أكدت منظمات حقوقية أوروبية مسؤولية دول الاتحاد المباشرة، عن الانتهاكات التي يتعرض لها طالبو اللجوء بمن فيهم السوريون على حدود صربيا، في تعليق على فيديو نشرته صحيفة الغارديان البريطانية يُؤكد تجريد عشرات المهاجرين من ملابسهم.
وأظهرت مقاطع الفيديو مهاجرين تم تجريدهم من ملابسهم في درجات حرارة متجمدة على الحدود الصربية، وإجبارهم على العودة إلى مقدونيا الشمالية.
وقالت جماعات حقوق الإنسان إن “لقطات الرجال شبه العراة هي دليل على تزايد الانتهاكات أثناء عمليات الإرجاع غير القانونية على حدود أوروبا”.
ويعود مقطع الفيديو الذي عرضته الصحيفة إلى منظمة ليجيس، وهي منظمة غير حكومية في مقدونيا الشمالية، وقالت اﻷخيرة إنه تم تصويره من قبل شخص محلي بالقرب من قرية لوجان، القريبة من الحدود الصربية، وسلّمه إليها في 10 فبراير، “ولم تتحقق The Guardian بشكل مستقل من مقاطع الفيديو”.
وأوضحت المنظمة أن الحادث كان “الثاني من بين عمليتي صد مسيئتين ومهينتين على مدار 24 ساعة، حيث تدعي أن أكثر من 50 شخصًا أُجبروا على التعري من قبل السلطات الصربية قبل إعادتهم قسريًا إلى شمال مقدونيا”.
وتقول ليجيس إن موظفيها المحليين تمكنوا لاحقاً من التحدث إلى الرجال الذين عرفوا أنفسهم بأنهم سوريون، وقالت ياسمين ريدجيبي، رئيسة المنظمة، إن عمليات الصد “المزعجة والمهينة” جاءت بعد فترة وجيزة من قمة التعاون الحدودي بين الاتحاد الأوروبي و صربيا، والتي كانت تهدف إلى تعزيز الحدود الصربية ضد عمليات تهريب البشر.
وبحسب الصحيفة فإن هذه الحوادث “تقع عندما يقوم الاتحاد الأوروبي بإعداد قيود ضدّ المهاجرين على الطريق، وفي هذه الحالة حدث اﻷمر بعد أيام فقط من قمة التعاون الحدودي بين الجانبين.. بعد ذلك رأينا التأثير والعواقب المباشرة”.
وعلى الرغم من وجود تقارير عن تجريد المهاجرين من ملابسهم على الحدود الأوروبية الأخرى، يقول ريدجيبي إن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الإبلاغ عن ذلك في هذه المنطقة.
من جانبه قال رادوس ديوروفيتش، المدير التنفيذي لمركز حماية اللجوء في اﻷراضي الصربية، إن موظفيه شهدوا زيادة في روايات عمليات الإعادة إلى مقدونيا الشمالية منذ بداية العام، وقال: “يمكننا أن نقول إنها الآن ممارسة منتظمة”.
يأتي ذلك بعد التقدم الذي حدث باتجاه عقد اتفاق الهجرة والذي يسعى إليه الاتحاد اﻷوروبي مع الصرب والألبان، رغم وجود محاذير إنسانية كثيرة ضدّه.
وأعلن زعماء الاتحاد في كانون الثاني الماضي، أن هناك تقدماً كبيراً في المحادثات بشأن “قواعد جديدة للسيطرة على الهجرة”، لكن المنتقدين قالوا إن حقوق طالبي اللجوء ستتعرض للخطر، وسيتم تشجيع “المزيد من الصفقات المشبوهة أخلاقياً مع الدول التي يغادرها الناس للوصول إلى أوروبا”.
ويقضي الاتفاق بمنح صربيا وألبانيا اللتين تسعيان للانضمام إلى الاتحاد اﻷوروبي أموالاً مقابل تشديد اﻹجراءات ضد المهاجرين، وقالت إيف جيدي، مديرة مكتب المؤسسات الأوروبية في منظمة العفو الدولية، إن هذا “سيؤدي إلى انتكاس قانون اللجوء الأوروبي لعقود قادمة، وسيتسبب في وضع المزيد من الأشخاص في الاحتجاز الفعلي على حدود الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الأسر التي لديها أطفال”.
وأضافت جيدي: “ستكون الدول قادرة ببساطة على الدفع لتعزيز الحدود الخارجية، أو تمويل دول خارج الاتحاد الأوروبي لمنع الناس من الوصول إلى أوروبا”.
وبالعودة إلى تقرير الغارديان فقد نقلت عن دونيا مياتوفيتش، مفوضة حقوق الإنسان في مجلس أوروبا قولها إن “التقارير الأخيرة عن عمليات الصد المزعومة من قبل ضباط الشرطة الصربية على الحدود مع مقدونيا الشمالية، والتي اتسمت بالمعاملة السيئة والمهينة والسرقة للمهاجرين، ربما بما في ذلك أولئك الذين يحاولون البحث عنهم، تتطلب إجراء تحقيق سريع وفعال من قبل سلطات الدولة”.
وأضافت أن “هذه الأحداث ليست مثيرة للقلق فحسب، بل تشير أيضًا إلى اتجاه أوسع ومثير للقلق بين الدول الأعضاء في مجلس أوروبا.. يبدو أن هذه الإجراءات تنتهك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تحظر الإعادة القسرية والطرد الجماعي، فضلاً عن المعايير الدولية الأخرى التي تتطلب ضمان الوصول الحقيقي والفعال إلى اللجوء لأولئك الذين يسعون إليه”.
وقالت مياتوفيتش إن الانتهاكات التي يبدو أنها تحدث على حدود مقدونيا الشمالية كانت مؤشراً على سوء معاملة الأشخاص المستضعفين على الحدود في جميع أنحاء أوروبا، واصفة ظاهرة الإعادة غير القانونية المنتشرة على نطاق واسع بأنها “مشكلة أوروبية ملحة”.
وأشارت إلى أن “المهاجرين يتعرضون لمعاملة قد تكون مهينة أو تعتبر تعذيباً في العديد من الدول الأوروبية منذ سنوات، في انتهاك واضح لالتزامات الدول في مجال حقوق الإنسان”.
وكان تقرير صادر عن منظمة بلجيكية غير حكومية صادر في تشرين اﻷول الماضي، قد أكد أن أكثر من 346000 عملية إرجاع قسري حدثت على الحدود الخارجية لأوروبا في عام 2023.