وصلت أسعار الزيتون وزيته إلى الضعف مقارنةً بها في العام الماضي، خلال الموسم الحالي، في شمال غربي البلاد، وذلك بالدولار اﻷمريكي وبغض النظر عن سعر تصريف العملة المتداولة محلياً، مدفوعةً بتغيرات عالمية.
وحقّق زيت الزيتون ارتفاعاً عالمياً منذ عدة أشهر، حيث تجاوز سعر “التنكة” سعة 16 لتراً في الشمال السوري حاجز الـ 80 دولار أمريكي، فيما لم يُفلح صدور الموسم الجديد بتخفيضه سوى مؤقتاً ولبضعة أيام، قبل أن يعود ﻷسعاره المرتفعة ويتجاوز حاجز الـ90$.
يقول محمد سلام لـ”حلب اليوم” إنه يعمل عادة في قطاف الزيتون كل موسم، فهو “فاعل” لا يجيد سوى العمل في اﻷراضي الزراعية رغم الأجر الزهيد.
ويوضح العامل القروي البسيط من ريف إدلب الجنوبي أنه اعتاد اﻷجور المنخفضة التي بالكاد تكفيه ثمناً للطعام، إلا أن ما أثار استياءه في هذا الموسم هو بقاء أجرة العامل منخفضة رغم التغيرات المتلاحقة في سعر صرف الليرة التركية.
يتقاضى سلام أجراً يومياً قدره 70 ليرة، وهو ما يعادل 2.5 دولار أمريكي، ويتقاضى غيره من الفتيان أجراً وقدره 50 ليرة، وهو ما يكاد يكفي ثمناً لوجبة غداء واحدة بسيطة معدة لشخصين أو ثلاثة؛ كما يؤكد أحدهم.
ومع ارتفاع أسعار الزيت تضاعفت أرباح المزاعين، حيث أصبح بإمكانهم جني أموال أكثر ودفع أجور أعلى، لكنّ أحداً من المزارعين لم يزد على تلك اﻷجرة، فيما يجد العامل نفسه مضطراً للقبول، بدلاً من الجلوس بلا عمل.
تقول “أم محمد” إنها تقترب من سنّ الخمسين بجسدها النحيل، وتشكو من أمراض عدةّ، وبينما تعمل تحت هذه الظروف والضغوط لا تكاد تستطيع سدّ رمق اﻷسرة مع عمل زوجها البسيط في المياومة.
وتُشير المرأة المُهجّرة من ريف حماة الشرقي إلى أن صاحب الكرم الذي تعمل فيه حالياً سيجني مبالغ طائلة من اﻷشجار المزروعة على مساحة تمتد لنحو 20 هكتاراً، وتقول إنها سمعت من أحد المقربين منه تقديراتٍ بأنه موسمه الحالي سيتجاوز الـ50 ألف دولار، لكنه ورغم ذلك لا يرضى بزيادة أجرة العامل عن 70 ليرة.
وتؤكد “أم محمد” أن هذا يعني بقاء أبناءها بلا دواء إذا مرضوا، وهو ما يحدث بالطبع مع اﻷجواء الباردة في الخيمة المهترئة التي تقطنها، ومع غياب وسائل التدفئة باستثناء ما جمعته من بلاستيك وأعواد خشبية خلال الصيف.
إلى ذلك فإن عمل “الفاعل” في اﻷراضي الزراعية بالشمال السوري، غير مضبوط بأية قوانين أو إجراءات تحفظ حقّ العامل من حيث قبض اﻷجرة أو حقه في المعالجة والطبابة إذا تعرض ﻹصابة أو التعويض في حال أدت للضرر.
تُمثل كل من إدلب وعفرين خزانين كبيرين للزيت والزيتون الذي يتم إنتاجه كل عام، وهو من أجود اﻷصناف العالمية، وبالرغم من ذلك يعجز كثير من السكان عن شراءه نظراً لارتفاع سعره، وهو ما يثير استياء السكان المحليين الذي يطالبوه كلاً من حكومتي “اﻹنقاذ” و”السورية المؤقتة” بمنع تصديره.