صدرت النسخة التركية لرواية “كوكب الطين” للكاتبة السورية “سمر يزبك” والتي تعد واحدة من أهم الروايات التي تتحدث عن الحرب في سوريا.
وترجمت الرواية على يد “مهتاب أوزر إيزوفيتش”، إذ تُظهر الرواية للقرّاء الدمار والغضب والبؤس بكل أنواعه في سوريا، وتشرح بداخلها استراتيجية المواجهة الوحيدة لامرأة تدعى “ريما” وطفلة مصابة بصدمة من أهوال وفظائع الحرب في سوريا.
ففي الرواية التي ترويها “ريما” الفتاة الدمشقية البكماء والحالمة بالسير والانتقال إلى حيث يمكن لقدميها أن تأخذاها، نجد تلك الشخصية وهي مقيدة بمعصم والدتها، لكنها تغرق نفسها في عالم الكتب والرسم، فضلاً عن العوالم السرية التي تتفتق عنها مخيلتها.
وخلال المراحل الأولى للثورة في سوريا، تصاب الأم برصاصة ترديها قتيلة عند أحد حواجز سلطة الأسد.
أما ريما فتتعرض للإصابة وتنقل إلى مشفى عسكري، وهناك تصف لنا الكاتبة على لسان الراوية، وبأسلوب نثري جذاب، وضع المرضى الذين تحولوا إلى ضحايا للتوحش والإرهاب والتعذيب الممارس من أجهزة سلطة الأسد.
بيد أن شقيق ريما يتمكن من إنقاذها، ولكن مع تمدد رقعة الحرب في البلاد، يتقلص الأفق أمامهما، فيلجأن إلى الغوطة، وهناك يعهد شقيق ريما بأخته إلى مقاتل آخر.
وعندما تبدأ القنابل بالتساقط، واحدة تلو الأخرى، تجد ريما في رحلاتها الخيالية ملاذاً للنجاة.
وفي مقطع مؤثر ضمن تلك الرواية، نجدها وقد استيقظت عقب هجوم بالسلاح الكيماوي لتجد نفسها محاطة بجثث القتلى من الأطفال والنساء المحجبات وقد تم سكب الماء فوق الجميع، إلا أن النسوة فارقن الحياة بسبب تسرب الغازات السامة عبر ثيابهن، ورفض الرجال نزع ثيابهن عنهن بحجة أن ذلك حرام!.
كانت الفظائع ومشاهد الدمار التي أوردتها سمر يزبك في روايتها (كوكب الطين) مؤثرة للغاية لدرجة أنها وصفتها بأنها كانت “أقرب للخيال من كونها حقيقة”.
والتقت الكاتبة بالعديد من النساء والأطفال الذين نجوا من تلك المجزرة المريعة، تماماً كما حدث لريما.
غير أن الكاتبة تدرك مدى قوة الخيال وقدرته على تغيير الأمور والأحوال، وتعرف تماماً بأن القصة التي ترويها شخصية ما لا بد أن تبقى في ذهن القارئ لفترة أطول مما قد يخلفه أثر أي تقرير صحفي، وتعرف بأن الرعب اليومي الذي تتم تصفيته عبر عدسات الخيال، لا بد أن يستسيغه القارئ بشكل أكبر وأن يتحول إلى عنصر أكثر إمتاعاً لجمهور القراء.
أما أسلوب الكاتبة السردي الذي يعتمد على تكرار تيار الوعي فقد ينقسم القراء أمامه، إذ نجد الصوت الذي يعبر عن شخصية ريما غاية في السذاجة، وهذا الأمر مقصود، فهذه الشخصية تدور حول المواضيع، إذ تبدأ بسرد قصة قبل أن تنهي القصة التي قبلها.
وتنقل هذه الرواية المفعمة بالعواطف وبكل جرأة كيف يعيش المحاصرون في دوامة، حيث يفضي كل يوم دام إلى اليوم الذي يليه، وهكذا تصبح ريما رمزاً صارخاً للمرأة السورية المكبلة بقيود الحرب، فلا هي قادرة على أن على أن تتحرك وتنتقل من مكانها ولا هي قادرة على أن تتحدث بحرية عما يجري حولها من أمور.
السيرة الذاتية لـ سمر يزبك
سمر يزبك كاتبة وصحافية سورية من مواليد 1970، كتبت روايات وقصص وحلقات تلفزيونية وأفلام وثائقية، وهي روائية متحررة خرجت من عباءة العائلة والطائفة والقبلية، تحمل في وجدانها شقاء المجتمع التقليدي الذي ترويه في مؤلفاتها وتحدثنا عن آلامه وأحلامه.
وكتبت يزبك نصوص 13 فيلما ونص مسلسل واحد، كما أعدت وقدمت برنامجاً ثقافياً بعنوان (حكاية مكتبة) عام 2008.
وعملت يزبك في جريدة الحياة لمدة عشر سنوات، وكتبت في العديد من الصحف العربية والسورية، ومن الأفلام التي كتبتها “مسلسل امرأة في الظل، فيلم سينمائي سماء واطئة، فيلم وثائقي عن أنطون مقدسي، فيلم تلفزيوني بعنوان صباح الخير ليلى”، وكانت آخر كتاباتها رواية “تقاطع نيران”.