اندلعت الثورة السورية في 15 آذار/ مارس 2011، كجزء من موجة الانتفاضات والثورات العربية التي اجتاحت المنطقة، وبدأت من تونس التي أسقط شعبها النظام سريعاً، وتبعتها موجات من الاحتجاجات في عدة دول، حتى انضمّ السوريون إلى “الربيع العربي”.
وتركت اﻷحداث الدامية طيلة السنوات الماضية بصمة عميقة على تاريخ سوريا وشعبها، فبعد أن بدأت الاحتجاجات السلمية في مدينة درعا، حيث خرج المواطنون للمطالبة بالإصلاح السياسي والديمقراطية؛ سرعان ما انتقلت المظاهرات إلى مدن وقرى أخرى في سوريا.
قابلت قوات اﻷسد تلك المطالب بقمع دموي غير مسبوق في المنطقة والعالم، أسفر عن حجم ضخم من المآسي واﻵلام، حيث شّرد الملايين داخليا وخارجيا، وتم الزجّ بمئات اﻷلوف في السجون، وقتل مئات ألوف آخرون.
أسباب الثورة:
كانت ثنائية القمع والفساد التي وَرثها حافظ اﻷسد لولده سبباً رئيسياً لاندلاع الثورة السورية، في واحدة من أكثر دول العالم امتهاناً لحرية وكرامة مواطنيها.
ووسط غليان الغضب الشعبي جراء القمع السياسي وكبت الحريات والفساد الحكومي، رفع السوريون شعارهم في “الحرية والكرامة”، حيث مثلت رغبة الشعب السوري في العيش كباقي شعوب العالم الحرة بعيدًا عن الاضطهاد والظلم، وقوداً للمظاهرات السلمية التي انقلبت إلى مواجهات مسلحة بسبب ردة الفعل العنيفة من سلطة اﻷسد.
تطور الثورة:
أدى استخدام العنف المفرط لسقوط ضحايا مدنيين، مما أدى لتوسع نيران الاحتجاجات، فيما اضطر الضباط والعساكر المنشقون لحمل السلاح دفاعاً عن ذويهم، وانضم إليهم السكان المحليون.
ومع انزلاق الثورة من السلمية إلى السلاح، تحولت الاحتجاجات إلى صراع مسلح بسبب تصعيد قوات اﻷسد في استخدام العنف ضد المتظاهرين، وقصف المظاهرات بالمدفعية، واستهداف منازل اﻷهالي بالبراميل المتفجرة.
أدى تعمّق الصراع ونشوء المجموعات الثورية المسلحة، ودخول إيران بثقلها إلى جانب اﻷسد، عبر ميليشياتها الداعمة لها، إلى مرحلة جديدة من التدخلات الدولية، حيث شهدت الثورة تعقيدات غير مسبوقة، جراء دخول أطراف لدعم سلطة اﻷسد أبرزها روسيا وإيران، وأطراف لدعم المعارضة المسلحة، عبر “مجموعة أصدقاء سوريا” لكن ذلك “الدعم” كان شكلياً وعبر “أسلحة غير فتاكة” حافظت على ميزان القوى لصالح سلطة اﻷسد.
وبالرغم من ذلك فقد احتاج اﻷسد إلى دعم روسي غير مسبوق من أجل إنقاذ حكمه، وهو ما أكده لافروف حين قال إن دمشق كانت ستسقط خلال أسبوعين أو ثلاثة لولا تدخل الروس.
ولم يكف إقحام الطائرات الروسية في الحرب عبر احتلال مطار حميميم، والزج بقوات خاصة روسية، إلى جانب أكثر من 40 ميليشيا عراقية مع حزب الله؛ في إخماد ثورة السوريين حتى تمّ اللجوء لاتفاقات “مناطق خفض التصعيد” والتي تم الانقضاض عليها واحدةُ تلو اﻷخرى.
نتائج الثورة:
تحولت الاحتاجات لحرب داخلية مستمرة، ومع استمرار الصراع المسلح في سوريا، أسفر استخدام سلطة اﻷسد للقوة المفرطة عن دمار هائل ونزوح ملايين السوريين، وضرر بالغ في البنية التحتية.
وامتدت التأثيرات الإقليمية لتشمل دول الجوار بالدرجة اﻷولى، عبر أزمة لاجئين كبيرة تثقل كاهل كل من تركيا واﻷردن ولبنان، فيما تغيب الحلول عن اﻷفق.
وعلى المستوى الدولي كانت ارتدادات الثورة السورية واسعة، حيث تدخلت عدة أطراف دولية في الصراع، أبرزها التحالف الدولي المكون من عشرات الدول بقيادة الولايات المتحدة، كما تأثرت الدول الغربية بموجات كبيرة من اللاجئين، والتي استفادت منها في تأمين العنصر البشري.
الختام:
تظل الثورة السورية محطة تاريخية هامة في تاريخ الشرق الأوسط، والعالم، ويبقى السوريون برغم كلّ ما عانوه مصرين على مطلب إسقاط اﻷسد، ومحاسبته، مع رفض كل الحلول التي تستثني ذلك.