تحتفي وسائل إعلام سلطة اﻷسد بزيارة اﻷخير إلى الصين، وتروّج لكونها نقطة انعطاف مهمة تتضمن توقيع “اتفاقات إستراتيجية”، فيما قالت وكالة “شينخوا” الصينية الرسمية إنه أتى لحضور مراسم افتتاح دورة الألعاب الآسيوية الـ19 يوم السبت الفائت، ولم تزد على ذلك.
واعتبر فيصل المقداد وزير خارجية اﻷسد في تصريحه للوكالة، أن الزيارة تمثل “قفزة جديدة” في تاريخ العلاقات بين الجانبين، متحدثاً عن تغيرات في التوازنات الدولية وما إلى ذلك.
اﻷسد وصل برفقة زوجته أسماء وفيصل المقداد يوم الخميس إلى مدينة هانغتشو، حاضرة مقاطعة تشجيانغ شرقي الصين، والتي تشهد دورة اﻷلعاب، دون وفود اقتصادية مرافقة له، رغم حديث وكالة “سانا” عن “وفد رفيع المستوى” حيث لم يظهر أي مسؤول ذو أهمية.
ولفت إلى ذلك المستشار والخبير الاقتصادي أسامة القاضي في إفادته لـ”حلب اليوم” حيث قال إن هذه زيارة سياحية لعائلة اﻷسد حيث قضى اﻷخير أسبوعاً سياحياً وترك السوريين يعانون الفقر، ولم يرافقه أي مسؤول اقتصادي بل “أخذ زوجته أسماء كونها الوكيل الحصري لما تبقى من اقتصاد البلاد”.
في المقابل قال الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الجمعة الفائت، إن بلاده “ستدعم إعادة إعمار سوريا”، في إعلان هو الأول من نوعه، اﻷمر الذي رأت فيه وكالة الصحافة الفرنسية “خطوة تضاف إلى محاولات كسر العزلة الدبلوماسية عن الأسد”، ووضعها محللون غربيون في إطار “مبادرة الحزام والطريق”.
ويرى المحلل الاقتصادي السوري أن “الإعلان الصيني لا يعدو كونه تصريحاً إعلامياً يتمحور حول شعار “الوفوف ضد اﻹمبريالية الغربية” ولا مصلحة فعلية للصين في سوريا”، بالنظر إلى الواقع المعقّد فيها.
وأضاف القاضي في حديثه لـ”حلب اليوم“: إن أرادت الصين الاستثمار فعليها الحوار مع الروس واﻹيرانيين، وليس مع اﻷسد الذي لم يعد يملك شيئاً من اﻷصول السورية.
وقالت وكالة أنباء سلطة الأسد “سانا” إن الزيارة “تضمنت توقيع ثلاث وثائق تعاون، منها مذكرة تفاهم تتعلق بالتعاون في إطار مبادرة “الحزام والطريق”، دون إيضاح التفاصيل، وهو ما شكّك به اﻷخير مؤكداً أنه “لايمكن للصين اﻵن إعادة إعمار سوريا ولا ترغب بذلك، وليست هناك شركات تحترم نفسها تستعد للدخول في سوريا والتعرض للعقوبات”.
وذكر القاضي على سبيل المثال شركة “هواوي” التي عرض عليها الدخول للسوق السورية لكنها رفضت لعدم وجود أي محفز بل على العكس هناك معوقات، ولا تريد شركة لها استثمارات في العالم كبيرة جداً ودخلها يتجاوز المئة مليار دولار أن تخاطر بسمعتها من أجل “سوق صغيرة مثل السوق السورية.. بل سوق لـ63% فقط من اﻷرض السورية”.
ومضى المستشار الاقتصادي بالقول: “طالما هناك عقوبات اقتصادية فلن تدخل الصين سوريا وليس عليها أن تحاور الأسد إذا كانت ترغب بذلك، بل عليها أن تحاور الروس واﻹيرانيين ﻷنهم الوكيل الحصري للأصول السيادية السورية”.
وحول كون الاتفاقات مرتبطة بخطة الحزام والطريق الصينية، قال القاضي إن تلك الخطة “تهتم بالمرافئ والمطارات، ولكن المرافئ السورية الثلاثة طرطوس واللاذقية وبانياس تدار من قبل روسيا حصراً ولا علاقة للأسد بها وباقي اﻷصول السيادية أعطيت ﻹيران”، وقد “وقع اﻷسد أكثر من 60 اتفاقية مع الروس شملت النفط والفوسفات، وكل اﻷصول السيادية فوق وتحت اﻷرض والبحر هي للروس”.
وفيما يحاول اﻷسد أن يبدو وكأنه أحدث خرقاً في السياسة الدولية، تحدّث اليوم الاثنين – لا يزال في الصين حيث تنتهي الزيارة يوم اﻷربعاء – عن “التمسك بالتوجه شرقاً لأنه الضمانة السياسية والثقافية والاقتصادية بالنسبة لسوريا”، وهو ما رآه مراقبون مجرّد رسائل تهدف لتهدئة مخاوف الموالين بشأن الانهيار الاقتصادي المتسارع.
ووفقاً لتقارير سابقة متقاطعة فقد قاد وزير الخارجية للروسي سيرغي لافروف حملة دبلوماسية ﻹقناع دول الخليج العربي بالتطبيع دبلوماسياً وسياسياً واقتصادياً مع اﻷسد بهدف إنعاشة وإعادة إعمار مناطق سيطرته، وهو ما نجح فيه باستثناء الشق اﻷخير، حيث أحجمت الشركات اﻹماراتية عن الاستثمار في بلد يخضع للميليشيات اﻹيرانية والسيطرة المتقاسمة مع روسيا.
يشار إلى أن إيران تواصل الاستحواذ بخطوات ثابتة على مفاصل ما تبقى من حكومة سلطة الأسد، وتحرص على الاستثمار في جميع المجالات، بينما يغادر التجار ورجال اﻷعمال السوريون البلاد.