خاص – حلب اليوم
في خضمّ التصعيد التركي على مناطق قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في شمال شرقي سوريا والاستهدافات المتكررة لمواقعهم العسكرية والشخصيات القيادية العاملة في صفوفهم وتحديداً في أرياف محافظة الحسكة، تواصل قوات “قسد” حفر أنفاقٍ أسفل منازل المدنيين للاختباء من استهداف مباشر يُسفر عن سقوط قتلى وجرحى من عناصرهم.
من مدينة القامشلي شرقي محافظة الحسكة، تقول مراسلة “حلب اليوم” إن قوات “قسد” تعمل منذ تصاعد الحملة العسكرية التركية مطلع آب/أغسطس الماضي، على ربط مواقعها العسكرية في المدينة عبر شبكة من الأنفاق تمتد تحت منازل المدنيين، وذلك بهدف الاختباء من أهداف الطائرات المسيرة التي نادراً ما تغيب عن سماء مدينة القامشلي.
نفق جديد
ورصدت مراسلتنا عناصراً من قوات “قسد” وهم يقومون بحفر نفقٍ جديد وسط المدينة، يصل “شارع الكورنيش مع حي الأشورية”، مؤكدةً أن العاملين على حفره عمال مدنيون يتقاضون أجوراً مادية.
وأوضحت أن عمليات الحفر المذكورة، ترافقت مع تشييد سواتر ترابية لقوات “قسد” على الطريق الواصل بين مدينتي “القامشلي – المالكية” وتحديداً بالقرب من بعض النقاط العسكرية الواقعة على الجهة الشمالية للطريق.
وأضافت أن “قسد” شيّدت أيضاً ساتراً ترابياً على الطريق الدولي “M4” امتد من الحاجز الجنوبي لبلدة “القحطانية” وحتى بلدة اليعربية.
ووفق مراسلتنا فإن هذه الإجراءات تأتي في إطار استعدادات قوات “قسد” وتدابيرها الدفاعية ضد أي تحركات عسكرية محتملة من قبل القوات التركية القريبة من المناطق الشمالية الحدودية لسوريا.
خوف وقلق
التقت مراسلة “حلب اليوم” مع عدد من سكان المناطق الشمالية لمدينة الحسكة الذين أبدوا مخاوفهم وقلقهم من تحركات قوات “قسد” -التي لم تتوقف منذ شهور- بعمليات حفر الأنفاق، التي تسببت في انزلاقات أرضية عدّة أسفل المناطق السكنية والطرقات الرئيسية، إذ أكّدوا أن هذه الـنفاق تُعتبر أكبر تهديد لمنازلهم من انهيار مُحتمل وسقوطها فوق رؤوسهم.
بدوره، أبدى أحد أهالي بلدة القحطانية يُدعى “رامي.خ” قلقه حيال نشاطات قوات “قسد” في حفر الأنفاق داخل البلدة وفي محيطها، وأكّد أن منزله بات مُهددا بالسقوط في أي لحظة، كما بات مصدر قلقٍ له نظراً لمرور بعض الأنفاق تحت المنازل من جهة، وحفر تلك الأنفاق على يد مدنيين نازحين غير مختصّين بالحفر، مستغلةً ضيق حالتهم الاقتصادية.
يُشير الشاب “رامي” إلى أن هذه الأنفاق التي حُفرت من قبل “قسد” على مرّ السنوات في المناطق المختلفة شرقي سوريا، تسببت في وفاة عدد كبير من الأشخاص نتيجة انهيارات التربة أثناء عمليات الحفر.
عروض مغرية
يروي شاب في الـ30 من عمره لـ”حلب اليوم” -رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية- أنه قبل أكثر عامين اعتقلته دورية تابعة لقوات “قسد” إلى خدمة الدفاع الذاتي الإلزامية، وأنه بعد انهاء خدمته التي استمرت عامين، عُرض عليه عمل بأجر يومي بقدر (60 ألف ليرة سورية)، شريطة الكتمان عن طبيعة عمله وعدم جلب هاتفه المحمول.
يقول الشاب: “في البداية تردّدت، ولكني وجدت أن الأجر سيساعد أسرتي في مقاومة الظروف المادية الصعبة التي يعيشونها، وعلى إثرها؛ قبلت وأخبرتهم بموافقتي على العمل”.
يُكمل الشاب حديثه مع “حلب اليوم” أنه عقب قبوله عرض العمل، باتت سيارة تأتي بشكل يومي إلى أمام منزله وتنطلق به إلى نقطة العمل في إحدى القرى المجاورة لمدينة القامشلي، ومن ثم يبدأ العمل في حفر الخنادق برفقة مجموعة تتألف من 10 عمال داخل كل نفق، منوّهاً إلى أن كل نفق مُقسم إلى نقاط عمل، إذ كان يعمل إلى جانب عمال الحفر، مجموعة أخرى من العمال مهمتهم صب النفق بالإسمنت.
واسترسل قائلاً: “بعد فترة وجيزة قالوا لي إنهم لا يستطيعون جلبي من منزلي عبر السيارة، وذلك خوفاً من الاستهدافات الجويّة التركية، الأمر الذي دفعني إلى التوجه للعمل عبر دراجة نارية برفقة عامل آخر يعيش بالقرب من منزلي.
وأنهى حديثه بالقول: “وفي مطلع شهر كانون الثاني/يناير الماضي، استهدفت مسيرة تركية دراجتي النارية في محيط بلدة القامشلي أثناء توجهنا فجراً إلى العمل، ما أدّى إلى وفاة العامل الذي بجانبي، وإصابتي بجروح بليغة في القدم اليسرى، وبعد مضي ساعة كاملة على القصف جاء عنصران من قوات “قسد” على دراجة نارية، وقاموا بإسعافنا، دون تقديم أي تعويض سواء على روح العامل والإصابة التي جعلتني طريح الفراش لمدة 12 يوماً أعاني من الإصابة، والتي انتهت بتسجيل إعاقة دائمة في قدمي من شأنها أن تمنعني من ممارسة عملي، وتجعلني في قائمة الأكثر احتياجاً في مدينتي”.
ومنذ أن خرجت الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا بوثيقةً “العقد الاجتماعي” في الـ13 من كانون الأول/ديسمبر الماضي، كثّفت تركيا ضرباتها الجويّة على مواقع وشخصيات عاملة مع قوات “قسد” شمال شرقي سوريا، عبر استهدافهم بالطائرات المسيرة، كما باتت تنسف المنشآت والمواقع العسكرية التابع لهم.
وخلّف التصعيد مئات القتلى والجرحى في صفوف العاملين تحت مظلة قوات “قسد” التي تعتبر الذراع العسكري لحزب العمال الكردستاني “PKK” في سوريا.