أعدت وكالة الصحافة الفرنسية تحقيقاً مفصلاً حول طرق تهريب البشر من سوريا حتى أوروبا موضحةً أنها محفوفة بالمخاطر والانتهاكات بما يجعل من السوريين ضحية لجشع تجار البشر.
ويبدأ خط التهريب الأول بمناطق سلطة الأسد من دمشق إلى بيروت ومنها إلى القاهرة ثم إلى بنغازي الليبية ومن ثم إلى إيطاليا بحراً، ويكون الخط الثاني من مطار دمشق إلى بنغازي ومنها إلى إيطاليا بحراً، وفقاً للتحقيق.
أما خط التهريب من مناطق الشمال السوري فيبدأ من خلال “إدراج أسماء الراغبين بالهجرة على قوائم مقاتلين يرسلون إلى ليبيا دعماً لحكومة طرابلس”، وقالت الوكالة إن الراغبين بالهجرة هناك ينضمون إلى معسكرات لفصائل ومنها إلى أضنة أو اسطنبول حيث يسافرون إلى طرابلس ويبحرون منها إلى إيطاليا مقابل 2000 دولار.
وأكد التحقيق أن مكاتب سفر في درعا تشكل واجهة لمهرّبين متخصّصين في تنظيم رحلة الهجرة حيث عرض أحدها تأمين “موافقة أمنية ليبية وتذكرة سفر واستقبال ونقل في ليبيا وإقامة في فندق وسترة نجاة وكلفة إبحار إلى إيطاليا” مقابل 6500 دولار أمريكي.
وقال مهرّب في محافظة درعا: “ننهي العمل كلّه عبر الهاتف.. إذا وافق الشخص على تفاصيل العرض، نطلب نسخة من جواز سفره ونحدّد مكاناً يضع فيه المبلغ المتفّق عليه، لسنا بحاجة لأن نلتقي أحداً”.
ويجزم مقدِّم العرض أن “المنامة لن تكون في مستودع أو مخزن”، وأنّ “بإمكان المسافر الاحتفاظ بحقيبته وهاتفه الخلوي، وهما أمران يجمع مهاجرون على أنه لا يتم الالتزام بهما”.
استهتار بأرواح وكرامات المهاجرين
ونقلت الوكالة عن أحد الشهود أنه تعرض ومن معه في ليبيا للإهانة والضرب فضلاً عن الاستهتار بأرواحهم من جانب مسلحين يعملون مع المهرّب، حيث ينطلق المهاجرون من سوريا إلى ليبيا فأوروبا، في رحلة محفوفة بمخاطر قد تكلّفهم حياتهم.
تبدأ الرحلة بتوجيه رسالة عبر الهاتف إلى المهرّب، قبل الانتقال إلى ليبيا للإبحار عبر المتوسط نحو المجهول، و”يعتمد السوريون المنهكون من مآسي الحرب على مهرّبين ينقلونهم من بلدهم إلى ليبيا الغارقة في أزماتها أيضاً، ليعبروا منها إلى وجهة أحلامهم، إن حالفهم الحظ ولم تبتلعهم مياه البحر الذي تعد منطقته الوسطى “أخطر طريق هجرة” في العالم”.
وتُعد ليبيا منطلقاً أساسياً لمهاجرين من دول عدة يبحرون على متن مراكب متهالكة ومكتظة من دون ما يكفي من الطعام والمياه ومن دون أبسط معايير السلامة.
في حزيران/يونيو الماضي، غرق مركب صيد انطلق من ليبيا وعلى متنه 750 شخصاً بينهم 141 سورياً على الأقل، قبالة شواطئ اليونان، لكن خفر السواحل أنقذ 104 ركاب منهم فقط.
يقول مهرّب كان قد بدأ نشاطه قبل نحو خمس سنوات، “في العام الأول، أخرجنا مجموعة واحدة، أما الآن فنخرج مجموعة كل شهر”، مضيفاً: “يبيع الناس منازلهم للمغادرة”.
ويروي أنه يحجز من سوريا تذاكر السفر وينظّم عملية الدفع لدى طرف ثالث، تكون أحياناً وفق مهاجرين، شركة صيرفة تتقاضى عمولة، وينصّ الاتفاق مبدئياً أن يتسلّم المهرب المال بعد وصول المهاجرين إلى وجهتهم.
وكانت السلطات اﻷلمانية قد أكدت في تقرير نشرته وزارة الداخلية منذ أيام أن معدل وفود طالبي اللجوء إليها زاد بنسبة 70% خلال العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق ولا يزال السوريون في المرتبة اﻷولى.