يصادف اليوم الجمعة الذكرى السنوية الثانية عشر لانطلاق قناة “حلب اليوم” الفضائية، وسط صعوبات وتحديات مستمرة في المشهد السوري، تركت آثارها على الملف اﻹعلامي؛ فيما لا تزال تحاول إيصال صوت السوريين ونبض الشارع للعالم العربي بأسره.
تطور وعقبات
أعلنت القناة عن انطلاقة جديدة شملت سلسلة من البرامج الاجتماعية والسياسية والمنوعة ضمن استديو جديد ورؤية بصرية جديدة، وذلك في الذكرى التاسعة لانطلاقتها، لكن الآثار المدمرة التي تركها زلزال شباط الفائت كان لها أثر قوي على سير الخطة.
وحول تبعات تلك الفترة خلال الشتاء الماضي أوضح “م. خليل آغا” مدير عام قناة حلب اليوم أن مكتبيها الرئيسيين في غازي عنتاب جنوبي تركيا وأعزاز شمال سوريا تضررا جراء الزلزال، وبالنسبة لموظفي أعزاز فقد تحولوا إلى العمل الميداني من أول هزة وأصبح كل منهم يصور ويرسل لفريق نشر على منصات التواصل الاجتماعي.
أما في غازي عنتاب فقد عمل الكادر من مكان لجوءه مع عائلته أو حتى من الطريق ومن الموبايل، وقد ركزت القناة على نشر الأخبار وتحديثاتها الهامة والحيوية للناس كانقطاع الطرق أو المناطق الخطرة التي تحوي مباني آيلة للانهيار، أو بالعكس أي تحديد المدن الخالية تقريباً من الأضرار والتي تعتبر آمنة، وحاجات فرق الدفاع المدني وطواقم الإسعاف الطبي، وإعلانات المجالس المحلية للمدن الأكثر تضرراً كمجلس جنديرس.
وأشار “آغا” إلى أن القناة تواصلت مع نقابة المهندسين السوريين الأحرار لتقييم أضرار مكتب أعزاز وتقديم خطة فنية للترميم العاجل بما يكفل أمان العاملين فيه، وقد تم إصلاح المطلوب في مبنى مكتب أعزاز خلال يومين، وعاد العمل فيه، أما مكتب “غازي عنتاب” فقد استمر عمل موظفيه من أماكن تواجدهم، وغادر بعضهم الولاية، ولم يعد العمل إلى مكتب “غازي عنتاب” لما بعد حوالي شهر من الزلزال.
وأضاف مدير القناة أن بعض أعضاء مجلس الإدارة تفقدوا مكتب غازي عنتاب في الأيام الأولى للزلزال، ودخل البعض الآخر إلى أعزاز لتفقد المكتب هناك والإشراف على خطة الصيانة له، وزيارة المناطق الأكثر تضرراً وأمضوا عدة أيام داخل سوريا.
وفقدت القناة أحد العاملين فيها وهو “أحمد أبو موسى” في اليوم الأول للزلزال، حوالي الساعة الواحدة ظهراً، والذي قضى بانهيار مبنى أقربائه الذين كان يزورهم في ولاية مرعش التركية.
وكانت أسرة الزميل أحمد ابو موسى تعيش داخل أعزاز، وقد تولت القناة ابلاغ أسرته ومتابعة شؤونهم، وإقامة واجب العزاء في مكتبها، حيث أشار “آغا” إلى أن الزلزال أصاب جميع العاملين في القناة ومكتبيها، وأفقدها أحد أقدم كوادرها.
تجاوز المحنة
يؤكد مدير القناة أن ما ساعدها على تجاوز المحنة، هو “الإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع وبأهمية الإعلام في الكوارث والأزمات، والذي انعكس في روح المبادرة والاجتهاد في خدمة الناس”، إلى جانب “المرونة في العمل بالوسائل المتيسرة”.
كما أشاد بروح فريق العمل حيث كان الكل يساهم بما يستطيع بصرف النظر عن دوره ومنصبه الوظيفي، كما أن “وجود الإدارة بين الموظفين ومعهم في الأزمات يرفع الحالة المعنوية للعاملين”، وكان هذا من بين أسباب اختيار “حلب اليوم” فتح مكتب لها في أعزاز.
