على الرغم من إعلان بشار الأسد رفع سقف الرواتب المقطوعة والزيادات المالية للموظفين العاملين ضمن القطاع الحكومي من مدنيين وعسكريين بنسبة 100% منتصف شهر آب الماضي، إلا أن تلك الخطوة ما تزال بعيدة كل البعد عن الاكتفاء المالي للموظفين.
وأفاد مراسل “حلب اليوم” في حمص بأن العديد من الموظفين لجأ إلى أساليب (ملتوية) تمكنهم من عدم المواظبة على الدوام الرسمي والخروج بحثاً عن عمل وتجارة شخصية توفر لهم مردوداً أكثر وفرة لسدّ احتياجاتهم الأسرية.
كما أكد لجوء العديد من الموظفين ضمن الدوائر الحكومية للاستغناء عن رواتبهم الشهرية لصالح مدراءهم ورؤساء أقسامهم العاملين ضمنها مقابل التستر على الغيابات غير المشروعة، بعدما أوقفت معظم المديريات العامة ظاهرة الإجازات المقطوعة بدون راتب شهري باستثناء بعض الحالات الخاصة.
ويضمن ذلك لهؤلاء الموظفين البقاء على رأس عملهم شكلياً منتظرين بالمقابل الوصول إلى مرحلة التقاعد لتقاضي المعاش التقاعدي.
وأشار مراسلنا إلى أن مجرد الحديث عن عملية رفع الأجور الشهرية للموظفين بات أمراً يرعب الموظفين وباقي الشرائح المجتمعية، إذّ أنه وعقب كل إعلان عن رفع سقف الرواتب للموظفين يتم العمل على رفع أسعار معظم المواد الأساسية ومن أبرزها المواد الغذائية محلية الصنع بالإضافة للمشتقات النفطية التي تشكل بالدرجة الأولى عصب الحياة المعيشية والاقتصادية في الداخل السوري.
وقال “مجد.ط” أحد موظفي مصفاة مدينة حمص؛ خلال حديثه لحلب اليوم: إن الموظفين العاملين ضمن قطاع المصفاة بشكل خاص يعانون من ضعف الرواتب المالية على الرغم من الزيادات التي تمّ الإعلان عنها مؤخراً، وذلك بسبب التدهور الاقتصادي وغلاء الأسعار الذي تشهده معظم المحافظات السورية خلال الفترة الراهنة.
وأضاف أنه على الرغم من المناشدات المتكررة التي يقوم بها عمال المصفاة لوزير النفط ضمن حكومة اﻷسد المهندس بسام طعمة للنظر بشكل جدي إلى ما آلت إليه أوضاعهم إلا أن الأخير دائماً ما يرد خلال زياراته المتكررة للمصفاة بأن طلبتاهم قيد الدراسة وسيتم الإعلان عنها أصولاً في وقت لاحق، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن الوجبة الوحيدة التي كانت مقررة بحقهم تم إيقاف تسليمها لهم لأسباب غير معلنة.
وبحسب مصادر مطلعة فإن التهميش الذي طال موظفي المصفاة من داخلها قَسم الموظفين إلى قسمين رئيسيين؛ الأول منهم لجأ للعمل على سرقة البنزين والمازوت بواسطة كالونات بشكل يومي من أجل بيعها لتجار البسطات على مقربة من أسوار المصفاة بهدف زيادة مدخولهم الشهري، بينما توجّه القسم الآخر ممن يمتلك مهنة أو عملاً خاص به للتخلي عن راتبه الشهري لصالح رئيس القسم من أجل التستر عن الغياب الكامل عن الدوام.
ويعمل رؤساء الأقسام على سدّ النقص الحاصل في عدد الموظفين من خلال إبرام اتفاقات مع ورديات من العمال لتغطية العمل المطلوب مقابل التستر بدورهم على السرقات التي تحصل داخل المصفاة.
ولم يكن موظفو قطاع النفط وحدهم الذين قرروا التخلي عن رواتبهم مقابل عدم الالتزام بالدوام الفعلي، حيث شهد القطاع التعليمي بدوره ذات الظاهرة بعدما لجأ عشرات المدرسين للعمل على افتتاح معاهد خاصة بهم ووفروا لها الوقت اللازم من أجل الوقوف على استمرارها مستقطبين الطلاب الراغبين بإكمال دراستهم ضمنها بعدما غابت الكفاءات من المدرسيين بين من قرر الهجرة ومن قرر البحث عن مورد مالي أفضل من ذلك الذي يحصل عليه من حكومة الأسد.
أمثلة عديدة يشرحها المدرس حسام.ح الذي قرر العمل على افتتاح معهد خاص به رفقة عدد من زملاءه المدرسين الذين – بحسب وصفه – لم ينكروا أن هذه الخطوة (غير مهنية) وأن ترك الطلاب لغير الكفاءات سيتسبب بضياع مستقبلهم لا سيما أن هناك شريحة واسعة من الطلاب لا تمكنهم مقدراتهم المالية من الالتحاق بدورات المعاهد الخاص، إلا أن واقع الحياة الصعب الذي يعاني منه موظفو القطاع التعليمي أجبرهم على اتخاذ هذه الخطوة والتي ينوب عنها فقط التفكير بشكل جدي بالهجرة خارج البلاد.
يذكر أن رواتب الموظفين ضمن القطاع التعليمي تتراوح قيمتها ما بين 225 و 350 ألف ليرة سورية وذلك بحسب درجات السلم الوظيفي المحدد من قبل وزارة التعليم، بالوقت الذي ما تزال به رواتب القطاع النفطي هي الأدنى مقارنة بباقي الموظفين ضمن الدوائر الحكومية، بحسب المراسل.