تحوّل المسؤولون في نظام اﻷسد إلى قبض الرشاوى والعمولات بالليرة الذهبية، نتيجة الانهيار المستمر للعملة السورية والتضخم الحاصل في البلاد، وسط حالة غير مسبوقة من التراجع الاقتصادي، وفقاً لمصادر محلية في العاصمة دمشق.
ويصعب دفع الرشوة بالعملات الأجنبية لصعوبة توفيرها والملاحقات الأمنية التي تطال المتداولين بها، إضافة لانتشار العملات المزورة التي يتعذّر كشفها، لذا بات الذهب الخيار اﻷنسب.
وذكر موقع “صوت العاصمة” المحلي، أن الرشوة في مدينة دمشق اتخذت خلال الأشهر الأخيرة شكلاً جديداً، حيث بات على الراشي الراغب بتقديم رشوته بالليرة السورية “حمل حقائب سفر لنقل الأموال المقدمة إلى المسؤولين” بحسب وصف أحد موظفي محافظة دمشق، وباتت الليرات الذهبية هي المعترف بها بين أصحاب المناصب العليا المسؤولين عن إعطاء التراخيص والاستثناءات.
وأوضح أن الرشاوى بالليرة الذهبية بدأت في منتصف العام 2021 مع بداية أزمة جوازات السفر حينها، حيث اشترط مسؤولون وضباط في إدارة الهجرة والجوازات على المواطنين دفع ليرة ذهبية سورية واحدة قيمتها نحو مليون ليرة سورية حينها، مقابل تسهيل استخراج الجواز.
ومؤخراً “استنسخ مدراء ومسؤولون وضباط في المؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية تجربة الرشوة خلال أزمة الجوازات، ولم يقبلوا بعدها الرشوة بالليرة السورية”، وفقاً للمصدر الذي أشار إلى أنّ المعاملات الهامة تم تقسيمها إلى فئات تبدأ فيها قيمة الرشوة من ليرة ذهبية واحدة وتصل حتى 10 ليرات وأكثر.
لكل شيء تسعيرة
يبلغ مقدار الرشوة لترخيص بناء في الأرياف القريبة من العاصمة دمشق، أو الحصول على استثناءات لفتح المحلات والأكشاك في مكان مخالف، مثلاً، بين ليرة ذهبية واحدة وثلاثة ليرات، في حين كان الأمر مختلفاً في الفروع الأمنية ومحكمة الإرهاب، حيث يتم دفع ليرة ذهبية مقابل كل معلومة يقدمها الضابط عن معتقل وكذلك مقابل كل إجراء من إجراءات تغيير مواعيد المحاكمات ونتائجها.
وكشف مصدر آخر للموقع، في تقرير نشره أمس اﻷحد، أنّ الرشوة بالليرات الذهبية انتشرت في أوساط القضاء المدني، وتبدأ الأسعار التي يتلقاها القاضي أو النائب العام من ليرة ذهبية أو ليرتين، وتزيد حسب نوع القضية وأهميتها وأطراف الادعاء.
وأصبح الضباط والمتنفذون في قوات اﻷسد يرفضون “الرشوة الكاش” في عمليات نقل وفرز العناصر و”التفييش”، حيث أنّ الكلفة تبدأ من ليرة ذهبية واحدة وتصل إلى 5 ليرات بحسب منطقة الخدمة والقرب والبعد عن مكان إقامة العسكري.
ارتفاع غير مسبوق
تجاوز سعر غرام الذهب من “عيار 24” حاجز الـ380 ألف ليرة سورية، ضمن سلسلة ارتفاعات مستمرة، نتيجة انهيار الليرة، وارتفاع سعره عالمياً.
وبلغ سعر الليرة الذهبية السورية نحو مليونين ونصف المليون ليرة سورية، بحسب آخر نشرة التي صدرت عن جمعية الصاغة، في دمشق، بينما فُقدت الليرات الذهبية من الأسواق بشكل مفاجئ نتيجة امتناع الصاغة عن بيعها لارتفاع الطلب عليها مؤخراً.
ويعود ارتفاع الطلب على الليرة الذهبية لاستخدامها في الادخار أو الرشوة داخل المؤسسات الحكومية واستخدامها في تحديد المقدم والمؤخر من عقود الزواج نتيجة انهيار قيمة الليرة السورية.
يشار إلى أن سعر التصريف وصل صباح اليوم إلى 6550 ليرة سورية مقابل الدولار الأمريكي الواحد.