تفرض الحكومة اﻷلمانية قيوداً صارمة على المحتوى المؤيد للفلسطينيين في شبكات اﻹنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، كما تحذّر من تعرض أي شخص يعلن اعتراضه على المجازر للعقوبة، بما في ذلك الترحيل.
وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر، اﻷسبوع الماضي، إنها تؤيد طرد داعمي حركة المقاومة الإسلامية حماس من بلادها، اﻷمر الذي وافقها عليه زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بل طالب أيضاً المسلمين في البلاد بإدانة المقاومة الفلسطينية.
وقالت فيزر لصحيفة “بيلد إم زونتاج” الألمانية الأسبوعية: “سوف نستخدم جميع السبل القانونية لطرد داعمي حماس”، فيما قال رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك بالائتلاف الحاكم لارس كلينجبايل إنه ذا كان الشخص الذي يحتفل بحماس في الشوارع الألمانية لا يحمل الجنسية الألمانية “فيجب حينئذ طرده من البلاد”.
ويؤكد سوريون أن المحتوى المؤيد لفلسطين يتعرض للتقييد على منصات التواصل الاجتماعي، فضلاً عن تهديدات وجهت لصانعي المحتوى بسحب الجنسية أو الإقامة، وقال صانع المحتوى السوري – اﻷلماني نبراس عقيل في مقطع مصور على “فيس بوك” حُذف لاحقاً إن حسابه في تطبيق “واتساب” توقف عقب تلقيه رسالة تتعلق بأحداث غزة.
من جانبها نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية مقال رأي ينتقد تشديد الحكومة اﻷلمانية القيود على حرية التعبير، وقال الصحفي “هانو هوينشتاين” تحت عنوان “على ألمانيا أن تواجه قضاياها المتعلقة بإسرائيل والماضي، لأن إسكات الكُتَّاب الفلسطينيين لن يجدي نفعاً”؛ إنه في المجتمع الألماني اليوم، يُنظر إلى دعم إسرائيل على أنه شرط أساسي لهوية ألمانية جماعية حديثة البناء.
وأضاف: “في حين أن درجة من الحساسية تجاه إسرائيل تبدو مفهومة بالنظر إلى تاريخ ألمانيا الوحشي المعادي للسامية، فقد أصبحت القضية أكثر إشكالية في السنوات الأخيرة، ويتعرض الفلسطينيون والفنانون وأمناء المعارض للتوبيخ أو الطرد أو إلغاء معارضهم الفنية بشكل منتظم، من قبل ما يسمى بالجنوب العالمي، والإسرائيليين اليساريين، بسبب آرائهم حول السياسات الإسرائيلية التي تعتبر غير مستساغة”.
وذكر الكاتب “مثالاً على هذه السخافات” قضية الكاتبة والأديبة الفلسطينية عدنية شبلي، صاحبة كتاب رواية “ماينور ديتيل” (تفاصيل صغيرة)، التي تحكي القصة الحقيقية لاغتصاب جندي إسرائيلي لفتاة بدوية فلسطينية عام 1949 ثم قتلها بعد ذلك، حيث تولت دار “فيتزكارالدو” المعروفة نشر الكتاب عام 2020، وأُدرج في القائمة الطويلة لجائزة البوكر الدولية، كما فاز الكتاب بجائزة الأدب الألمانية لعام 2023، وهي جائزة للكاتبات من أفريقيا أو آسيا أو أمريكا اللاتينية أو العالم العربي.
ولكن نتيجة للأحداث الدائرة في غزة – يضيف هوينشتاين – قرر المنظمون تأجيل حفل تكريم شبلي، الذي كان مقرراً في معرض فرانكفورت للكتاب في 20 أكتوبر/تشرين الأول، و”لا شك أن هناك علاقة بين إلغاء حفل توزيع جوائز شبلي والحساسيات الألمانية”.
واستعرض الكاتب العديد من اﻷمثلة على التعاطف مع اﻹسرائيليين وملاحقة كل من ينتقدهم تحت شعار “معاداة السامية”، مؤكداً أن تلك اﻷحداث “ليست اختزالية بشكل صارخ فحسب، بل إنها أيضاً هزيمة ذاتية سياسيا ومعادية للأجانب في الأساس”.