سلط انتشار اﻹنفلونزا مؤخراً الضوء على الاختلافات بين مناعة الرجال والنساء، حيث كان الموضوع محل نقاش بين العلماء، لعقود من الزمن، كما يؤكد باحثون لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية.
وقالت خبيرة التغذية جينا هوب في كتاب جديد بعنوان “كيف تحافظ على صحتك” إن “الأدلة تظهر أن جهاز المناعة الأنثوي أقوى من جهاز المناعة الذكري”، وتشير إلى أن الأمر يرجع إلى الهرمونات، حيث تميل الهرمونات الجنسية الأنثوية، البروجسترون والإستروجين، إلى دعم جهاز المناعة، في حين أن هرمون التستوستيرون الذكري يمكن أن يثبط المناعة.
وفي جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور، ميريلاند قام العلماء بإصابة خلايا من بطانات أنوف الرجال والنساء بفيروس الإنفلونزا الشائع، قبل إضافة الشكل الأكثر شيوعاً من هرمون الإستروجين لدى النساء، والذي يسمى “أستراديول”، إلى جميع الخلايا.
وفي الخلايا لدى النساء، أدى هرمون الإستروجين إلى انخفاض كبير في مستويات فيروس الإنفلونزا، لكن مستويات الفيروس في خلايا الرجال ظلت دون تغيير، حسبما أفادت المجلة الأمريكية لعلم فسيولوجيا الرئة الخلوية والجزيئية.
وينتج كلا الجنسين “أستراديول”، حيث يوجد بكميات صغيرة في الخصيتين لدى الرجال (ربما للمساعدة في إنتاج الحيوانات المنوية)، بينما تفرز النساء كميات كبيرة من المبيضين، وذلك بشكل أساسي لبناء جهازهن التناسلي، وعلى النقيض من ذلك، يبدو أن هرمون التستوستيرون يثبط الدفاعات المناعية، ربما لأنه يحرك الأنشطة، مثل بناء العضلات التي تتطلب الطاقة.
المناعة القوية ضرورية للمرأة
إن وجود جهاز مناعة قوي، يمكّن المرأة من حماية الجنين بشكل أفضل من العدوى التي تنتقل منها إلى الطفل في الرحم، كما يقول فرانسيسكو أوبيدا دي توريس، أستاذ علم الأحياء الرياضي الذي يدرس التطور والصحة في Royal Holloway جامعة لندن.
ويقول: “عندما تصاب النساء الحوامل بالعدوى من الأشخاص المحيطين بهن، فيمكنهن نقلها إلى ذريتهن في الرحم عبر المشيمة (..) ما يعني أن النساء وأطفالهن يبقون على قيد الحياة بشكل أفضل إذا قامت أجسام الأمهات باستجابة مناعية قوية لمسببات الأمراض، لحماية النسل بأكبر قدر ممكن من الفعالية”.
ويستدرك توريس بالقول إن النساء يمكن أن يدفعن في بعض الأحيان ثمنا صحيا مؤلما لهذه القدرة على حماية أطفالهن الذين لم يولدوا بعد.
أما بالنسبة للرجال فيمكن أن يدفعوا ثمنا باهظا بسبب استجاباتهم المناعية الأضعف، وهذا يمكن أن يذهب إلى ما هو أبعد من “إنفلونزا الرجال”، حيث “ينتجون استجابة أضعف ويكونون أكثر عرضة لخطر الإصابة بالعديد من أنواع السرطان مقارنة بالنساء. وهذا لأن الاستجابة المناعية الأضعف تعني أن مسببات الأمراض قادرة على إصابة الرجال لفترة أطول، ما يمنح الفيروسات أو البكتيريا مزيدا من الوقت للتلاعب بجينات الخلايا التي تصيبها. وهذا يساعد على انتشار العدوى عبر أجسام الرجال، ولكنه يزيد أيضا من خطر تكاثر الخلايا بسرعة خارج نطاق السيطرة والتحول إلى سرطان”، وفقاً لأوبيدا دي توريس.