحالات بتر أو وفاة، الأطفال معرضون للخطر بشكل خاص لجهلهم خطرها، ولعبهم وتنقلهم في أماكن خطرة وموبوءة بمخلفات الحرب.
تعد الإصابات الناجمة عن مخلفات الحرب كارثية لتسببها بإعاقات دائمة على الأغلب، إذ يؤدي انفجارها إلى الإصابة بجروحٍ شديدةٍ قد ينجم عنها تمزقٌ في الأعضاء الداخلية وتضررٌ في الأجزاء الحيوية للجسم، أو بترٌ في الأطراف أو فقدان حاستَي السمع والبصر كذلك الأمر.
- الأثر على المأوى: وتعتبر مخلفات الحرب واحدة من أكبر عوائق عودة النازحين لمنازلهم وخاصة في المناطق التي كانت نقاط تماس أو تعرضت للقصف.
- الأثر الاقتصادي: يمكن أن تتسبب مخلفات الحرب تقييد للأنشطة الزراعية بالحد من الوصول للأراضي الزراعية أو استثمارها، على الأنشطة الصناعية والإنتاجية ما ينعكس سلباً على النمو الاقتصادي والتنمية وخاصة في المجتمعات الهشة كما في شمال غربي سوريا، وينعكس ذلك سلباً على معدلات الفقر والبطالة وبالتالي تفاقم التحديات التي تواجهها المجتمعات.
- الأثر النفسي: إن مخلفات الحرب يمكن أن تخلق حالة من الخوف والقلق لدى الأفراد والمجتمعات، مما يؤدي إلى صدمات نفسية أو حتى مشاكل مثل القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، وخاصة في المناطق التي سقط فيها ضحايا جراء هذه المخلفات، بالإضافة للأثر النفسي المباشر على الأشخاص الذين يتعرضون للإصابة بأحد هذه المخلفات (الشعور بالعجز والتغير في نمط الحياة ونظرة المجتمع لهم في حال حصول إعاقة دائمة).
- الأثر البيئي: يمكن أن تضر المتفجرات من مخلفات الحرب بالبيئة وتلوث التربة ومصادر المياه بمواد خطرة، والجفاف بسبب صعوبة الوصول للأراضي الزراعية وزراعتها وحرمان الأراضي المروية من مياه الري نتيجة صعوبة الوصول لمصادر المياه اللازمة للزراعة وانعكاس ذلك كأثر طويل الأمد على النظام البيئي.
وشدد تقرير الدفاع المدني على أن فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة (UXO) في الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) تواصل أعمالها بتطهير المناطق المتضررة شمال غربي سوريا من مخلفات حرب سلطة الأسد وروسيا على السوريين، وتتنوع أعمال الفرق من عمليات مسح غير تقني وتحديد المناطق الملوثة بمخلفات الحرب إلى جلسات التوعية بتلك المخلفات، وأجرت فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة في الدفاع المدني السوري خلال العام الماضي 1450 عملية مسح غير تقني وقامت خلالها بتحديد 531 منطقة ملوثة بالذخائر، وتم التخلص من 1054 ذخيرة منها 325 ذخيرة عنقودية، و 206 مقذوفاً، و 181 قنابل (رمانات)، و 171 صاروخاً، و 140 قذيفة هاون، و 48 فيوز، و 4 قنابل ملقاة من الجو، و 3 صواريخ موجهة، 3 ألغام أرضية، و مقذوف عديم الارتداد، كما نظمت الفرق 4491 جلسة توعية بمخاطر الذخائر المتفجرة استفاد منها 94630 مدني.