يقترب اﻹسلام بخطى ثابتة من الوصول لثاني أكبر ديانة في أكبر وأقوى دولة بالعالم الغربي؛ الولايات المتحدة اﻷمريكية، حيث يتزايد عدد معتنقيه، فيما كانت اﻷحداث الأخيرة في غزة بمثابة تطور جوهري.
مغني الراب والمنتج الأمريكي الشهير، لِيل جون، يعلن إسلامه في أحد مساجد ولاية كاليفورنيا، في ثاني حالة اعتناق للإسلام من قبل المشاهير بالولايات المتحدة منذ بداية رمضان الحالي؛ حيث تصدر الخبر الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي يوم الجمعة الفائت.
وقد حضر جون إلى مسجد الملك فهد في مدينة لوس أنجلوس، كبرى مدن كاليفورنيا، قبل أداء صلاة الجمعة، معلنا إسلامه، كما يظهر في مقطع فيديو تداولته وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع.
جون الذي يحظى بمتابعة أكثر من مليون مستخدم على وسائل التواصل الاجتماعي، أثار نقاشاً واسعاً جداً لم يكد يتوقف أساساً من جراء إعلان الكاتب والناشط شون كينغ إسلامه قبل ذلك بأيام.
كان جيفري شون كينغ قسّاً لـ 15 سنة قبل أن يعلن وزوجته راي كينغ دخولهما الدين اﻹسلامي في أولى ليالي رمضان الحالي.
يحظى كينغ أيضاً بمتابعة قرابة 10 ملايين شخص على مواقع التواصل، وذلك قبل أن تغلق شركة “ميتا” حسابه على منصة “إنستغرام” بسبب منشوراته المؤيدة لفلسطين ووصفه الحرب على قطاع غزة بـ”الإبادة الجماعية”.
وأسلم شون البالغ من العمر 44 عامًا، وزوجته على يدي الدكتور عمر سليمان وهو إمام مسجد من فلسطين، التي كان كينج يدافع عنها بحماس، في شكل نشاط على وسائل التواصل الاجتماعي.
محنة غزة تُلهم اﻷمريكيين
أدت الحرب على غزة لدخول العديد من اﻷمريكيين في اﻹسلام، على مدى اﻷشهر الماضية، بسبب فضولهم حول القرآن الكريم وتأثيره على الحالة النفسية والمعنوية للفلسطينيين، وقدرتهم على الصمود، ومن ضمنهم شون كينغ آنف الذكر.
وبدأت سلسلة من دخول مشاهير مواقع التواصل في اﻹسلام مع “تيك توكر” أمريكية تدعى “ميجان رايس” التي أعلنت ذلك مع قراءة العديد من الآيات القرآنية في بث مباشر، مؤكدةً أن القرار جاء بعد إعجابها بثبات وصمود الفلسطينيين فى مواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
اشتهرت رايس قبل ذلك بدعمها لأهل غزة وأشادت مراراً بقوة وصمود الفلسطينيين، متسائلة عن مصدر إيمانهم وصمودهم في مواجهة حجم القصف العنيف؛ اﻷمر الذي أثار فضولها لقراءة القرآن.
بعد انطلاق الحرب على غزة، قام العديد من المدونين والنشطاء، وخاصة في الولايات المتحدة، بالبحث عن المفاهيم اﻷساسية للإسلام، وتحديداً القرآن كونه يمثل شيئاً أساسياً للمسلمين.
وكانت المدونة اﻷمريكية آبي حافظ من ضمن هؤلاء، حيث قالت إن ما حدث في فلسطين كان نقطة تحول بالنسبة لها، حيث دفعها الصمود واليقين الذي أبداه أهل غزة إلى البحث عميقاً عن الدين، ودراسة القرآن الكريم لعلها تجد اﻹجابات.
من جانبها أعلنت الفتاة اﻷمريكية ماديسون ريفز إسلامها واردت الحجاب متهمة اﻹعلام اﻷمريكي بالتضليل وتشويه سمعة المسلمين.
وتوجد العديد من الحالات المشابهة في صفوف اﻷمريكيين من غير المشاهير، كالسيدة الخمسينية التي تداولت مقاطعها مواقع التواصل وتعليقاتها على القرآن الكريم دون معرفة اسمها، وذلك قبل أن تُشهر إسلامها وترتدي الحجاب.
تزايد واضح في نمو أعداد المسلمين بأمريكا
أظهرت دراسة أجراها مركز PEW الأمريكي في عام 2018 تزايدا واضحا في نمو أعداد المسلمين في الولايات المتحدة، متوقعة أن العقدين المقبلين قد يشهدان تحوّل الإسلام إلى ثاني أكبر دين في البلاد.
وجمع مركز أبحاث PEW بيانات تعود لأعوام 2007 و 2011 و 2017 لتعداد السكان في الولايات المتحدة (البيانات غير قائمة على الانتماء الديني) لوضع صورة أوضح لمستقبل المسلمين في أمريكا، وبحسب البيانات المستخلصة، هنالك نمو متسارع للسكان المسلمين، وسيتضاعف عددهم ليقفز من حوالي 3.45 مليون شخص في عام 2017 إلى ما يقدر بـ8.1 مليون شخص في عام 2050، وفقاً لما نقلته شبكة CNN اﻷمريكية.
ومن المتوقع أن يتجاوز عدد المسلمين في أمريكا عدد اليهود الذين يشكلون اليوم ثاني أكبر مجموعة دينية في البلاد، وفقاً لبحوث PEW.
وأرجعت الدراسة ذلك لوجود “رقم قياسي للمهاجرين المسلمين إلى الولايات المتحدة في عام 2016″، مضيفةً أن “ثلاثة أرباع المسلمين في الولايات المتحدة هم مهاجرون أو أبناء مهاجرين”.
أما العامل الآخر المؤثر في ارتفاع عدد المسلمين فيتمثل في أن السكان المسلمين أصغر سنا من الجماعات الدينية الأخرى، مما يعني أن معدل خصوبة لديهم أعلى، بحسب المصدر.
بالرغم من ازدياد عدد السكان المسلمين في أمريكا خلال العقود القليلة القادمة، فإنهم سيظلون يمثلون جزءا صغيرا من إجمالي سكان الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أن التحولات في مجموعات أخرى سيكون لها تأثير كبير على تركيبة البلاد.
على سبيل المثال، في عام 2020 سيقترب عدد السكان المسيحيين من 253 مليون شخص، أي أنه سيزيد عن عدد المسلمين بسبعين ضعفا. أما في عام 2050، فسيكون عدد المسيحيين 262 مليون نسمة تقريبا، وهو نمو هائل ، ولكن بسبب نمو الجماعات الدينية الأخرى، وانخفاض نسبة السكان سيمثل المسلمون 2.1٪ فقط من السكان.
من المهم أيضاً النظر إلى الفئة غير المنتسبة إلى أي ديانة، فمن المتوقع نمو هذا العدد ليتجاوز عدد السكان المسلمين خلال العقود المقبلة. في عام 2020 سيبلغ العدد المتوقع للأمريكيين غير المنتسبين أديان 63 مليون شخص، وبحلول عام 2050، من المتوقع أن ينمو هذا الرقم ليصل إلى 101 مليون شخص تقريبا. وبالمختصر، فإن عدد المسلمين في أمريكا سيزداد، ولكن حتى مع الطفرة السكانية، ستبقى الديانة المسيحية هي السائدة في أمريكا، تليها الفئة التي لا تنتمي إلى أي ديانة.