مع دخول احتجاجات السويداء شهرها الخامس، والتي شارك فيها مختلف الشرائح الاجتماعية والشعبية، ظهرت شعارات وأحزاب تنادي بتطبيق نموذج الإدارة الذاتية على غرار قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.
ولاقت هذه الشعارات الرفض من عموم أهالي السويداء الذين اعتبروا حراكهم هو امتداد للثورة السورية التي انطلقت عام 2011 ونادت فيها بإسقاط الأسد.
ولكن مع تجاهل النظام لأصوات المحتجين من جهة، وزيادة تدهور الوضع المعيشي والخدمي من جهة أخرى، ظهرت أصوات من داخل السويداء، اتهمت سلطة الأسد بالترويج وراء هذا المخطط، بهدف دفع أهالي السويداء نحو الإدارة الذاتية.
وعلى إثر ذلك، يروى الناشط السياسي “فهد حوراني” في حديث خاص مع قناة “حلب اليوم“، قوله؛ إنه “طوال الأشهر الأربعة الماضية لم نسمع أحد ينادي بالإدارة الذاتية سوى بعد لقاء رأس سلطة الأسد “بشار” مع قيادة حزب البعث، الذي تحدث فيها عن قانون الإدارة المحلية (اللامركزية).
وأوضح “حوراني” أنه بعد خطاب الأسد، بدأت تظهر لافتات تطالب بتطبيق اللامركزية كـ”حل”، ترافق ذلك مع دعاية موجهة قاموا بها مؤيدي الإدارة الذاتية ضد المحتجين بساحة الكرامة، كانت فحواها؛ بأنه “لا جدوى من التظاهر وأنه لا حل إلا بتطبيق نموذج الإدارة الذاتية”، وجاءت هذه المطالب وقتها بالتزامن مع دعاية النظام التي كانت منذ اليوم الأول قائمة على فكرة أن الحراك في السويداء هو حراك انفصالي”.
من جهته، يؤكد مراسل حلب اليوم في السويداء، أن سلطة الأسد غذّت دعاية مؤيدي الإدارة الذاتية من خلال زيادة في ساعات تقنين الكهرباء لمحافظة السويداء، في ظل طقس شديد البرودة وشح في مادة المازوت، وغياب الخدمات الأساسية وكثرة الاعطال في البنية التحتية من اتصالات وكهرباء وغيرها، بالتزامن مع انهيار دراماتيكي لليرة السورية مقابل الدولار، وزيادة أسعار السلع الأساسية والفلتان الأمني.
بدوره، يرى مدير شبكة الراصد الإخبارية المحلية “سليمان فخر” أن سلطة الأسد بدأت مؤخراً بدفع أهالي محافظة السويداء لتطبيق نموذج الإدارة الذاتية من خلال عدم محاولته فتح أي قنوات تواصل مع الأهالي والمرجعيات لإيجاد حل للانتفاضة الشعبية.
وأوضح فخر في حديثه لـ”حلب اليوم” أن تحركات سلطة الأسد ترافقت مع بروباغندا إعلامية تكرّس فكرة الانفصال، وبهذه الحالة يمكن القول إن التاريخ يُكرر نفسه، فهكذا مهّد الأسد في السنوات الماضية للأكراد لحصولهم على الإدراة الذاتية.
وأمّا عن الوضع الخدمي، اعتبر “فخر” أن القرارات الخدمية التي فيها تخفيض مخصّصات تطال كل المحافظات والواقع الخدمي بدمشق وحلب ليست أفضل من السويداء، لذلك لا أرى أي نوع من الاستنسابية أو الكيدية في القرار.
وفي هذا السياق، وصف “صالح.ع” وهو أحد المشاركين في احتجاجات السويداء، أثناء لقاءه مع مراسل حلب اليوم، أن الإدارة الذاتية وسلطة الأسد وجهان لعملة واحدة، وكما حاولت سلطة اﻷسد حرف مسار الثورة السورية في بدايتها، فهي تحاول اليوم أن يحرفها في السويداء، عبر إهمال حل المشكلة الأساسية والتي عبر عنها أهالي السويداء علناً وهي رحيل هذا النظام، والتوجه نحو حلول أقل ما يقال عنها بأنها لا تلبي طموح الشعب السوري.
وتابع قائلاً: “يمكن القول إن سلطة الأسد هي من تُغذي وتدفع أهالي السويداء لتبني حل الإدارة الذاتية بعد سقوط كرت حماية الأقليات”.
يذكر أن دعوات عديدة ظهرت للسير على نهج شمال شرق سوريا، خصوصاً بعد إعلان الأخيرة عمّا يسمى بـ”العقد الاجتماعي”، إلا أنه ما زال التوجه العام في محافظة السويداء يرفض هذا الخيار. وكانت أصدرت قوى سياسية وشعبية في السويداء، بعد أيام معدودة على إعلان “العقد الاجتماعي”، وثيقة إعلان مبادئ أكّدوا فيها وحدة سوريا وعمقها العربي الطبيعي، ولاقت هذه الوثيقة استحسان من قبل الهيئات الدينية والفعاليات الاجتماعية.