خاص – حلب اليوم
ترسم “ياسمين حسين” زخارف مميزة ونقوشا بالحناء تنبعث منها رائحة القِدم على أيدي النساء، حيث تمارس فنّها وتُبدع في الرسم على أيادي نساء مدينة القامشلي بريف الحسكة الجنوبي.
تتخذ الفنانة “ياسمين” هذه الحرفة مصدر رزق لها، حيث تقوم بإعادة صياغة الرسم بالحناء ببراعة ومهارة، ممّا يجعلها مرغوبة لدى العديد من الفتيات في مجتمعها.
يبلغ عمر “ياسمين” (24 عاماً) وهي أم لأربعة أطفال، إذ تقول لـ”حلب اليوم” إن موهبة الرسم ترافقها منذ الصغر، وأنها عملت على تطوير هذه الموهبة منذ ذلك الوقت، باستخدام الحناء في أعمالها، وتقول: في السابق كنت أرسم بالحناء للفتيات في المناسبات، ولكن بعد الزواج، اضطررت لترك الرسم. لكن اليوم، أتقنت فن نقش الحناء على الأيدي، وأصبح هذا الفن مصدر رزقي وأسرتي”.
تستخدم ياسمين منزلها كمكان لنقش الحناء للزبائن بسبب ارتفاع تكاليف إيجار المحلات التجارية، وتقوم أيضاً بزيارة منازل الزبائن عند الطلب، كما تجول في المهرجانات لرسم الحناء للفتيات بنقوش عصرية جميلة.
تؤكد ياسمين أن موهبتها فتحت لها مصدر رزق جديد، مشيرةً إلى أن هواية الرسم كانت سبباً في تطوير الموهبة وتحويلها لـ”النقش”، منوّهةً إلى أن الرسم في الأعراس كان هواية لا أكثر، ولكن اليوم أصبحت مصدر رزق ثابت، خاصةً بعد انقطاع عمل زوجها.
التحضير والصعوبات؟
تقول ياسمين: “أقوم بإعداد الحناء التي استخدمه في النقش بنفسي، والتي يستمر إعدادها لأيام وبعضها قد يستمر لأسابيع عدّة”.
وتضيف: على الرغم من توفر مطبوعات جاهزة مزخرفة، إلا أن النساء والفتيات يُفضلن النقش اليدوي بالحناء، وذلك لأن أثره يبقى على اليد لمدة تصل إلى 15 يوماً أو حتى ما يزيد عن 30 يوماً، بينما تتلاشى المطبوعات الجاهزة بعد يوم أو يومين، ولا تتمتع بجمالية نقش الحناء.
توضح ياسمين كيفية إعداد الحناء، حيث يتم خلط مسحوق الحناء بالزيوت لجعلها ليّنة، ثم يُلون بصبغة لونها أحمر أو أسود، حيث يفضل الأحمر للنساء الكبيرات في السن، بينما يُفضل الأسود للفتيات.
وتوضح أيضاً أن الصعوبة التي تواجهها في عملها تكمن في عدم توفر نوعية الحناء المناسبة في المنطقة، مما يعرقل عملها ويجبرها على استخدام مواد الحناء المتاحة في المنطقة.
رسائل ودﻻﻻت شخصية
تتنوع النقوش التي يخترنها الفتيات هذه اﻷيام، وفقاً لـ”ياسمين” التي أوضحت أن كل رسمةٍ تحمل دﻻﻻتٍ ورسائل، فهي عادة تكون عنوان للأنوثة والرقة أو الرومانسية، كـ”الفراشة والوردة”.
وتردف “ياسمين”؛ يمكن القول إن تلك النقوشات يمكن أن تُعبر عن شخصية الفتاة وتمثل طباعها، فبعض الفتيات أيضا يفضلن الرموز الدينية، كإظهار نوع من التدين، وأخريات يختصرن بتلك الرسوم قصة “حب” إما لمدينة كتلك التي نقشت لها فتاة “فراتية” أو حكاية حبٍّ كـ”نسيم الروح” سواء انتهت بالفشل أو الزواج.
خلف النقش قصة
بدروها “مياسة” (18 عاماً) من مدينة القامشلي، تؤكد أنها نقشت على ساعدها منتصف الشهر الحالي، تاريخ أول لقاء لها مع زوجها، وتقول: كلما نظرت إلى “النقش” رجعت بي عقارب الساعة إلى ذلك اليوم.
ولكن بعض الفتيات ممّن استمعت إليهن مراسلتنا، يعتقدون أن “النقش” مجرد “إكسسوار”، فيما ترفض أخريات هذا المظهر لاعتباره مظهر غير لائق للفتاة.
ويبقى “النقش” في المنطقة العربية نوع من العادات وخاصة لدى بعض القبائل العربية والعشائر في المنطقة الشرقية من سوريا، لكنه ظهر في المدن خلال العقود الماضية، تحت المسمى الجديد “التاتو”، لكنه في هذه اﻷزمنة ينتشر في مختلف جسد المرأة، وﻻ يقتصر على ما كان عليه سابقا من “الوجه واليدين والقدم وأسفل الشفتين”.