يلجأ عدد متزايد من السوريين في مناطق سيطرة اﻷسد إلى تحديد المهور بالذهب، نظراً لفقد الثقة بالليرة السورية، التي تتراجع قيمتها بشكل مستمر، فيما تسجل حالات الزواج العرفي ارتفاعاً مستمراً بمحاكم دمشق الشرعية.
وقالت صحيفة الوطن الموالية لسلطة اﻷسد إن تكلفة دعاوى الزواج بلغت ملايين الليرات “وفقاً للتسعيرة المتعارف عليها عند أغلب المحامين” والتي “وصلت إلى 4 ملايين ليرة فأكثر تبعاً لكل حالة”.
وتتضاعف اﻷجور في حال كان الزوج مغترباً، كما تمثل المدة الزمنية المتفق عليها لإنجاز المعاملة بالكامل بين الموكل والمحامي “عاملاً إضافياً للتسعيرة”.
وقال نقيب المحامين “الفراس فارس” إنه ليست هناك تسعيرة محددة لقيمة الدعاوى القضائية، حيث تحدد بالاتفاق بين الموكل والمحامي، وتُقدر من كل محامٍ وفق خبرته وعمره المهني، منوهاً بأن من حق الموكل أن يأخذ إيصالاً من المحامي لقاء المبالغ المالية المدفوعة له، أما في حال تقصير المحامي في إجراءات الدعوى، فيمكن تقديم شكوى للنقابة واسترجاع الأتعاب المدفوعة.
أما القاضي في المحكمة الشرعية بدمشق يحيى الخجا فقد أكد أن عقود الزواج معفاة من أي رسم أو ضريبة على إبرامها أو تثبيتها وفقاً للتعديل الأخير لقانون الأحوال الشخصية رقم 4 لعام 2019، و”ما يترتب عليها داخل المحكمة الشرعية لا يتجاوز بضعة آلاف عدا تكلفة الفحص الطبي لما قبل الزواج”.
وأوضح أن “عقد الزواج العرفي المبرم خارج المحكمة لا يلغي أثر الزواج فيما لو حصل، لكن القانون شجع على إبرام العقد داخل المحكمة حفاظاً على حقوق كل من الطرفين”، وأن “القانون يفرض عقوبة جزائية على عقود الزواج العرفي تبدأ بغرامة من 10 آلاف إذا كان العقد سليماً، حتى الـ 50 ألف ليرة في حال كانت الزوجة قاصراً”.
كما تصل العقوبة إلى الحبس إذا كانت الزوجة قاصراً وتم العقد دون موافقة وليّ أمرها، و”تشتد العقوبة عند وجود خلل في العقود كأن تكون الزوجة على ذمّة زوج آخر، أو في حالات بطلان أو فساد المشرع، وغيرها”.
أوضح القاضي الشرعي أن المحكمة الشرعية بدمشق سجلت خلال عام 2023 أكثر من 15 ألف عقد زواج بطريقة الخاطب والمخطوبة، وأكثر من 5 آلاف عقد زواج عرفي تم تسجيله سواء بتثبيت إداري أم عن طريق رفع دعوى، بمجموع كامل تجاوز الـ 21 ألف عقد، بينما سجلت أكثر من 8 آلاف حالة طلاق في العام نفسه.
وكان القاضي الشرعي الأول في دمشق، مازن ياسين القطيفاني، قد حذّر في وقت سابق من ارتفاع معدلات الزواج العرفي بشكلٍ عام في البلاد.
الليرة الذهبية بدلاً من “السورية”
وحول تسجيل المهور بالمصاغ الذهبي والليرات الذهبية قال الخجا إن ذلك “أضمن لحق الزوجة مع مضي الزمن حتى لا يفقد ما سُجل في العقد الشرعي قيمته”، حيث أن “هناك نصاً صريحاً في القانون يقر بأنه لا حدّ لأقل المهر ولا أكثره، وبالتالي كشروط شرعية ليس هناك ما يمنع تسجيل أي مهر”.
ولفت إلى أن المحكمة سجلت عقد زواج مؤخراً بمهر 4 كيلو غرامات من الذهب، وآخر 5 مليارات ليرة سورية، مؤكداً إمكانية تسجيل المهر بالعملة الصعبة داخل المحكمة الشرعية، حيث “لا مانع من ذلك ولا يخالف أحكام التعامل بغير الليرة السورية لأن المهر ليس تداولاً وتعاملاً إنما هبة من الزوج للزوجة”.
وليس اﻷمر مقتصراً على عقود الزواج بل حتى المسؤولون في سلطة اﻷسد تحولوا إلى قبض الرشاوى والعمولات بالليرة الذهبية، نتيجة الانهيار المستمر للعملة السورية والتضخم الحاصل في البلاد.
وذكر موقع “صوت العاصمة” المحلي، في تقرير نشره العام الفائت، إن الرشوة في مدينة دمشق اتخذت شكلاً جديداً، حيث بات على الراشي الراغب بتقديم رشوته بالليرة السورية “حمل حقائب سفر لنقل الأموال المقدمة إلى المسؤولين” بحسب وصف أحد موظفي محافظة دمشق، وباتت الليرات الذهبية هي المعترف بها بين أصحاب المناصب العليا المسؤولين عن إعطاء التراخيص والاستثناءات.
وأوضح أن الرشاوى بالليرة الذهبية بدأت في منتصف العام 2021 مع بداية أزمة جوازات السفر حينها، حيث اشترط مسؤولون وضباط في إدارة الهجرة والجوازات على المواطنين دفع ليرة ذهبية سورية واحدة قيمتها نحو مليون ليرة سورية حينها، مقابل تسهيل استخراج الجواز.
ومؤخراً “استنسخ مدراء ومسؤولون وضباط في المؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية تجربة الرشوة خلال أزمة الجوازات، ولم يقبلوا بعدها الرشوة بالليرة السورية”، وفقاً للمصدر الذي أشار إلى أنّ المعاملات الهامة تم تقسيمها إلى فئات تبدأ فيها قيمة الرشوة من ليرة ذهبية واحدة وتصل حتى 10 ليرات وأكثر.