أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان استمرار عمل المحاكم الميدانية التابعة لقوات اﻷسد بالرغم من ادعاء اﻷخير إلغاءها عبر قوانين جديدة، منوهةً بأن ذلك اﻹجراء مجرد خطوة التفافية.
وفي تقرير بعنوان “محاكم الميدان العسكرية أداة قتل وإخفاء بيد اﻷسد ضد النشطاء والمعارضين”، أشارت الشبكة إلى أنَّ سلطة اﻷسد نفذت عقوبة الإعدام ضد 7872 شخصاً، من بينهم 114 طفلاً و26 سيدة من أصل ما لا يقل عن 14843 حكماً بالإعدام سجلت الشبكة السورية صدوره عن محاكم الميدان العسكرية.
وأشار التقرير إلى أن هناك ارتباطاً تنظيمياً وثيقاً بين عمليات الاختفاء القسري ومحاكم الميدان العسكرية، حيث يحاول اﻷسد إغلاق ملف المختفين قسرياً بلا رجعة.
وأكدت الشبكة أنه على الرغم من إصدار سلطة اﻷسد في 3/ أيلول/ 2023 المرسوم التشريعي رقم 32 للعام 2023 القاضي بإنهاء العمل بمرسوم سابق يتضمن إحداث محاكم الميدان العسكرية، وإحالة جميع القضايا إلى القضاء العسـكري لإجراء الملاحقة فيها وفق أحكام قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسـكرية الصادر عام 1950 وتعديلاته، إلا أن “الشبكة السورية لحقوق الإنسان تعتقد أن هذا الإلغاء يأتي ضمن السياسة والإجراءات التي تتبعها سلطة اﻷسد لطي قضية المختفين قسرياً والالتفاف عليها”.
وأكدت أن إصدار مراسيم العفو الوهمية وتوفية المختفين قسرياً في دوائر السجل المدني تندرج ضمن تلك الخطة إلى جانب غيرها من الإجراءات التي ستقوم بها مستقبلاً، حيث يوضح التقرير أن إحداث محاكم الميدان العسكرية في سوريا، وتطورها التاريخي، وتشكيلها، واختصاصها، خاضع للهيمنة المطلقة من قبل بشار اﻷسد ووزير دفاعه، مع “عدم مراعاتها أبسط ضمانات المحاكمة العادلة كحق الدفاع والمحاكمة العلنية، أو إمكانية الطعن بأحكامها، إضافةً إلى عدم خضوع قضاتها للسلطة القضائية لجهة التعيين والنقل والتفتيش والتأديب”.
وتُعد المحكمة العسكرية “أحد أذرع اﻷسد ووزارة الدفاع والأجهزة الأمنية في حكم الدولة وسحق الأفراد المشاركين بأي نشاط مناوئ للسلطة”.
ووثق التقرير ما لايقل عن 14843 حكماً بالإعدام صدر عن محاكم الميدان العسكرية في سوريا منذ آذار/2011 وحتى آب/2023، خُفِّض منها لعقوبة السجن/الاعتقال المؤقت أو المؤبد مع الأعمال الشاقة ما لا يقل عن 6971 حكماً ولا يزال معظمهم في مراكز الاحتجاز.
ونُفذت عقوبة الإعدام ضد 7872 شخصاً آخرين، من بينهم 114 طفلاً و26 سيدة و2021 منهم من العسكريين، جميعهم لم تُسَّلم جثامينهم لذويهم، ولم يتم إخطار ذويهم بإعدامهم بشكل رسمي.
وأكد التقرير أن هذه الحصيلة تمثل الحد الأدنى من عمليات الإعدام الحقيقية التي طُبقت ضد المعتقلين والمختفين قسرياً في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات اﻷسد، كما وثق ما لا يقل عن 96103 شخصاً بينهم 2327 طفلاً و5739 سيدة، لا يزالون قيد الاختفاء القسري في مراكز الاحتجاز منذ آذار/ 2011 حتى آب/ 2023.
ومن بين حصيلة المختفين ما لا يقل عن 24047 مختفٍ قسرياً بينهم 98 طفلاً و39 سيدة، حصل ذووهم على معلومات عن إحالتهم لمحكمة الميدان العسكرية عبر الناجين من مراكز الاحتجاز أو عبر وسطاء ولم يتمكنوا من تحديد مصيرهم أو الحصول على أدنى معلومات عنهم منذ اختفائهم.
وأشار إلى أن هذه الحصيلة لا تتضمن المعتقلين/المحتجزين الذين لا زالوا يخضعون لمحاكم الميدان العسكرية ويحتجزون ضمن السجون المدنية والمركزية المنتشرة في المحافظات السورية.
وذكر التقرير أن آلية احتجاز المعتقلين وإحالتهم إلى محاكم الميدان العسكرية تستند إلى قرارات الأجهزة الأمنية التي منحت صلاحيات غير محدودة للتعامل مع من احتجزتهم على خلفية الحراك الشعبي نحو الديمقراطية منذ آذار/2011 شملت هذه الصلاحيات ممارسات التعذيب والاختفاء القسري وتوجيه التهم للمعتقلين بناءً على المعلومات التي انتزعتها منهم تحت التعذيب.
وأضاف أن سلطة اﻷسد وضعت محددات وإجراءات لضبط هذه الصلاحيات الواسعة للحفاظ على بنية أجهزته الأمنية وعدم انتقالها للعمل العشوائي، وقد استعرض التقرير أخطر وأهم الجرائم التي تصل عقوبتها للإعدام والتي يرجح أن المحكمة تنظر فيها وفقاً لأحكام المادة 47 من قانون العقوبات العسكري، ومن قانون العقوبات العام، وأشار إلى أن الشبكة حصلت على العديد من الوثائق التي تظهر أن محاكم الميدان العسكرية تنظر كذلك بأحكام قانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 2012.
وأكد التقرير أن هناك ما لا يقل عن 20 جرماً يعاقب عليه بالإعدام وفق قانون العقوبات العسكري وقانون العقوبات العام تم توجيهم بكثافة ضد المعتقلين والمختفين قسرياً وقامت سلطة اﻷسد باستثنائها من مراسيم العفو الـ 22 الصادرة عنه وقامت بتشميل عدد محدود جداً منها لمرة واحدة أو مرتين طوال الاثني عشر عاماً الماضية.