تتحكم مافيات مرتبطة بضباط في قوات اﻷسد ببيع المساعدات المقدمة من برنامج الأغذية العالمي في مختلف مناطق سيطرتها، رغم انقطاع المخصصات اﻹغاثية بشكل شبه كامل، وفقاً لمصادر إعلامية محلية.
وذكرت صحيفة تشرين الموالية أنه بعد مضي شهرين على إعلان إنهاء برنامج الأغذية العالمي معظم مساعداته في سوريا مع مطلع العام الحالي، “لا زالت بسطات بيع هذه السلل الغذائية متمركزة في مكانها غير الخفيّ على الجهات المعنية المُكلفة ورقياً بضبط من يُتاجر بها”.
وأشارت إلى أن الكثير من الأسر السورية كانت “تتاجر بالسلل التي يوزعها برنامج الأغذية العالمي من باب الحصول على مبالغ كاش كمصدر دخل”، لكن “ما يدعو للاستغراب هو زبونات هذه الأسواق، فاصطفاف سيارة بموديلها الحديث وخروج مالكها بأيدٍ محمّلة بالبطانيات والمعلبات الخاصة بهذا البرنامج لبيعها في سوق مساكن برزة لأحد بسطات المعونة هو ما أثار فضول المارة”.
ويؤكد البائعون أن “أغلب موارد هذه البسطات تأتي مما سمّوه مافيات لازالت توردهم بالسلل المخزنة بمستودعات، الأمر الذي أفسد الكثير من الأغذية المقدمة من “طحين وأرز وبرغل…”، ومع ذلك فإن الناس ما زالوا يرغبون بارتياد هذه الأسواق كونها أرخص بألف وألفي ليرة من الأسعار النظامية”.
وكانت تقارير عدة للأمم المتحدة قد أكدت سابقاً استيلاء سلطة اﻷسد على أكثر من نصف كمية المساعدات المخصصة ﻹغاثة السوريين في مناطق سيطرتها.
وذكرت “نيويورك تايمز” في تقرير سابق أن معظم الإغاثة الإنسانية التي تقدم عن طريق الأمم المتحدة تنتهي في منطقة الساحل، معقل بشار الأسد ومناصريه، موضحةً أن أكثر من 85 في المئة من المساعدات الغذائية وأكثر من 70 في المئة من الأدوية ذهبت إلى تلك المناطق خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2014.
وعقب الزلزال وتدفق المساعدات إلى مدينة حلب تحولت “الجميلية” إلى مركز لبيعها حيث تعرض على البسطات، بينما يُحرم الكثير من مستحقيها من التوزيع المجاني لها، نتيجة استيلاء ضباط قوات اﻷسد وميليشياته على معظمها.
وتؤكد مصادر محلية موالية لسلطة اﻷسد أن تلك المواد تُباع بكميات كبيرة وبأكياس مختومة وخاصة الرز بالرغم من عبارة “غير مخصص للبيع” المكتوبة بشكل واضح، بينما لا تتدخل حكومة اﻷسد مطلقاً لوضع حدّ لتلك الظاهرة.
وكانت سلطة اﻷسد قد فرضت مؤخراً المزيد من القيود ضدّ المنظمات الدولية الراغبة في توزيع اﻹغاثة على اﻷهالي بمحافظة حماة وسط البلاد، حيث أصدر محافظ حماة محمود زنبوعه تعميماً للوحدات الإدارية في المحافظة يقضي بعدم السماح لأي منظمة دولية أو محلية أو جمعية أو مؤسسة، بإجراء أي تقييم أو مسح أو جمع بيانات للمجتمع المحلي من دون “موافقة رسمية”.
وذكر القرار الذي نشرته جريدة الوطن أن على تلك المنظمات الرجوع إلى لجنة الإغاثة الفرعية التابعة إلى “الأمانة العامة” بحكومة اﻷسد في المحافظة، دون إيضاح اﻷسباب.
وأتى ذلك عقب يوم واحد فقط من إقرار مجلس النواب الأمريكي قانون مناهضة التطبيع مع سلطة اﻷسد، والذي أقرّ بتلاعب اﻷخير بعمل منظمات اﻹغاثة التابعة الأممية.
ويتضمن القانون توسيع العقوبات المفروضة على سلطة اﻷسد، كما يعارض أي اعتراف أو تطبيع للعلاقات معه، حيث يحتوي على 3 عناصر رئيسية، أولها منع التطبيع، وثانيها توسيع وتحسين العقوبات المتعلقة بحقوق الإنسان، وثالثها “دراسة تلاعب سلطة الأسد بالأمم المتحدة”.
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) قد خضع لمطالب سلطة اﻷسد منذ عام 2012 في حصر كافة عملياته بالعاصمة دمشق، من أجل “تقديم المساعدات إلى سوريا”.
وتؤكد تقارير متقاطعة أن اﻷسد استفاد من المساعدات الإنسانية عبر وضع يده على معظمها وتوجيهها إلى الميليشيات واستخدامها كسلاح ضدّ السوريين.
وتطلب وزارة الشؤون الخارجية في سلطة اﻷسد من كافة الوكالات الإنسانية التوقيع على اتفاق مع “الهلال الأحمر العربي السوري” المعروف بارتباطه مع المخابرات، كما تحظر الزيارات الميدانية والبرمجة دون إذن منه.