خاص – حلب اليوم
يُعاني أهالي مخيم “خان الشيح” للاجئين الفلسطينيين جنوب غربي العاصمة السورية “دمشق” (27 كم)، من تفاقم ظاهرة سرقة المنازل والسيارات والدراجات النارية من قبل عصابات مسلحة، ممّا أثار القلق والرعب بين أهالي المخيم الذين يعاني أساساً من ظروف معيشية صعبة.
ومع حلول كل مساء تُصبح شوارع المخيم خاوية ومُظلمة في ظل غياب الكهرباء عنه منذ سنوات، وتتحوّل إلى مسرحٍ لعصابات السرقة المسلحة، وفقاً لمراسلة “حلب اليوم” التي أكّدت تفاقم هذه الظاهرة منذ بداية فصل الشتاء، وسط غياب دور الأفرع الأمنية ودوريات الشرطة في شوارع المخيم.
ورجحت مراسلتنا أسباب تفاقم ظاهرة السرقة داخل المخيم إلى زيادة نسبة مدمني الحشيش والمخدرات من جهة، وسوء الأوضاع المعيشية لدى أهالي المخيم المُهمشين تماماً من قبل سلطة الأسد من جهة أخرى، الأمر الذي يدفع البعض منهم إلى السرقة.
سرقة المنازل أمام أصحابها
يروي اللاجئ الفلسطيني المقيم في المخيم والمُكنى “أبو رامي” ودموعه تُغطي وجنتيه، أنه الأسبوع الماضي والذي صادف اليوم السادس من شهر رمضان، اقتحمت عصابة مسلحة مكونة من 7 عناصر ملثمين يحملون جميعهم سلاح من نوع “كلاشنكوف، قرابة الساعة الـ1 ظهرا، المزرعة التي يُقيم فيها أمام عينيه، وسرقوها بشكل كامل ومن ثم أجبروه وتحت تهديد السلاح على إعطائهم مفتاح السيارة الشخصية من نوع “سكودا 98″، دون أن يتجرأ على حماية ممتلكاته، خوفاً منهم.
يقول الرجل الخمسيني “أبو رامي” لـ”حلب اليوم” إن السرقات داخل المخيم ليست وليدة الأيام القليلة، بيّد أنها تفاقمت مع حلول الشتاء، إذ كانت تقتصر مسبقاً على سرقة الكابلات الكهربائية والدراجات النارية داخل المخيم، لكن بات عمل اللصوص هذه السنة على مدار الـ24 ساعة، وباتت أكثرها نهاراً وتتركز على اقتحام المنازل والمزارع وسرقتها أمام أعين أصحابها، دون ردّة فعل.
وأسهب قائلاً: “المشكلة أن جميع أهالي المخيم يعرفون من هم اللصوص الذين هم أبناء المنطقة ذاتها، ولكن من جهتي فأنا لا أتجرأ على تقديم شكوى بحقهم، نتيجة كثرتهم وخوفاً من انتقامهم والذي قد يتسبب بضرر عائلتي المكوّنة من زوجتي وأولادي الثلاثة (مجد ومؤيد وليان) وجميعهم لا تزيد أعمارهم عن 15 عاماً”.
تحت تهديد السلاح
وفي هذا السياق، التقت مراسلتنا مع الشاب “أحمد.غ” (38 عاماً) -الذي رفض ذكر اسمه كاملاً لدواع أمنية- وهو أحد المتضررين من العصابات المسلحة، إذ قال: “إن دراجته النارية سُرقت من أمام عينيه مطلع شهر رمضان، وذلك عقب اقتحام مجموعة مسلحة أرضه الزراعية أثناء تفقدها، منوّهاً إلى أن أرضه تبعد عن موقع المخيم قرابة (500 متر).
ولفت “أحمد” في حديثه مع “حلب اليوم” إلى أنه تجرأ في البداية وهاجم المسلحين بغية ردعهم، لكن عناصر العصابة أشهروا أسلحتهم على الفور وقاموا بإطلاق النار على قدمه اليسرى ثم انسحبوا.
وأوضح أن صوت إطلاق الرصاص دفع والده برفقة شقيقه الذي يقطن قرب أرضه إلى إسعافه، ليتبين أن الرصاصة لم تخترق جسده وأنها أسفرت عن حروق وتمزق في عضلة الساق، ما دفع الأطباء لإجراء عمل جراحي وإخراجه بعد ثلاثة أيام من الحادثة.
وأبدى الشاب “خالد” وهو مستلقياً على سريره نتيجة إصابته، تخوفه من أي هجوم محتمل بداعي “الثأر”، لافتا إلى أن هذا التخوف جاء نتيجة غياب دور السلطات الأمنية في المخيم.
أمن الأسد شريك بالجريمة
وفي استطلاع أجرته مراسلتنا داخل المخيم، أكّد غالبية سكانه أن الأفرع الأمنية التابعة لسلطة الأسد هي شريكة تلك العصابات، إذ اتهم جّل أهالي المخيم الأجهزة الأمنية بتسهيل الطريق أمام عمل عصابات السرقة، التي باتت قضية تثير مخاوف وقلق جميع سكان المخيم وفق الاستطلاع.
يرى ممن قابلتهم مراسلة “حلب اليوم” أن الشكاوى وإيصال صوت السكان داخل المخيم انحصر فقط على نشر حالات السرقة على مواقع التواصل الاجتماعي، للكشف عن انتشار الفوضى ونهب وسلب ممتلكات المدنيين.
وتشهد المناطق التي تسيطر عليها سلطة الأسد، وتحديداً مخيم خان الشيخ ازدياداً كبيراً في حالات السرقة المتكررة للأراضي الزراعية والمنازل والمحال التجارية والمزارع.
وجرت تسوية في مخيم خان الشيح، بين فصائل المعارضة السورية وسلطة الأسد في أواخر 2016، انتهت بخروج المقاتلين إلى إدلب، شمال غربي سوريا.
وتتوزع المخيمات الفلسطينية في سوريا على مناطق سورية عدّة، كمخيم “درعا” في الجنوب، ومخيمات في كل من “السيدة زينب – اليرموك – جرمانا – سبينة – خان دنون – خان الشيح – والحسينية” في دمشق وريفها، كما تتوزع في مخيم “الرمل” باللاذقية، ومخيم “العائدين” في حماة، بالإضافة إلى مخيمي “حندارت والنيرب” في حلب.