ويمضي “اﻵغا” بالقول: إن “حلب اليوم مؤسسة سورية بوصلتها السوريون ومهمتها خدمتهم.. فمنذ اليوم الأول لانطلاقها من داخل مدينة حلب، كانت تعيش بين السوريين وتعاني مما يعانون، تحس بهم وتوصل صوتهم”.
خلال فترة الزلزال خسرت قناة حلب اليوم الأستاذ “مصطفى عبد الله” أحد أبرز مقدميها، إثر وفاته بأزمة قلبية، ليكون خسارة كبيرة تضاف إلى خسائر القناة، وكان “عبد الله” وجها معروفا ومحبوبا بين السوريين.
وبرغم انتقال مكتب القناة الرئيسي إلى تركيا، إلا أن القناة أبقت دائماً مكتباً لها داخل سوريا، حيث كان المكتب الأول لها داخل مدينة حلب في الجزء المحرر منها وكان يضم أكثر من ١٦ موظفاً.
وبعد تهجير أهل حلب، انتقل مكتب القناة إلى مدينة الأتارب في الريف الغربي لحلب، ثم انتقل المكتب إلى مدينة أعزاز شمال حلب، وهناك قامت القناة بإعادة تجهيز الأستوديو، وأضافت له التقنيات الموجودة في مكتب “غازي عنتاب” منذ عام ونصف تقريباً.
وقال مدير القناة إنه “تم وضع هدف أن تكون تجهيزات ومعدات مكتب أعزاز مناظرة لتلك الموجودة في مكتب غازي عنتاب بالكامل، وخلال عدة أشهر تم تحقيق الهدف بفضل الله عز وجل.. أما على الصعيد البشري فقد تم وضع هدف أن تحوي كل الأقسام كادراً في مكتب أعزاز، وقد تحقق ذلك بالتوظيف والتدريب والإشراف والمتابعة”.
وتمّ منذ عدة أشهر تحويل عدة أقسام لتكون موجودة فقط في الداخل، واليوم هناك ثلاثة أقسام موجودة فقط في الداخل ولايوجد أي موظف فيها ضمن مكتب غازي عنتاب ما عدا رئيس القسم أو نائبه أحياناً، والذين تحول عملهم بالكامل ليكون مع فريق الداخل.
ويؤكد “اﻵغا” أن “حلب اليوم ماضية في خطتها للتحول إلى الداخل السوري مع الاستفادة من الخبرات الطويلة التي تراكمت في مكتب غازي عنتاب”، واختتم بالقول: “قناة حلب اليوم للسوريين وستبقى بينهم بإذن الله”.
من تغطية مظاهرات حلب إلى منبر للسوريين
شكّلت القناة مع أخواتها من المنابر اﻹعلامية السورية الحرة سدّاً أمام مساعي النظام وأبواقه وقنواته الإعلامية لتشويه صورة الثورة إعلامياً ونشر اﻷكاذيب لتبرير جرائمه، حيث عاشت القناة وطاقمها كل المراحل التي عاشها السوريون، وغطّت إعلامياً أبرز أحداث الثورة السورية.
وكانت المصدر الرئيس لأخبار مظاهرات حلب وريفها في المرحلة السلمية للثورة وأبرز أخبار المناطق السورية الأخرى، في شمال وجنوب وشرقي البلاد.
ولم تكتف “حلب اليوم” بالتغطية الميدانية بل واكبت آخر التطورات السياسية السورية، ومع دخول الثورة السورية مرحلة “اللا عودة”، كانت مصدراً للمعلومات لدى معظم أطياف الشعب السوري، حيث غطت اﻷخبار؛ من خنادق الثوار في المعارك إلى الساحات السياسية الإقليمية والعالمية.
وقدّم بعض صحفييها في مسعاهم ذاك أنفسهم فداءً حيث اعتقلت سلطة اﻷسد العديد من مراسليها كالزميلين “أصلان الخطيب” و”ثائر” ولاحقت غيرهم، واستهدفت آخرين بالرصاص والقصف كالزميل “باسل أبو حمزة”، كما تعرض مراسلون ومصورون للخطف من قبل تنظيم الدولة كالزميلين “عمار الحلبي” و”أحمد أبو وسام”، واغتيال التنظيم معد ومقدم البرامج في القناة الزميل “زاهر الشرقاط”، وقتل الزميل “أبو يزن الحلبي” باستهدافه بمفخخة في ريف حلب الشمالي.