ثقلت ظروف الحرب في سوريا على كاهل السكان بشكل عام، وكانت النساء ضحايا هذه الأحداث بشكل خاص، فقد وجدن أنفسهن مضطرات لتحمل أعباء الحياة بمفردهن سواء بسبب تعرضهن للقصف أو النزوح أو فقدان المعيل، ولم يكن لديهن خيارات كثيرة سوى العمل من أجل تأمين احتياجات الأسرة، فحملن على عاتقهن هذه المسؤولية بكل جدية وواجهن صعوبات كبيرة في التوفيق بين احتياجات المنزل والتزامات الحياة اليومية.
“ساجدة عبد الحكيم” البالغة من العمر 33 عاماً، والتي تقطن مخيم الطلائع في مدينة الحسكة منذ عام 2019، تشارك قصتها مع قناة “حلب اليوم”، والتي أعادت تجربتها إلى خمس سنوات قضتها داخل المخيم مع عائلتها (زوجها ووالدها وأخته المعاقة بالإضافة إلى خمسة أطفال).
تقول “ساجدة” لـ “حلب اليوم” بدأت الظروف بالتدهور كثيراً عندما اضطررت للنزوح من مدينة رأس العين إلى هذا المخيم، وتكمل: “في البداية كان هناك دعم من المنظمات داخل المخيم سواء كان ذلك على شكل مساعدات غذائية أو سللٍ صحية وما إلى ذلك، ومع ذلك أصبحت هذه المساعدات نادرة وغير قادرة على تلبية احتياجات العائلة من الطعام واللوازم الأساسية.
وعلى إثرها تقول “ساجدة”: “لجأت إلى البحث عن عمل لمساعدة زوجي الذي يعمل في نقل المياه عبر سيارة، ويحصل على أجور زهيدة منها”.
بالرغم من أن ساجدة تحمل شهادة من المعهد النسوي ولكن وجودها داخل المخيم يقلل من فرص العمل المتاحة لسيدة متزوجة ولديها العديد من الالتزامات العائلية، فعملت في تنظيف الحمامات داخل المخيم عبر عقد يستمر لثلاثة أشهر وفق قولها.
واعتبرت “ساجدة” أن العمل ليس معيباً، وأن حاجتها للعمل أكبر، ولكن عقدها لم يتجدد، مشيرةً أنهوبعد انقضاء مدة العقد بدأت في البحث عن فرصة عمل جديدة.
فن الخياطة
لجأت السيدة النازحة إلى فكرة تعلم فن الخياطة حيث قامت بحياكة الملابس داخل خيمتها رغم صعوبة العمل، بعد انقضاء مدّة العقد، كما اقترح عليها شقيقها المقيم في ألمانيا فكرة تعلم فن الخياطة وقام بمساعدتها في شراء ماكينة صغيرة، وبدأت في استخدامها للعمل.
تروي ساجدة لـ”حلب اليوم” أنها بدأت العمل في مجال الخياطة وتمكنت بفضل خبرتها البسيطة من صنع ملابس للأطفال الصغار، كما بدأت في استخدام الماكينة الصغيرة في الخياطة وأيضا في إعادة تدوير الملابس القديمة لتحويلها إلى ملابس صالحة للاستخدام.
وعلى خلفية الظروف الاقتصادية الراهنة تبين أن السيدة “ساجدة” هي واحدة من مئات السيدات داخل المخيم يستخدمن إبداعهن في إيجاد حلول اقتصادية مناسبة، والتي تساعدهن على تلبية احتياجاتهن الأساسية.
وتبين في الوقت الحالي هذه الحالة ليست حالة ساجدة وحدها فهنالك سيدات كثيرات داخل المخيمات يعملن باي مهنة حتى لو كانت شاقة في سبيل تأمين متطلبات الحياة فمنهن من تعمل بقص الشعر ومنهمن من تعمل بشراء الخضروات وبيعها وغير ذلك من المهن حتى لو كانت الأجور زهيدة.
وتواجه النساء اللاتي يسعين للعمل، العديد من التحديات والعوائق، إذ تشمل هذه التحديات افتقارهن إلى التعليم والخبرة اللازمين، إلى جانب نقص الفرص الوظيفية المتاحة، كما تعتبر صعوبة الموازنة بين مسؤوليات الأسرة والالتزامات العائلية وبين العمل جزءاً من التحديات التي يواجهنها.
وتزيد صعوبة الوصول إلى وسائل النقل إلى أماكن العمل وغياب الشهادات العليا أو الدورات التعليمية المتخصّصة عن هذه العقبات، وقد يكون من الصعب على النساء اللاتي يرغبن في العمل العثور على وظائف تتناسب مع واقعهن واحتياجاتهن الأسرية.
وتبرز هذه التحديات أهمية تعزيز فرص التعليم والتدريب للنساء، بالإضافة إلى توفير بيئة عمل تشجع على المساواة وتسهل التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، ما يعزز دعم وتمكين النساء في سوق العمل التنمية المستدامة ورفع مستوى العيش في المجتمعات.